الإثنين 2015/03/23

آخر تحديث: 16:06 (بيروت)

النظام وداعش يحاصران دير الزور

الإثنين 2015/03/23
النظام وداعش يحاصران دير الزور
بعد استلام التنظيم لجبهة المطار أصبح هناك إمداد يومي لقوات النظام، بالطيران من وإلى "مطار الدير العسكري"
increase حجم الخط decrease
لم يكُ تحرير دير الزور صعباً على أبنائها باعتبارها مدينة محاطة بالصحراء يصعب على النظام التمركز بها. كما أن ضيق أحيائها وعدم انتظام بنيانها، جعل كفة الميزان بحرب الشوارع تميل لصالح قوات المعارضة، حيث تم طرد قوات النظام من ريف المدينة بشكل كامل في العام 2012، ليتبعه تحرير ثلثي المدينة مع بداية العام 2013. لتصبح بذلك مدينة دير الزور تحت سيطرة الجيش الحر الذي انتقل للهجوم على مراكز جيش النظام بعد أن تحول إلى حالة الدفاع عن النفس. وبات جيش النظام متمركزاً في عدد من النقاط؛ هرابش والمطار العسكري وبعض الفروع الأمنية، مع بقاء سيطرته على حيي الجورة والقصور، والتي تركها الجيش الحر كملاذ آمن لسكان الأحياء المدمرة.

ورغم الطوق الأمني المجزوء على المدينة من الجهة الجنوبية، وقطع الطرق المؤدية إليها، ومنع قوات النظام للمواد الغذائية من الدخول، إلا أن المدينة تمكنت من تأمين الغذاء والمواد الطبية؛ وكان ذلك يتم إما عن طريق  الممرات التي يفتحها الجيش الحر من الريف باتجاه تركيا شمالاً، أو عبر التهريب من نهر الفرات إلى المدينة. كما لم تنقطع اللحوم والخضار عن السكان بفضل فتح طرق إمداد باتجاه المدينة من قرى الريف المجاور، والتي لعبت الدور الأكبر في مساندة الأهالي.

اتجهت انظار تنظيم الدولة الإسلامية، نحو دير الزور وأطلقوا عليها اسم "ولاية الخير" وذلك لوجود النفط في ريفها، والذي استخدم في تمويل التنظيم وشراء السلاح. كما أراد التنظيم فتح الطريق باتجاه العراق ليسهل عليه التنقل بين شطري "دولة الخلافة"، فهاجم بعض العشائر والكتائب من الجيش الحر، طالباً منها الخروج من المدينة أو تسليم سلاحهم أو مبايعته والقتال معه. رفض عدد من الكتائب شروط التنظيم، ودارت حرب طويلة راح ضحيتها مئات الأشخاص، بين مدنيين ومقاتلين، وكان لعشيرة الشعيطات النصيب الأكبر منها. وتمكن التنظيم من فرض هيمنته على المدينة، مع بقاء بعض الكتائب المقاتلة داخلها، بعد اجبارها على عقد اتفاق قسري مع التنظيم، من دون مبايعتها له، بشرط ألا ترفع أي علم ولا تصدر بيانات إعلامية، وتسلّم كافة معداتها من أجهزة كومبيوتر وكاميرات وأجهزة إنترنت فضائي..

سيطر التنظيم على القسم الأكبر من الريف، وفرض هيمنته على الطرق المؤدية إلى المدينة، كما أصدر فتوى بتكفير كل من ينتقل من الريف إلى المدينة بحجة أنها تحت سيطرة النظام ومن يدخلها فهو عميل. كما استلم التنظيم الجبهات التي كان يرابط عليها الجيش الحر محاصراً بها قوات النظام، وعلى رأسها جبهة "مطار الدير العسكري".

تضاءلت المواجهات مع النظام بعد انحسار الجيش الحر، فارتاح النظام وانتقل من مرحلة الدفاع إلى الهجوم، وأخذ يُشكل جهازاً رديفاً له من عشائر المدينة تحت اسم "جيش العشائر"، ويعدّه لمواجهة التنظيم والجيش الحر، تمهيداً لاستعادة السيطرة على المدينة. وكان النظام ينقل عناصره من وإلى المدينة، عبر الجو، ويتم ذلك عن طريق طائرة تنطلق مرة كل أسبوع لتزويد قوات النظام في المطار بالذخيرة والغذاء والعناصر. وذلك لاستحالة تحريك أي مركبة على طريق دمشق-دير الزور.

بعد تسلم التنظيم لجبهة المطار أصبح هناك إمداد يومي لقوات النظام، بالطيران من وإلى "مطار الدير العسكري"، تقوم بتزويدها بالبريد والسلاح والرجال والمؤونة. حتى أن ضباط المطار بدأوا بتجارة التبغ مستوردين كميات منه ومحتكرين بيعه بأسعار مرتفعة عشرات المرات. كما قام "جيش العشائر" بتسلم جبهة المطار، بدلاً عن الحرس الجمهوري بقيادة العميد عصام زهر الدين، الذي تفرغ لحصار المدنيين في المدينة، فوق حصار تنظيم الدولة لهم.
ازداد تحكم النظام بالأحياء المدنية كالقصور والجورة، وبدأت المضايقات والاستفزازات أثناء ادخال كميات قليلة من الطحين والخبز، عند تجمع الأهالي لتسلم حصصهم أمام مؤسسات الدولة. في شباط/فبراير، تمّ اعتقال اكثر من 200 شاب بسبب المناوشات الكلامية مع عناصر الأمن، الذين وصفوهم بـ"الدواعش" وشتموهم.

بدأ تنظيم الدولة منذ ثلاثة أشهر، بفرض طوق كامل حول المدينة، دون مهاجمة قوات النظام، فأصبح المتأثر الأكبر من الحصار هو الجيش الحر، الذين انحصرت حركته ضمن الأحياء المحررة من المدينة، دون امكانية تزويده بالسلاح من الريف، كما كان يجري سابقاً. وكذلك ساء وضع المدنيين الذين لم يعد يصلهم ما يعينهم على تحمل الحصار. في حين أن قوات النظام التي مازال تزويدها بالإمداد قائماً عبر المطار استغلت حاجة الناس، عبر بيع الأطعمة والدخان والأدوية، لبعض المؤيدين، بأسعار خيالية.

وبات الوضع في مدينة دير الزور عبارة عن طوق كبير يفرضه التنظيم على المدنيين، في حين أن لدى قوات النظام خطوط امداد، وتفرض طوقاً آخر على المناطق المحررة. أما المدنيون الذين يقطنون المناطق التي يتحكم بها النظام فيتم استغلالهم مادياً وانسانياً كوسيلة لإهانتهم والضغط عليهم وعلى عوائلهم.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها