الثلاثاء 2014/07/15

آخر تحديث: 15:46 (بيروت)

السيسي حكم شهراً.. فعاد رجال الحزب الوطني

الثلاثاء 2014/07/15
السيسي حكم شهراً.. فعاد رجال الحزب الوطني
رجال الحزب الوطني على استعداد لخطف مقاعد مجلس النواب المقبل، وخصوصاً مع التقسيم المربك للدوائر (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease
مساء الأحد الماضي، دعا الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، أبرز رجال الأعمال المصريين إلى حفل إفطار. كان الهدف المعلن من اللقاء محاولة تقريب وجهات النظر بين الطرفين، بعدما وصلت الأمور إلى طريق مسدود. قبلها بأيام رتب رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير جريدة الأخبار، ياسر رزق، لقاءً جمع بين الطرفين، قيل إنه جاء بالصدفة، وما أكثر الصدف التي تحكم وتتحكم في مسار الأحداث بمصر الآن. 


في اللقاء الأول الذي بدأ عاصفاً شرح السيسي الأزمة الاقتصادية التي لا تخفى على رجال الأعمال. اعترض معظمهم فغضب الرئيس، وحاول الحضور من الصحافيين تهدئة الأجواء. أما اللقاء الثاني فكان كل شيء به مرتباً منذ البداية. دخل الرئيس وصافح الجميع ووزع ابتسامته ودعواته بالتوفيق ثم تحدث كالعادة عن مصر ومعاناتها، ثم تطرق إلى المطلوب في وضوح تام: التبرع لصندوق تحيا مصر كٌلٌ حسب حجم ثروته. حاول البعض توضيح أن رؤوس أموالهم عبارة عن أسهم وسندات وليس لديهم سيولة نقدية. فكان الجواب حاضراً: سنتصرف فى الأسهم والسندات، هذه مسؤولية الدولة.


 وليمة الإفطار هذه، هي أغلى وليمة حدثت في العالم. دخلها رجال الأعمال، وأخرجت الدولة من جيوبهم ما يقرب من مليار دولار فى جلسة واحدة، في حين يستهدف السيسي من وراء هذا الصندوق، كما أكد من قبل، جمع ما يقرب من 100 مليار جنيه مصري (ما يعادل 15 مليار دولار) قبل نهاية الاجتماع، الذي استغرق خمس ساعات، وطالب رجال الأعمال  إصدار قرار بتشكيل لجنة وزارية تضم عدداً منهم لإدارة أموال الصندوق، بمشاركة وزراء المالية والتجارة والاستثمار.


اللجنة الوزارية المزمع تشكيلها ستضم رئيس مجموعة شركات بيكو ومالك جريدة المصري اليوم، صلاح دياب، ورئيس مجموعة شركات "النساجون الشرقيون"، محمد فريد خميس، ورئيس مجموعة شركات مرسيليا ومالك قنوات سي بي سي، محمد الأمين، والمهندس نجيب ساويرس، أكبر المتبرعين حتى الآن بـ3 مليارات جنيه (200 مليون دولار تقريباً). وهو ما يعني أن المتبرعين لن يتركوا الدولة تنفرد بإدارة أموالهم.
عقب الاجتماع، أرسلت الدولة إشارات عديدة لرجال الأعمال، أهمها ما جاء في مقال رئيس تحرير صحيفة "الأخبار" المصرية، المقرب من السيسي، ياسر رزق، أن الدولة ستعيد ما حصلت عليه من المتبرعين، وأن كل من وقف بجانب مصر سيحصل على أكثر مما قدمه.


ولأن الصدفة أصبحت المحرك الأساسي، فقد قضت محكمة "مستأنف القاهرة" للأمور المستعجلة، قبل ذلك، بإلغاء الحكم الصادر عن محكمة "عابدين"، بمنع قيادات الحزب الوطني المنحل -الذي كان يتزعمه الرئيس المخلوع حسني مبارك- وأعضاء لجنة السياسات من الترشح إلى الانتخابات البرلمانية المقبلة، ليتبع ذلك قرارٌ صدر عن السيسي، بتشكيل اللجنة العليا للانتخابات البرلمانية.


هذا الحكم كان من المتوقع أن يثير جدلاً ولغطاً كبيرين، لكن شيئاً لم يحدث! البعض تندر على أحكام القضاء الشامخ، الذي حكم أكثر من مرة بضرورة إبعاد أعضاء الحزب الوطني بعدما أفسدوا الحياة السياسية المصرية على مدى أكثر من ثلاثين عاماً. لا أكثر من التندّر!


والآن يبدو المشهد جديداً بشكل تام. رجال الوطني على استعداد لخطف مقاعد مجلس النواب المقبل، وخصوصاً مع التقسيم المربك للدوائر. هل يمكن الربط بين لقاء السيسي برجال الأعمال؟ معظهم كانوا أعضاء فى لجنة سياسات الحزب الوطني، وممولين لأنشطة الحزب، وبين صدور حكم يمنح رجال الوطني قبلة الحياة السياسية مرة أخرى؟ 
المحكمة قالت فى حيثيات حكمها، إن الأدلة التي استندت إليها المحكمة التي حكمت بمنع قيادات الحزب الوطني من الترشح غير كافية لحرمان المدعى عليهم من خوض الانتخابات البرلمانية، وأنه لا توجد أحكام قضائية نهائية صادرة ضد المدعى عليهم "المستأنفين"- وهم أعضاء الحزب الوطني- وليس هناك نص دستوري يحرمهم من المشاركة فى الحياة السياسية. 


ذلك الأمر يقود إلى السؤال التالي: هل الحكم مكافأة التبرعات لصندوق" تحيا مصر"؟ الإجابة أن الحكم مكافأة التبرعات ومكافأة الوقوف بجانب السيسي فى الانتخابات الرئاسية. فقد اتخذ رجال الحزب الوطني في المحافظات والمدن مسؤولية حشد الناس للسيسي على عاتقهم، ذلك على الرغم من عدم حضوره شخصياً ولقائه بالحشود. وبحصر بسيط لمكاتب حملة "المشير الرئيس" في ذلك الوقت، نكتشف بسهولة أن رجال حزب حسني مبارك راهنوا على السيسي وربحوا الرهان. فبعد شهر تقريباً من انتخابه رئيساً للجمهورية، ومع كثرة القوانين والقرارات التي اتخذها وجاءت في مجملها صادمة وضد الفقراء، كان لرجال نظام حسني مبارك نصيب الأسد في الفوز بمناصب وامتيازات، ليكون ما قاله أحدهم ساخراً ذات مرة عن نظام السيسي: انتبه من فضلك فنظام حسني مبارك يرجع إلى الخلف.
increase حجم الخط decrease