الثلاثاء 2015/08/18

آخر تحديث: 16:03 (بيروت)

لاجئون سودانيون لـ"المفوضية": نريد وطناً

الثلاثاء 2015/08/18
increase حجم الخط decrease
مضى شهر على إتخاذ عدد من اللاجئين السودانيين الرصيف المقابل لمبنى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في بيروت (UNHCR) مركزاً لإعتصامهم المفتوح، مفترشين الأرض مع أطفالهم، ليلاً نهاراً. وهم يعتصمون إحتجاجاً على إغلاق ملفاتهم المتعلقة بإعادة توطينهم في البلاد التي تستقبل اللاجئين. بالإضافة إلى مطالبتهم المفوضية بتقديم المساعدات التي يعتبرونها حقاً لهم.

يعتصم أسامة مع زوجته وأطفاله أمام المفوضية، مستنكراً إقفال ملفه، في مقابل قبول طلب إعادة توطين زوجته وأطفالهما، ما سيؤدي إلى تفريق الأسرة. المطلب الأول بالنسبة لهم هو "أن يفتحوا ملفاتنا، فنحن لا نعرف لماذا يغلقونها. المعايير ليست واضحة وهم لا يقدمون أي تبرير"، وفق أسامة. وتضيف زوجته: "لدي طفلان وثالث في بطني، كيف يضمنون لي اللجوء من دون زوجي؟ يتحدثون عن لم الشمل، لكنهم يحبون تفريق العائلات". وهما يشرحان أن لم الشمل يرتكز على الرجل، وليس العكس.

وتقول سجى: "لقد مضى تسعة شهور على إيقاف العمل بالملفات، وبعض السودانيين ينتظرون منذ سنوات". يدّعي المعتصمون أنه يتم التلاعب بالملفات، وأنه يتم تسريع البت بها في حال دفعت رشى. أما خضر فيعتقد بأن المفوضية تقوم "بالتلاعب بحقوقنا، إذ لديها القدرة على التلاعب بأي شيء". وهذه ليست المرة الأولى التي يعتصم فيها خضر، فقد شارك في العام 2012 في إعتصام مفتوح آخر، "نجح في إجبار المفوضية على فتح بعض الملفات". كما إعتصم مراراً بمفرده، ويقول: "إعتصمت هنا بمفردي منذ 4 أشهر، فجلبوا لي الشرطة".

من جهة أخرى، أكد المعتصمون غياب المجتمع المدني عن قضيتهم. ويرجع بعضهم السبب إلى أن "أمن المفوضية منعهم من الدخول". وأشار خضر إلى أنه حاول مناشدة أحد المحامين المشهورين بالدفاع عن قضايا حقوقية "إلا أن علاقاته مع المفوضية منعته من مساعدتي". أما عن المساعدات، فهي تبدو حلماً صعب المنال بالنسبة للاجئين السودانيين. فيقول أسامة "من المفترض أن نتلقى مئتي دولار شهرياً، إلا أنني خلال 4 سنوات قبضت مرة واحدة". أما سامي فيقول إنّ "المساعدة المالية إنخفضت من 400 دولار إلى 175 دولاراً في العام الماضي".

يشتكي المعتصمون أيضاً من حرمانهم الكامل من الخدمات الصحية والتعليم. فعدم حصولهم على إقامة يمنعهم من تسجيل أبنائهم في المدارس الرسمية. وتقول عائشة: "لا يذهب أي من أولادنا إلى المدرسة". أما خديجة (13 سنة) فهي تعتصم من أجل أختها التي يفترض أن تقدم إمتحانات البريفيه الرسمية في السنة المقبلة، غير أنه لا يحق لها ذلك طالما ان وجودها في لبنان يعتبر غير شرعي". وتضيف: "أنا وأختي نريد أن نتعلم ونحظى بمستقبل أفضل، لماذا يمنعوننا؟".

يعتصم مع السودانيين لاجئون من جنسيات أخرى، بينهم سوريون وعراقيون. أما سارة فهي لاجئة من أريتريا، لم يُعترف بها كلاجئة، كما لم يوافق على طلبها بالحصول على إقامة. تقول سارة، وهي حامل في شهرها السابع، "كي أعيش عليّ أن أعمل، لكن لا أحد يقبل بأن يشغلني لأنني لا أملك أوراقاً. فقالوا لي أن أنتظر، فها أنا أنتظر هنا".

في إتصال لـ"المدن" مع المتحدثة الرسمية بإسم المفوضية، دانا سليمان، أكدت الأخيرة أن المفوضية تتفهم صعوبة أوضاع اللاجئين وتتعاطف معهم، "لكن لا يمكننا أن نفعل شيئاً حين ترفض أكثر من سفارة طلب إعادة توطين أحد اللاجئين". تشرح سليمان أن مسؤولية إغلاق الملفات تقع على عاتق السفارات وليس المفوضية، إذ يتم إعادة توطين 1 بالمئة فقط من اللاجئين. أما عن الإعتراف بصفة اللجوء فهي "تتم وفقاً لإتفاقية العام 1951، وقد لا تتوفر دائماً شروط هذا الإعتراف"، بحسب سليمان.

وفي حين أشار المعتصمون إلى ممارسة قمع تجاههم من خلال تهديدهم بجلب الشرطة لهم وترحيلهم بالقوة من خلال تخديرهم وأساليب أخرى، قالت سليمان "ما دام الإعتصام سلمياً، فنحن لا نهدد أحداً. بل اننا نصحناهم بالذهاب إلى بيوتهم وذلك خوفاً على سلامة أطفالهم من الحر". وأضافت أنه تم الاجتماع بالمعتصمين "فرداً فرداً لدراسة مطالبهم، ولنشرح لهم أوضاع ملفاتهم". غير أن المعتصمين أكدوا أن المفوضية لم تجتمع معهم سوى مرتين، "لتهديدنا وتخويفنا". وقد تناقض كلام سليمان مع شكاوى اللاجئين في ما يخص تقديم المساعدات الصحية والتعليم، فأكدت سليمان حصولهم عليها، في حين نفوا هم ذلك.

بجانب الخيمة المخصصة لنوم الأطفال، وفرش النوم، والثياب المعلقة، رفع المعتصمون مطالبهم على أوراق ألصقوها على حائط. وقد كتب على احداها "نريد وطن". فسنوات من المعاناة في لبنان أفقدتهم الثقة بالحكومة اللبنانية كما بالمفوضية. فعلى حد تعبير خضر "تحولت المفوضية من مكتب صغير إلى مكتب إقليمي، إلا أن دورها لا يزال غير فعال، وهي تكتفي بتلقي المساعدات فقط".


* أسماء اللاجئين الواردة في هذا الموضوع غير حقيقية، بناءاً على طلبهم.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها