الأحد 2014/09/21

آخر تحديث: 15:37 (بيروت)

السيسي ومصالحة الإخوان: مناورة جديدة؟

السيسي ومصالحة الإخوان: مناورة جديدة؟
انتشار قوى الأمن في موقع انفجار أمام مقر الخارجية في القاهرة، بعد ساعات على مغادرة السيسي إلى نيويورك (أف ب)
increase حجم الخط decrease
من جديد، يعود الحديث عن المصالحة بين النظام القائم في مصر وجماعة الاخوان المسلمين. ومن جديد، يُبعث الجدل واللغط حول المفردات والتوقيت. 
بالأمس، ذكر الرئيس عبدالفتاح السيسي، في أول حوار له مع الاعلام الغربي منذ توليه السلطة، أن" مؤيدى جماعة الإخوان يمكنهم العودة للمشاركة فى الحياة السياسية إذا قرروا نبذ العنف".

وهذه المرة الأولى التي يَذكُر فيها الرئيس اسم الجماعة صراحة، خصوصاً في ما يخص العودة للحياة السياسية. وكان من قبل قد لمّح إلى ذلك من دون ذكر اسم الاخوان صراحة، وذلك عند البدء في مشروع قناة السويس الجديدة مطلع الشهر الماضي، إذ قال: "أقبل وجود مجموعة لا تكون على توافق معنا، وتعيش وسطنا، لكن بشرط ألا تؤذينا وتؤذي بلادنا".. فما الفارق بين التصريحين؟

فى التصريح الأول يدرك السيسي أنه يخاطب الغرب، وبالتالي يجب أن يكون محدداً وواضحاً، ويعرف أن السؤال الأول الذي سيواجهه فى نيويورك: وماذا بعد في العلاقة بينكم وبين الإخوان المسلمين؟ هل يمكن اعتبار حديث السيسي عن المصالحة قبل مواجهة العالم في الأمم المتحدة، مناورة؟

في التصريح الثاني كان المقصود شحذ المصريين لمواجهة أيه أعمال من شأنها الإضرار بالمشروع الجديد، استراتيجية تقوم على التعبئة الاستباقية.

كل المؤشرات تؤكد أن المصالحة بين النظام وجماعة الإخوان المسلمين قادمة لا محالة، وأن التأخير سببه حصول كل من الطرفين على أكبر قدر من الضمانات، وإلا فلماذا طلب القيادي الإخواني البارز، محمد علي بشر، الانضمام للجنة تقصي الحقائق عن أحداث 30 يونيو/حزيران، والتعاون معها وتقديم ما تريده من شهادات لها، ثم انسحب فجأة بحجة أن اللجنة غير محايدة مع انه لم يبدأ التعاون معها؟

الدولة والاخوان يلعبان معا لعبة عض الأصابع. الدولة تضرب التظاهرات بعنف. وفي الوقت نفسه تقرر إخلاء سبيل أكثر من 300 طالب ينتمون للجماعة. فيما يفتح الإخوان قنوات اتصال وتفاوض من خلال الوعد بوقف العنف، شريطة الافراج عن سجناء الجماعة. الاخوان مستفيدون من البقاء في وضع المعارضة، والنظام يمارس مزيداً من السيطرة باسم الحفاظ على الأمن ومحاربة الإرهاب.
الدكتور أحمد كمال أبوالمجد، المفكر الإسلامي وهو من قنوات الاتصال بين النظام والإخوان، قال للصحافة عقب تصريحات السيسي عن المصالحة أنها "تؤكد وطنية الرئيس وحكمته وذكائه"، وطلب من الجماعة الاستجابة لدعوات المصالحة، والتوقف عن العنف لأنها الخاسر في النهاية، "وعلى الجميع التكاتف من أجل إتمام المصالحة، وعلى عقلاء الإخوان أن يأخذوا الجماعة في الطريق الصحيح". ومَن يعرف الدور الذي يلعبه أبوالمجد، يدرك أن الحديث هذه المرة يحمل قدراً من الجدية لكنه لا يخلو من مناورة، لأن النظام لن يسمح بإجراء مثل هذه المصالحة قبل الانتهاء من تشكيل مجلس النواب المقبل – الظهير السياسي والتشريعي للرئيس. ولذلك يضع السيسي العصا في عجلة المصالحة بجملة شهيرة: "قرار المصالحة في يد الشعب"، قالها أمس بعدما فُهم من تصريحاته أن هذا وعد، وأضاف: "أنا مجرد أداة تنفيذ لقرار الشعب".
حديث السيسي للغرب قبل أول زيارة مهمة له، لعب على وتر الرعب الدولي من خطر تنظيم "الدولة الإسلامية" بالتشديد على "ضرورة وجود إستراتيجية متكاملة لمواجهة الأخطار التى يمثلها المتطرفون فى منطقة الشرق الأوسط، وليس فقط تنظيم داعش". ثم قطع السيسي الطريق على توريطه في تصريح بإرسال قوات خارج الحدود المصرية بقوله إن قوات الجيش العراقي كافية "وهذه ليست قضية القوات البرية فى الخارج"، مشيراً الى  أنه حذّر من خطر الإرهاب فى المنطقة قبل عام، لكن البعض لم يفهم الموقف على حقيقته إلا عندما اجتاح مقاتلو "الدولة الإسلامية" أنحاء العراق. 

الرئيس هنا يسير وفق نصائح الصحافي محمد حسنين هيكل، الذي ظهر قبل يومين ناصحاً السيسي بتقديم الدعم في مواجهة إرهاب "الدولة الإسلامية"، من دون التورط في حرب خارج الحدود لأن مصر لن تتحمل كلفة كهذه.

ولأن السيسي قرر المواجهة، فعندما سُئل عن قضية صحافيي "الجزيرة الإنكليزية"، والذين حكم عليهم بالسجن سبع سنوات لاتهامات تتعلق بالإرهاب وفق توصيف المحكمة، قال: "أنا لا أتدخل فى أحكام القضاء"، لكنه استدرك: "لو كنت أنا المسؤول الموجود فى الوقت ده، ما كنتش خليت المشكلة تصل للحجم اللى احنا فيه.. وكنت قمت بترحيلهم". 
رسائل السيسي للغرب كانت واضحة: أنا مع المصالحة مع الإخوان لكن خطر الإسلام السياسي يهدد العالم. أنا مع الحرب على "داعش"، لكن من دون مشاركة. أنا ضد حبس الصحافيين لكنى أحترم القضاء الذي يسجنهم.
السيسي يقول للغرب صراحة: أنا كل الأشياء وضدها.
increase حجم الخط decrease