الأربعاء 2015/05/20

آخر تحديث: 20:39 (بيروت)

الموتى يتكملون: رحلنا وبقي أولادنا مفقودين

الأربعاء 2015/05/20
الموتى يتكملون: رحلنا وبقي أولادنا مفقودين
معرفة الأهالي ببعضهم البعض سمحت للأحياء منهم بأن يتكلموا بلسان من رحلوا (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

أربعون عاماً مرّت على بداية الحرب الأهلية اللبنانية، وأربعون يوماً مرّت على إطلاق حملة "40 الحرب" من قبل لجنة أهالي المفقودين. اليوم، وبعد إنتهاء الحملة، التي أُطلقت في 10 نيسان الماضي، دعت لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان وحملة "حقنا نعرف" الى وقفة تكريمية للأهالي أمام المتحف الوطني.


8 أفراد من أهالي المخطوفين، الذين فارقوا الحياة من دون معرفة مصير أبنائهم، تكلموا في حفل اليوم، لكن على لسان فنانين أدوا أدوارهم. وما قيل كان أقرب إلى مجموعة أفكار تقلق جميع أهالي المفقودين، الذين يخافون الرحيل قبل معرفة مصير أبنائهم. وفي كل رسالة قصة صاحبها، وذكرياته المختزلة بالبحث عن أحبته، منذ الفقدان حتى تاريخ الوفاة.

منذ ست سنوات، وتحديداً في شهر أيار من العام 2009، ماتت أوديت سالم دهساً، على مسافة قريبة من خيمة أهالي المفقودين، في وسط بيروت. لكن أوديت، لم تعترف، قبل موتها، بإستمرارية الحياة منذ العام 1985. "أنا متت بشهر أيلول 1985 لمن خطفولي ولادي.. تأخر جنازي 24 سنة".

على الطريق بين برجا والجية خطف توفيق، وعلى الطريق نفسها علّقت أم توفيق ذاكرتها منذ العام 1983. 22 سنة مرت على أم توفيق وهي في ترحال مستمر من برجا الى بيروت لتشارك الأهالي المطالبة بمعرفة مصير أبنائهم. وعلى الطريق بين برجا وبيروت بدأ المرض يفتك بأم توفيق. لكن "مش المرض لموتني، لموتني كذب ودجل الزعما لقتلونا هني وعم يتقاتلوا، بعدها لما تقاسموا الجبنة رمونا". تقول الراحلة أنها لم تمت، وأنها لا تزال تريد إبنها. "ما بدي شقفة جبنة".

زهرة ذهبت ضحية بحثها عن إبنها المفقود أيضاً. هي أم لأربعة أولاد قتلوا في مجزرة تل الزعتر، وأم لخامس مفقود. لكن هناك من وجد في حجم مأساتها مدخلاً لإستغلالها. "طلع نصاب خلاني بيع لفوقي ولتحتي، بالآخر بدل ما يرجعلي إبني المخطوف... خطفني". هكذا، ماتت زهرة على يد من وعدوها بإعادة إبنها، بعد أن تأكدوا من سلبهم كل ما تملك.

"سموني شهيدة الأمومة". انها نايفة نجار التي إختارت ان تضع حداً لحياتها، في العام 1984، بعد مرور 9 أشهر على إختفاء إبنها. كان "صغيراً، طرياً عمره 13 سنة". لم تحتمل نايفة تخيل إبنها وهو يتعذب. "صرت إكتبلو، تعبت إيدي من الكتابة، شوقي الو كفرني الدني". تركت نايفة الحياة، وتركت بقية الأهالي متمسكين بأمل عودة إبنها. "انشالله ابني اذا رجع يتفهم قراري"، تقول رسالة نايفة.

وبين الأهالي الباحثين عن ماضيهم وأبنائهم، رجال يعانون أيضاً حزن الفقدان. علي عوض سيف الدين وموسى جدع رحلا قبل أن يشفيا من هذا الحزن. كان علي عوض في عمر الـ79 عندما خُطف ابنه أسعد، ومن ثم ابنه كرم بعد 3 سنوات. في العام 1983 انضم علي الى لجنة الأهالي، وقد كان وقتها الرجل الوحيد. "أنا متت ومرتي سبقتني على دنيا الحق، قولكن رجع الحق لصحابو؟".

معرفة الأهالي ببعضهم البعض، سمحت للأحياء منهم بأن يتكلموا بلسان من رحلوا. هكذا نقلت لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين هموم الراحلين بعد موتهم. وأخبرت قصصهم كما كانوا يروونها قبل أن يفارقوا الحياة. والحل بالنسبة لقضية المفقودين واضح وثابت لا تغيير فيه. هذا ما أكدته رئيسة اللجنة وداد حلواني. أي اللجوء الى الحل العلمي من خلال السماح بتنفيذ مشروع بنك الحمض النووي DNA، بالإضافة الى إقرار القانون الذي ستتشكل بموجبه هيئة وطنية خاصة بالتقصي عن مصير المفقودين.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها