الإثنين 2015/10/12

آخر تحديث: 17:18 (بيروت)

طلاب التسعينات.. منظمة "بلا حدود"

الإثنين 2015/10/12
طلاب التسعينات.. منظمة "بلا حدود"
لم يقتصر نشاط أعضاء "بلا حدود" على الجامعة، بل أسسوا خارجها حركة "الخط المباشر" (getty)
increase حجم الخط decrease

كانت البداية في العام 1997، عندما أسس ما لا يزيد عن عشرة طلاب منظمة "بلا حدود" اليسارية في "الجامعة الأميركية في بيروت"، وقد شاركت حينها في إنتخابات مجلس الطلاب ولم تفز بأي مقعد. في السنوات اللاحقة، تتالى فوز المنظمة بمقاعد داخل المجلس، حتى أنه تم الحديث في الصحف عن "فوز كاسح لليسار" في إنتخابات الجامعة. المنظمة "الفكرية" التي أطلقتها مجموعة من الأصدقاء المقربين، إستمر وجودها 16 عاماً كواحدة من أهم المجموعات السياسية في تاريخ الجامعة.

في زمن كان فيه الواقع السياسي منقسماً بين ضفتين، لا ثالث لهما، هما المقاومة ضد إسرائيل والمعارضة للوصاية السورية، صدح في "الأميركية" صوت يقول "لا" في وجه القوتين. هكذا تلخّص حنين غدار، إحدى مؤسسات المنظمة، "السبب الوجودي للمنظمة". وبهذه المعارضة تعرِّف هويتها وخطها السياسي والإيديولوجي. وتقول: "كنا وقتها الوحيدين في البلد الذين عارضنا الإحتلالين الإسرائيلي والسوري، وبالتالي كنا الوحيدين الذين عملنا مع الشيوعي والعوني، فجمعنا أضداداً لم تجتمع يوماً".

بدأ نشاط "بلا حدود" بشكل غير رسمي من خلال ناديين آخرين هما النادي "الثقافي العربي"، ونادي "حقوق الإنسان". الجهود التي تضافرت في الناديين المذكورين لتأسيس "بلا حدود" كان هدفها مشروع "منظمة فكرية". لكن سرعان ما وجد الأعضاء أنفسهم منخرطين في الإنتخابات الجامعية ما حسم النقاش بشأن هوية "بلا حدود" جاعلاً إياها سياسية، لا غير. وبالرغم من وجود مجموعات يسارية أخرى ناشطة في الجامعة، إلا أن "بلا حدود" كانت الوحيدة المستقلة عن الأحزاب اليسارية خارج الجامعة، مسجلةً مواقف سياسية متناقضة مع توجهات الأحزاب اليسارية السائدة. من هنا، كان تركيز نشاط "بلا حدود" "على الإنتخابات الجامعية، أما على الصعيد الوطني، فقد كان لنا مشاركة في المظاهرات المناهضة للحرب على العراق، وللوصاية السورية على لبنان، بالإضافة إلى مظاهرات من أجل فلسطين"، وفق غدار.

من جهة أخرى، تعتبر غدار أن عمل المنظمة كان في معظمه "نخبوياً". وهذا برأيها ما يؤدي إلى فشل حركات من هذا النوع في كل مرة، فهي ترى أن أعضاء المنظمة كانوا "نخبويين وإنطوائيين، نجلس وحدنا ونناقش ونتكلم في السياسة النظرية، فلم نرحب بأعضاء جدد أو بالتعاون مع مجموعات أخرى". الخلل الآخر في عمل المنظمة التي تلقي عليه غدار الضوء هو "الإطار التقليدي للعمل السياسي الذي كنا نعتمده، فمعظم الأعضاء جاؤوا من أسر وأحزاب تقليدية، وهذا الخطأ الذي ما زالت المجموعات السياسية تقع فيه حتى يومنا هذا. الفرق الوحيد اليوم هو أن المجموعات تعرف كيف تستخدم السوشيال ميديا". وتعتبر غدار أن عمل المنظمة "كان مهماً حينها، لكنه أمر طبيعي أن ينتهي بعد وقت قصير، فالحركات الطلابية لا تدوم كثيراً".

لهذا السبب، لم يقتصر نشاط أعضاء "بلا حدود" على الجامعة، بل أسسوا خارجها حركة "الخط المباشر" السياسية وهي "ترجمة لبلا حدود خارج الجامعة، وقد تطورت لتضم أعضاءاً من جامعات أخرى"، بحسب غدار. إستخدمت "الخط المباشر" مجالي الفن والثقافة كمنبرين للتعبير عن مواقفها السياسية، فضمت نادي سينما يعرض أفلاماً سياسية، ونظمت نقاشات خاضت في المحرمات والثورة الجنسية وغيرها من الموضوعات التقدمية. أما على صعيد النشاط السياسي المباشر فنظمت تحركاً ضد الأجهزة الأمنية، "لبسنا خلاله ثياباً طبعت عليها صور أجهزة كهربائية على سبيل السخرية، وقد إعتدى علينا الأمن وقتها"، وفق غدار. وترى غدار أن "الخط المباشر ملأ فراغاً في المشهد السياسي في ذلك الوقت حين كان الحديث في السياسية ممنوع".

أما "بلا حدود" فكان هدفها "خرق الكنتونات السياسية في وقت كانت فيه الأحزاب اليسارية ضعيفة وكان الشباب مغيّبين عنها"، على حدّ تعبير غدار. اليوم، كل عضو في المنظمة أصبح في مكان. منهم من إعتزل النضال السياسي، ومنهم من تغير موقفه وخطه السياسي. أما بالنسبة لغدار "فقد استفدت من التجربة كثيراً على الصعيد الشخصي، لولاها لكنت في مكان مختلف كلياً، إذ ساعدتني على التعرف على إهتماماتي". تعمل غدار اليوم في مجال الصحافة، وتعتبر أن "بلا حدود" وجهتها على الصعيد الشخصي. إلا أنها ما عادت منخرطة في النضال السياسي، بل "بفش خلقي بشغلي".

منظمة "بلا حدود" التي ضمت في التسعينات طلاباً من الجنسية اللبنانية فقط، كان معظم أعضائها من الأجانب حين حُلّت في العام 2013، ما يعتبر ترجمة فعلية لإسمها "بلا حدود". غير أن هذا الأمر نفسه قد يكون أحد أسباب حلّ المجموعة في نهاية المطاف. فيفسر جمال الأعور، أحد أعضاء "بلا حدود" من العام 2007 إلى العام 2010، أنه "في السنوات الأخيرة، كان معظم الأعضاء من غير اللبنانيين، ما جعل المنظمة بعيدة عن السياسة اللبنانية، وهو كان أحد أسباب تراجعها. والإنتخابات، كانت سبباً آخر لحل المنظمة وإختلاف الأعضاء في ما بعضهم، ما أدى إلى فشل في إستقبال أعضاء جدد لأن الإنتخابات كانت أهم أساليب الإستقطاب لدينا". لكن بالعودة إلى تاريخ المنظمة، يشير الأوعور إلى محطات عديدة تأرجح فيها وجود المنظمة بين النشاط والركود، إذ لم يكن مستوى نشاطها مستقراً يوماً. من هنا، لا يعتبر الأعور أن المنظمة حلّت نهائياً، بل يتوقع أن تستعيد نشاطاتها.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها