الأحد 2014/10/12

آخر تحديث: 16:39 (بيروت)

معارك تحديد الأحجام في ريف دمشق

الأحد 2014/10/12
معارك تحديد الأحجام في ريف دمشق
يرجّح أن تكون العملية بهدف تأكيد دور النصرة، في الغوطة، ومد نفوذها إلى فصائل وجبهات جديدة. (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease
أطلقت قوات المعارضة المسلحة، مطلع شهر تشرين أول/نوفمبر، معركةً جديدةً في الغوطة الشرقية، باسم "العطاء لأهل الوفاء"، لتحرير أخر معاقل النظام بين حرستا وعربين، ولإطباق الحصار على موقع "إدارة المركبات" العسكري، ومبنى وزارة الري وموقع المخابرات الجوية. ويشارك في هذه العملية "جند دمشق" و"لواء أم القرى" و"لواء عمر" و"لواء مجاهدي الغوطة"، وبقيادة "جبهة النصرة". ويأتي توقيت هذه العملية، بعدما انسحبت "القيادة الموحدة" لقوات المعارضة في الغوطة، من حي الدخانية وقبلها من مدينة عدرا العمالية.

وتقول بعض المصادر، إن جبهة النصرة كانت تراقب بامتعاض، انسحابات المعارضة المسلحة الأخيرة في محيط دمشق؛ من المليحة، وعدرا العمالية وعدرا البلد، والدخانية. ولا سيما أنه قد تمّ استبعاد النصرة، من جبهة الدخانية، نظراً لتواجد أقلية علوية في الحي المتاخم لدمشق، واستبعاداً لاحتمال ارتكاب مجازر فيه. لذا بدأت النصرة التخطيط لعملية مفاجئة، بمنطقة حساسة، فوقع الاختيار على المنطقة الفاصلة بين عربين وحرستا، والتي حاولت عدة فصائل من قبل تحريرها. وهذا ما حدث، حين سيطرت النصرة على كامل بلدة عربين، ومنها مبنى "إدارة النفوس"، والأحياء القريبة من موقع "إدارة المركبات"، ووصلت المناوشات إلى فرع المخابرات الجوية، حيث قتل فيه عناصر وضباط من قوات النظام.

إلا أن ضعف الإمدادات وشراسة النظام، أوقف تقدم الفصائل، وشكّل وجود أبنية ضخمة لمحافظة ريف دمشق، ووزارة الري، مانعاً إضافياً لتقدم الثوار، والحؤول دون مهاجمتهم "فرع المخابرات الجوية" سيء الصيت، بشكل مستمر. ولكن الفصائل بادرت بقطع خطوط الإمداد الخاصة بالنظام، والواصلة إلى إدارة المركبات.

شدة المعارك، أجبرت النظام على نقل قسم من المعتقلين في فرع المخابرات الجوية إلى مبنى "البانوراما" في منطقة العدوي بدمشق. وباتت المنطقة بين عربين وحرستا، تتعرض إلى عمليات عسكرية متتالية، إلا أن استعادة النظام للمناطق التي تقدم فيها الثوار، في جبهة عربين تتطلب حشد قوات كبيرة. وتقول بعض المصادر، إن هناك تحشيداً جديداً لقوات النظام، في ضاحية تشرين، لمحاولة استرجاع تلك المنطقة.

كما تعرضت بلدة عربين، في الأيام الماضية، لهجوم جوي مركز، فارتكبت فيها مجزرة قتلت أكثر من ثلاثين مدنياً، وهي سياسة يتبعها النظام عندما يخسر مواقعه الحساسة. هذا عدا أنه يشن أعنف حملة جوية مركزة على الغوطة بأكملها منذ بدء حصارها قبل سنتين، وذلك في محاولة لاستعادة المبادرة، ومحاولة التقدم نحو بلدات الغوطة، مستفيداً من انسحاب المعارضة من حي الدخانية.

وتكمن الخطورة، في أن النظام شدّد الخناق على وادي عين ترما، وفجّر مبنى "سنتر الوليد"، الواقع على امتداد وزارة الري من جهة حرستا. وفي حال استطاعت قوات النظام استرجاع المناطق المحررة القريبة من عربين، فستكون جبهة جوبر مكشوفة تماماً، وسيُجّبر ثوار جوبر على الانسحاب. مما يفتح المجال للنظام، لتهديد زملكا وباقي عربين، وصولاً إلى مسرابا ومديرة، المحاذيتين لإدارة المركبات من الجهة الشرقية.

وفي تحليل لفتح جبهة حرستا-عربين، في هذه الظروف، يقول بعض الناشطين، إن النصرة تريد استثمار الانسحابات التي قامت بها القيادة الموحدة للغوطة، بقيادة زعيم "الجبهة الإسلامية" زهران علوش. بينما يشير آخرون، إلى غضب النصرة من التباس موقف علوش، من التحالف الدولي، وعدم استهداف مواقعه، في الوقت الذي تتعرض فيه مقرات النصرة للقصف الجوي. مما يرجّح أن تكون العملية بهدف تأكيد دور النصرة، في الغوطة، ومد نفوذها إلى فصائل وجبهات جديدة، وخاصة أن الغوطة، تنتظر انتصارات وليس انسحابات من جبهاتها.

بدورها، فإن قيادة النصرة لهذه المعركة، تقوّي موقفها في الغوطة، لا سيما وأن لها دوراً قوياً في درعا والقلمون وإدلب. بحيث أن العملية الحالية ولو فشلت، ستحقق نجاحاً جديداً للنصرة، وتظهر "جيش الإسلام" بقيادة علوش، كجيش يتقن الانسحابات، ومتحالف مع قوات التحالف الدولي.

أما عن إمكانية التراجع، فإنها تبدو شبه مستحيلة إلا بمعركة دامية، فليس معروفاً عن النصرة الانسحاب. والنظام بدوره، لن يترك تلك المنطقة بأيدي الفصائل، فذلك سيهدد طريق حرستا الدولي الواصل بين دمشق وحمص، مروراً بضاحية تشرين، وسيقوي جبهة جوبر، وقد يسمح ذلك بهجوم معاكس للمعارضة من الغوطة، بعد كل تلك الانسحابات غير المبررة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها