الأحد 2014/07/27

آخر تحديث: 12:10 (بيروت)

"أي ليف أرت" : الأطفال مرضى السرطان يغنون ويضحكون

الأحد 2014/07/27
increase حجم الخط decrease

خلافاً لهدوئه المعتاد تعالت في رواق قسم سرطان الأطفال في "مستشفى بيروت الحكومي"، أصوات الموسيقى والغناء والضحكات الخارجة من غرف الأطفال الخمسة الذين أقامت لهم جمعية "أي ليف أرت I Leaf Art" نشاطاً ترفيهياً أمس استمر أربع ساعات. ويندرج هذا النشاط في خانة العلاج بالفن الذي يعتمد في حل المشاكل النفسية. وتألّف طاقم الجمعية من فنانين وإختصاصيي علم نفس، أمتعوا الأطفال بموسيقى الغيتار والهارمونيكا والكسيلوفون وبألوان الشخصيات الكرتونية التي رسمت على أيديهم وحركات "الكلون" الطفولية، وأخيراً بالهدايا التي وزعت عليهم.

متطوعو الجمعية هم شبان وشابات رغبوا في إمضاء يوم عطلتهم في إضحاك الأطفال. يقول شادي أبو عيد، عازف الغيتار، "لدي موهبة فنية لا أريد تركها في البيت أو استغلالها في عمل تجاري سطحي، ففكرت بأن أوظفها في عمل إنساني لم أفعله من قبل". يضيف أنه لن يبالغ في تقدير ما يفعله، اذ ربما لا يساعد المرضى فعلياً، "لكن رسم بسمة على أفواههم لمدة ساعة فحسب، هو شيء جيد جداً".


العلاج بالفن


تؤكد مؤسِسة الجمعية والمعالجة النفسية صولانج الهيبي على أهمية هذا النوع من العلاج في مواكبة العلاج الجسدي وتخفيف آثاره وأوجاعه. وتقول: "العلاج بالفن ضروري لأطفال الأمراض النفسية والجسدية على حد سواء، فهو يقدم لهم أداة من أجل التعبير عن كل ما هو حزين وعدائي داخلهم، وبذلك يخرج كل ما هو سلبي من جهازهم النفسي". وتشرح أن "هؤلاء الأطفال عاجزون عن وصف ما يجول في خاطرهم بالكلمات والأحرف، لذا اسبتدالها بالرسوم والألوان أسهل بالنسبة اليهم".

لا تقتصر نشاطات الجمعية على المستشفيات بل تشمل السجون ومخيمات اللاجئين ودور الأيتام وغيرها من الأماكن المهمشة التي يتعرض أفرادها لتجارب قاسية تستدعي رعاية نفسية. وتلفت الهيبي الى أن "العلاج بالفن يلاقي إهتماماً متزايداً في لبنان في السنتين الأخيرتين. إلا أنه لا يزال ينقصنا كاختصاص جامعي، ذلك أن معظم الإختصاصيين في هذا المجال يدرسونه في الخارج". وهو ما يزال ضعيفاً بعض الشيء بحسب جهاد حسن، "فهناك أطفال تعرضوا لصدمات كاللاجئين والأطفال المعنفين ويحتاجون بالتالي إلى مساعدة، إلا أن أحداً في لبنان لا يعرف كيف يتعامل مع هذه الحالات". أما إسم الجمعية المستوحى من أوراق الشجر فيرمز إلى الرابط بين الألوان والتغيير. فهذه الأوراق هي ذلك الجزء من الطبيعة الذي يغير ألوانه مع كل فصل. وينسجم هذا الرمز مع هدف الجمعية وهو التغيير من خلال الألوان وسائر الفنون.


عتابا


من جهتهم، يرى أهل الأطفال في هذه النشاطات أثراً إيجابياً إذ تتيح لأطفالهم تفاعلاً جديداً مع العالم الخارجي. فالأولاد الذين أنهكهم المكوث في المستشفى لمدة 15 يوما أو شهرا كاملا، استعادوا ابتساماتهم بعد أن كادوا ينسونها مع علمهم بأنهم سيمضون العيد في غرفهم المعقمة. وقد اختلف التجاوب بين طفل إلى آخر. فآلاء، (13 سنة)، اكتفت بالابتسام من دون أن تبوح بالكثير. أما محمد (6 سنوات)، فهو من قام بالترفيه عن فريق الجمعية، لا العكس، محولاً غرفته مرة إلى مطبخ افتراضي يطبخ فيه الغداء للمتطوعين مع "الطراطور" أو الزيت بحسب الطلب. ومرة أخرى يحوله إلى مسرح ينشد من خلاله العتابا والأغاني الحديثة التي يحفظها. أما عبد (سنتين) الذي يرى في تناول الدواء أسوأ كوابيسه، فقد ساعدته موسيقى الهارمونيكا على تناسي مذاقه المرير.

ويضم القسم حالياً ثمانية أطفال يقيمون في المستشفى لأيام أو أسابيع، وهو يتسع لعشرة أطفال. ويتضمن المستشفى أيضاً قسماً آخر للأطفال الذين يأتون لتلقي العلاج ويغادرون في اليوم نفسه. وهو يستقبل المرضى من كل الحالات والجنسيات. وتقول مسؤولة القسم غلادس الجميل إن "مستوى القسم لم يتراجع يوماً وأن هذا ما يشكل أولوية بالنسبة للمستشفى". كما أنه لا يستطيع رفض استقبال أي أحد، "فكل الذين يأتوننا هم معترين ليس لديهم خيار آخر". وتشير إلى أن نشاطات كهذه تنظم من وقت إلى آخر من قبل جمعيات أو أشخاص مستقلين يقومون بأعمال خير من دون أن يعلم بها أحد. وهي كطبيبة أمراض دم وأمراض خبيثة لدى الأطفال تدرك أهمية الجانب النفسي من العلاج، وتعتبر أن طلاء الجدران داخل غرف الأطفال الذي قامت به "أي ليف أرت" وجمعيات أخرى هو جزء من العلاج "اذ يجعلهم يتقبلون فكرة وجودهم داخل هذه الجدران" على حد تعبيرها.

increase حجم الخط decrease