الأربعاء 2017/05/24

آخر تحديث: 01:18 (بيروت)

فنانون يلوّنون الأوزاعي: علي صار يحب المنطقة

الأربعاء 2017/05/24
فنانون يلوّنون الأوزاعي: علي صار يحب المنطقة
كنا في مكان وأصبحنا في مكان آخر (خليل حسن)
increase حجم الخط decrease

من منطقة منسيّة ومهملة إلى Ouzville. هكذا، أراد اللبناني عيّاد ناصر تسمية مشروعه الذي يهدف إلى تحويل منطقة الأوزاعي إلى لوحة فنّيّة مليئة بالألوان، لاسيما أنها الواجهة الأولى والأقرب التي تقع عليها أنظار المسافرين عبر مطار بيروت.

بدأت القصة قبل نحو سنة ونصف السنة، عندما عاد ناصر، الذي يعمل في مجال البناء والعقارات، من فرنسا إلى لبنان، وكانت مدينة بيروت غارقة بالنفايات. لكن، وبما أن وجود النفايات كان مفروضاً في ظل عدم التوصّل إلى حلّ لإزالتها، فكّر ناصر في تحويل منظرها المزعج إلى فنّ. فبدأ- بمساعدة صديقته- طرح الفكرة على عدد من رسّامي الغرافيتي في العالم.


تفاجأ ناصر، وفق ما يقول لـ"المدن"، بترحيب 14 فناناً أجنبياً بالفكرة. وقرروا المجيء والعمل في هذا المشروع من دون أي مقابل مادي، ليتكفّل هو بتكاليف رحلتهم ومصاريفهم. ومع بدء وصول الفنانين، كانت أزمة النفايات قد بدأت "تختفي". فاستغلّ ناصر وجودهم من أجل تجميل بعض جدران الشوارع في مدينة بيروت. فكانت الرسمة الأولى على أحد الجدران في الأشرفية، التي رسمها فنان الغرافيتي الأميركي RETNA، ثمّ في منطقة برج حمود وبعدها في الكولا.

لكن إزالة رسمة RETNA بعد نحو شهر عن حائط الأشرفية أزعجت ناصر. فقرر أن يتجه بمشروعه نحو مناطق أخرى. فانتقل المشروع إلى الأوزاعي، التي قضى فيها أولى سنوات حياته، والتي زارها RETNA أيضاً وأعجب بها كثيراً. يقول ناصر: "بسبب إزالة الرسمة من الأشرفية، قررت أن أضع كل ثقلي في منطقة الأوزاعي، وتفاجأت بأن الناس هنا تفاعلوا بشكل كبير مع المشروع وشعرت أنهم يحتاجون إلى هذا التغيير وإلى الشعور أن هناك من يهتم بهم".


استمر ناصر في دعوة فنانين أجانب ولبنانيين للرسم على جدران أبنية الأوزاعي. لكنه شعر أن اللبنانيين منهم "لا يعطون من دون مقابل". وبعضهم تخوّف من المجيء إلى المنطقة بسبب أفكار مسبقة عنها.

قبل أسبوعين، شعر ناصر بالإحباط وأنه يعمل وحيداً. فجمع أهالي الحي وأخبرهم أنه لا يمكنه الاستمرار من دون مساعدتهم، فتفاجأ بردة فعلهم عندما بدأوا بحملة تبرّعات لدعم المشروع والاستمرار به. ويروي ناصر أن أحد الأطفال، ويدعى علي، قال له إنه سيجمع دولاراً واحداً كل يوم من مصروفه ليسهم كل شهر بثلاثين دولاراً من أجل تلوين منطقته. ويقول علي لـ"المدن": "مش قادر إشرح أديه مبسوط. كانت المنطقة فظيعة ومش حلوة. وما كنت حب إسكن فيها. هلأ صرت بحب ضل أكتر بالحي. ورح علّم ولادي بكرا الرسم".


ويرى ابن المنطقة يوسف الحركة أنه "كنا في مكان وأصبحنا في مكان آخر. حتى نظرتنا إلى المنطقة بدأت تتغيّر. كنا نرى بيوتاً قديمة ومتهالكة. اليوم نرى ألواناً تضجّ بالحياة والمنطقة ستصبح أجمل".

يجيء ويليام، وهو رسام، يومياً من بكفيا، منذ الساعة الرابعة فجراً حتى المساء للمشاركة في المشروع. وهو يلاحظ فرح الناس، خصوصاً الأطفال، بالرسومات والألوان. "عوضاً عن الرسم على ورقة صغيرة، لدي بناية بكاملها لأرسم عليها. هذا حلم كل فنان"، مؤكداً "سأبقى متطوّعاً في هذا المشروع حتى نلوّن جدران الأوزاعي جميعها".


"ما بقى في بعدان. صار الوقت نهتمّ ببلدنا... بلدنا عم يموت"، يقول ناصر، مضيفاً "الجميع قالوا عني مجنون، حتى أهالي الأوزاعي في البداية كانوا يقولون إنّي أهبل. فكيف أصرف أموالاً على هذه المنطقة؟ وأنا أقول إن المشروع مازال في بدايته وسأبقى ألوّن، ولو بمفردي، في المناطق لآخر يوم في حياتي".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها