الخميس 2014/12/25

آخر تحديث: 20:14 (بيروت)

الميلاد في دمشق بين باب توما وجوبر

الخميس 2014/12/25
الميلاد في دمشق بين باب توما وجوبر
تقول سونيا إنها متخوفة وترى أن الآمان لن يعود أبداً، ولا بد من الهجرة. (غيتي)
increase حجم الخط decrease
في ضواحي دمشق ذات الأغلبية المسيحية، تغيب زينة العيد عن شرفات منازل أحياء الدويلعة وجرمانا. قليلة هي الاحتفالات المرافقة للعيد في ضواحي دمشق، بضعة مراهقين تابعين للكشاف يتحركون في هذه الأحياء، وصِبيةَ يتجمعون بلباس قديم ينتظرون دورهم أمام المطاعم ومحلات الشاورما. تذهب النساء إلى محلات التزيين؛ بمن فيهن الأرامل والمكلومات بفقدان أقاربهن؛ الميلاد يوحدهن، بعد أن انتظرنه بفارغ الصبر.

الشباب في الكنائس قليل؛ فأغلبه ترك البلاد، ولا سيما بعد الإشاعات القوية، عن نية النظام إطلاق النفير العام، بغرض الالتحاق بالجيش والقوات المسلحة، لكل من يقدر على حمل السلاح حتى عمر الخامسة والأربعين. القلة من أهالي القصاع وباب توما، في دمشق، أرسلوا أبناءهم إلى المدارس، قبل العيد، خوفاً من سقوط القذائف عليها.

التواجد الأمني كبير، مدنياً كان أم عسكرياً، بالقرب من الكنائس، وفي مداخل الحارات، ويتم التفتيش الدقيق للسيارات، والتدقيق في الهويات الشخصية. أما مشاعر الناس فمتضاربة إزاءهم؛ بين كارهين لحملقتهم وتحرشهم بالنساء، واساءتهم لمشاعر الناس، بتعاليهم وعجرفتهم، وبين من يبرر لهم أفعالهم.

وفي الأثناء، ومنذ أكثر من أسبوع، تُطلق قوات النظام نيران أسلحتها على حي جوبر الدمشقي، المقابل للقصاع والتجارة وباب توما، والقريب من الدويلعة وجرمانا. هناك من يقول إن النظام تعمّد، الأربعاء والخميس، تكثيف الضربات على جوبر، ليوصل رسالة الى مسيحيي تلك المناطق بأنه الحامي لهم. ذلك يستدعي بالضرورة منهم، تقديم الولاء له، وخاصة عبر الخطب الدينية.

تقول إحدى السيدات المسيحيات، فاديا: "عدد المصلين في كنائس المريمية واللاتين والزيتون والصليب، هذا العام أكبر من السابق، فالناس لديهم رغبة بالخلاص، ويشعرون بشيء من الأمان بعد إخراج العصابات المسلحة من حي الدخانية المجاور، حيث ظهر النظام قوياً". ولكن هناك من يخالفها بالرأي، فتقول سونيا إنها متخوفة وترى أن الآمان لن يعود أبداً، ولا بد من الهجرة. سونيا أكدت أنه لم يعد هناك بلد، في ظل هذا الدمار. امرآة أخرى تقول: "نأتي للكنائس لأننا مللنا التعب والخوف، والحياة أصبحت متساوية مع الموت".

في القصاع والتجارة وباب توما، كان الاحتفال هذه السنة كما سنوات ما قبل اندلاع الثورة، في العام 2011. الكشافة كانت تعزف في الأحياء، والشباب والمراهقون لديهم سهراتهم الخاصة، وقد زينت المنازل بطريقة متواضعة، وحتى البيوت المكلومة بأبنائها، تمّ تزيينها من قبل مجموعات شبابية تشكلت لهذه الاعتبار. وقد بقيت مجموعات الشباب في الشوارع، ورغم البرد القارس إلى ما بعد منتصف الليل، بينما كانت الشوارع قبل أشهر خالية من المارة، بعد التاسعة مساءً.

يذكر أن أكثر من خمسين ألف مسيحي سوري هاجروا من مدينة حلب لوحدها؛ وأن كثيراً من المسيحيين قُدّمت لهم تسهيلات خاصة للهجرة إلى الدول الأوروبية. المسيحيون بعامة، لم يؤيدوا الثورة، وصمتوا عن قمع النظام للمدن السورية. في دمشق لم تصدر عنهم أية بادرة احتجاجية، على قصف النظام بلا توقف، لأحياء جوبر وعين ترما، المجاورة. في المقابل لم يُظهروا أية ممارسة عنفية ضد النازحين من مناطق الثورة. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها