الخميس 2015/04/09

آخر تحديث: 13:26 (بيروت)

الحرب المستمرة: 17 ألف مفقود

الخميس 2015/04/09
الحرب المستمرة: 17 ألف مفقود
"كيف نطوي صفحة الحرب من دون أن نقرأها؟" (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
25 عاماً لم تطوِ صفحة الحرب، ولم تلملم شتات الذاكرة اللبنانية وتعيد ترميمها في كتاب موحد. هذا هو واقع الحال منذ انتهاء الحرب اللبنانية في بداية تسعينات القرن الماضي. ليس  ما ذكر بالجديد، فالندوات والورشات تتكرر كل عام في محاولة خجولة لابعاد شبح الحرب عبر دراستها ومعالجة تداعياتها. محاولات، وإن أصبحت جزءاً من "التراث" اللبناني في منتصف شهر نيسان، إلا انها تحافظ على حق الذاكرة للكثير من اللبنانيين، خصوصاً أولئك المتضررين مباشرة منها كأهالي مفقودي الحرب. الملف الذي لم يغلق منذ 33 عاماً يُعيد طرح نفسه كأولوية للنقاش، أولاً بسبب ارتباطه المباشر بحياة الآلاف من المفقودين كما أهاليهم، وثانياً لأنه يشكل مدخلاً نحو تحقيق العدالة الانتقالية في محاسبة المسؤولين عن الحرب.


بسؤال "كيف نطوي الصفحة من دون أن نقرأها؟"، افتتح فاتح عزام، منسق "معهد الأصفري للمجتمع المدني والمواطنة" في "الجامعة الأميركية" في بيروت، الندوة التي نُظمت بالتعاون مع "معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية" و"المركز الدولي للعدالة الانتقالية" في لبنان وقسم علم الاجتماع في الجامعة. وتحت شعار "ربع قرن على نهاية الحرب، هل طوينا الصفحة؟" طرحت الندوة العديد من التساؤلات المتعلقة بملف المفقودين والعدالة الانتقالية.


المحاسبة لطي الصفحة
التأكيد على انتهاء الحرب ليس بوقف العمليات العسكرية ولا الاتفاق على حل سياسي، بل هي مسيرة طويلة من الخطوات تتضمن البحث عن الحقيقة كما ايجاد آلية للمحاسبة. هذا ما كان محور كلمة كارمن أبو جودة، منسقة المركز الدولي للعدالة الانتقالية في لبنان. أبو جودة انطلقت من الحربين العالميتين، الأولى والثانية، للتأكيد على ان معرفة أسباب الحرب لا تكفي لضمان عدم تكرارها، بل "الحل يكمن في التزام الدولة بواجباتها في حماية المواطنين، بالعمل على تحقيق العدالة الانتقالية، واجراء محاكمات جنائية وتقديم تعويضات معنوية ومادية للمتضررين". على أن الرائج في لبنان "ثقافة الافلات من العقاب". رغم ذلك فإن أبو جودة لا زالت تؤمن بامكان تحقيقها، "لكن الوصول اليها يتطلب مساراً طويلاً لكن لا بد منه".


مصير المفقودين أولاً
ولأن الحديث عن المحاسبة يؤرق زعماء الأحزاب الحاكمة، يصبح مستحيلاً فتح أي من الملفات القديمة حتى من أجل معرفة مصير أكثر من 17 ألف مفقود في الحرب، أو حتى كتابة تاريخ موحد. "كيف لدولة أن لا يكون فيها كتاب تاريخ؟" تساءل فابريزيو كاربوني، منسق عمليات اللجنة الدولية للصليب الأحمر في لبنان، في مستهل حديثه. "كيف يمكن طي الصفحة بدون كتاب تاريخ، والأهم من ذلك أن من يقف وراء هذا التأخير يعزز عقلية الحرب الأهلية لدى اللبنانيين"، وفق كاربوني.

بالاضافة الى رأيه في الواقع السياسي اللبناني من خلال تجربته، تطرق كاربوني الى آلية عمل اللجنة الدولية في ملف المفقودين الذي اعتبره انسانياً في المقام الأول. اذ تسعى اللجنة الى تأمين الدعمين، المعنوي والمادي، لأهالي المفقودين من جهة، والتنسيق مع الأمن العام اللبناني من جهة أخرى، عبر جمع عينات من الحمض النووي لتسهيل البحث عن المفقودين. و"لكن بالرغم من نجاح هذه الآلية في بلدان عديدة، إلا أنّها تواجه تحديات عديدة في لبنان، لعلّ أبرزها تهميش الموضوع من قبل الدولة اللبنانية".

التجربة الشخصية للوزير السابق طارق متري، والتي عرضها في سياق كلمته، لم تضف جديداً الى وعي اللبنانيين، في تأكدهم من إهمال الطبقة الحاكمة لأبسط حقوقهم، ألا وهي "الحقيقة". لكن حديث متري جاء تأكيداً أيضاً لما أوردته وداد حلواني، ممثلة لجنة أهالي مفقودي الحرب، من أن "الدولة اللبنانية لم تعترف إلى الآن، وبعد 33 سنة من التأسيس، باللجنة"، مطالبة وزارة الداخلية بالسماح للبعثة الدولية بأخذ عينات من لعاب الأهالي، لـ"حفظها، وهذا ما تعرقله الوزارة منذ العام 2012". كما طالبت باقرار قانون علمي وعادل أسوة بدول العالم، "وإن أعفي عن المجرمين، فالأهم كشف مصير المفقودين".


تهديد السلم الأهلي؟
من الصعب شرح أو فهم دوافع الطبقة السياسية في عرقلتها إنهاء ملف المفقودين، لكن المُستغرب "عدم أخذها جانبه الانساني بالاعتبار"، بحسب كاربوني. على أن الأكثر غرابة "ادعاء السلطة أن مطالب الأهالي تهدد السلم الأهلي اللبناني"، كما تقول حلواني.

لم تقدم الندوة ربما جديداً يُذكر، أو حدثاً تورده وسائل الاعلام كخبر عاجل، لكنها فتحت المجال لنقاشات عديدة، سواء بين المتحدثين أم بينهم وبين الحضور أو حتى بين الحاضرين أنفسهم. فمن خلال مداخلات تلت الجلسة، اعتبر الروائي الياس خوري ان "مطالب أهالي المفقودين بسيطة جداً، فهم يريدون أن يدفنوا مواتهم فحسب، وهناك قانون عفو فلن يُحاسب أحداً. لكن هذا الاصرار في عدم التجاوب مع هذه المطالب ليس خوفاً من تجدد الحرب أو خوفاً من محاسبة الرأي العام، اذ ليس هناك رأي عام ليحاسب، لكنه تعبير عن احتقار الطبقة الحاكمة للمواطن". "الحرب لم تنته مع اتفاق الطائف"، على حد قول أحد الحاضرين، بل حتى إن "أمراء الحرب لم يريدوا ايقافها، لكنها توقفت لوقف التمويل"، كما أضاف.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها