الإثنين 2013/09/16

آخر تحديث: 01:59 (بيروت)

القاهرة على جسر كوبنهاغن

الإثنين 2013/09/16
القاهرة على جسر كوبنهاغن
أجزاء من حائط القاهرة
increase حجم الخط decrease
 على الجسر المؤدي إلى منطقة "نوربوره" أو "الميناء الشمالي" في العاصمة الدانمركية كوبنهاغن، ثمة مظلة تشبه محطات الأوتوبيس، لكن ما أن يقترب منها المرء، حتى يتبيّن تحتها شاشة تفاعلية كبيرة، ويستطيع أن يقرأ فوق الشاشة "Cairo wall" .
حائط القاهرة أو "صندوق الدنيا" هو مشروع فني تفاعلي كان جزءاً من مهرجان صُوَر "images festival" الذي تقام دورته الثالثة هذا العام تحت عنوان "احتلوا اليوتوبيا"، واختير جسر نوربوره ليكون مكاناً للفعاليات الفنية المشتركة في المهرجان. والحي المقام على مدخله المهرجان هو ما يمكن تسميته بالحي المختلط في كوبنهاغن، يضمّ عدداً كبيراً من المهاجرين العرب والأفارقة والبلقانيين والباكستانيين، الأمر الذي يمنح المكان حيوية أكثر من باقي أحياء المدينة، ويدفع الكثير من الدنماركيين إلى السكن فيه لرخص أسعاره وتنوع خياراته بعكس باقي أحياء المدينة التي تلتزم طابعاً أكثر دنماركية وبالتالي أكثر دقة وتحديداً وانضباطاً وبشكل ما أكثر برودة.

وتقوم فكرة المهرجان على الاحتفاء بما هو بصري سواء كان أوروبياً أو من خارج القارة، لذا ضمّ المهرجان عدداً من فناني الشارع (وهم يختلفون عن فناني الغرافيتي) من مصر وأميركا اللاتينية، نفذوا أعمالاً فنية على الجسر، ورسموا على خلفيات أبنية عشرة في مختلف مناطق كوبنهاغن. كما ضمّ المهرجان مشروعاً فنياً قائماً على إعادة تدوير مخلّفات المهرجانات الموسيقية، إذ تتبعت مجموعة "remake" التي نفذت المشروع عدداً من المهرجانات الموسيقية في الدنمارك لجمع مخلفاتها (هل يجب الإشارة إلى اختلاف مخلفاتهم عن مخلفاتنا؟) وبنت فندقاً هو عبارة عن صناديق خشبية كبيرة، كل صندوق يعدّ غرفة يقيم فيها أحد الفنانين المدعوين إلى المهرجان، إضافة إلى مطعم صغير من خشب المخلفات، يقدم أطعمة أيضاً من مخلفات المهرجانات!
 
فكرة "حائط القاهرة" أو "صندوق الدنيا" تعتمد على خلق تفاعل بين المارة وبين المدينة التي يعيشون فيها. فعلى الحائط/الشاشة، الممتد 12 متراً تقريباً، صور لمدينة القاهرة، البعض منها تاريخي والبعض الآخر شخصي أو سياسي.. وهكذا. كما تساعد الشاشة التفاعلية في البحث عن مناطق بعينها أو أحداث بعينها، ويمكن لمشاهد الحائط أن يقوم بتنزيل صوره الخاصة للمدينة عبر بريده الإلكتروني، ويمكنه أن يعلق على صور بعينها، أو يلتقط صوراً لنفسه من الشاشة ذاتها.
 
"المشروع يعتبر جزءاً ثانياً من"حائط كوبنهاغن" الذي تم تنفيذه العام 2010، وبعد قيام الثورة بدأت فكرة تنفيذ حائط للقاهرة"، تقول أمنية عبد البر، مسؤولة المشروع الذي يشرف عليه معهد الحوار المصري الدنماركي، بالاشتراك مع متحف الفن في كوبنهاغن. وتكمل أمنية: "ما تشاهده هنا في كوبنهاغن هو ما يمكن أن تسميه مقدمة للمشروع، فمكانه الأساس يجب أن يكون في القاهرة، كي يكتسب المشروع معناه الحقيقي ويخلق تفاعلاً بين سكان القاهرة ومدينتهم، لكننا ما زلنا في طور البحث عن ممولين".
 
المادة المصورة التي يختزنها الحائط/الشاشة، جمعت بداية بشكل شخصي من عدد من الألبومات الشخصية لعدد من الأسر المصرية، وبعد ذلك تبرعت مؤسسة "المرأة والذاكرة" للدراسات النسوية بأرشيفها المصور، ويضم "برومو" المشروع، المعروض في كوبنهاغن الآن، حوالى ألفي صورة، وتتوقع أمنية الوصول إلى عشرة آلاف صورة قبل افتتاح المشروع في القاهرة.
 
يبدو المشروع كمحاولة لصياغة شكل جديد للمتحف، إذ يتمكن المار في الشارع من مشاهدة المدينة وتاريخها من منظور شخصي جداً، كما تبدو من صورة زفاف في الأربعينات مثلاً، أو مجموعة أصدقاء في جامعة مصرية في التسعينات، وأيضاً يمكن للمشاهد المشاركة في تكوين صورة المدينة عبر صوره الخاصة لما يشعر أنه القاهرة.
 
مكان المشروع المقام في الشارع، يثير أسئلة عن كيفية تعامل المتلقي المصري معه، وهل يختلف تعامل المتلقي الدنماركي في مشروع فني كهذا؟ سؤال بالتأكيد يفترض "حضارية" ما في التعامل الدانماركي، ويفترض العكس في التعامل المصري، لكن أمنية تقول: "بداية لا أظن أن الدنماركيين يتعاملون بشكل مثالي مع عمل مثل هذا، فأثناء عرض "حائط كوبنهاغن" اضطرت إدارة المشروع إلى وضع أسلاك شائكة فوقه كي يتوقف الشباب عن القفز فوقه واللعب عليه".
 
لكن السؤال يبقى حاضراً، في انتظار أن تحسم الإجابة عند جمع التمويل اللازم. وثمة اقتراحات عدة للمكان الذي سيستضيف "صندوق الدنيا" داخل القاهرة، مثل محطة القطارات الرئيسية في القاهرة ميدان رمسيس، أو في ميدان عابدين الذي يؤمن مساحة واسعة وهو أقل ازدحاماً مثلاً من ميدان التحرير، إضافة إلى ساحة دار الأوبرا المصرية في جزيرة الزمالك... ولا يُنسى العامل الأساس في حسم المقترحات: الأوضاع السياسية والأمنية في القاهرة التي يفرض عليها الآن حظر تجول ليلي.. فهل تكون للحظر صوره القاهرية أيضاً؟

اجزاء-من-حايط-القاهرة-2.png


 
 
increase حجم الخط decrease

الكاتب

مقالات أخرى للكاتب