الثلاثاء 2016/08/16

آخر تحديث: 01:20 (بيروت)

أحمد حلاني: كان يجب أن نكون أكثر سياسة

الثلاثاء 2016/08/16
أحمد حلاني: كان يجب أن نكون أكثر سياسة
الحراك أنتج حس الرقابة عند الناس (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
في 22 تموز 2015، بدأت تحركات ما سيعرف لاحقاً بـ"الحراك المدني"، على خلفية أزمة النفايات. أقله، في السنوات الخمس الماضية، كان الحراك التجربة الأكثر تعبيراً عن سعي فئات متعددة من اللبنانيين إلى إحداث تغيير ما، وإن لم تكن خاتمته، وما وصل إليه أو أنتجه، واضحة أو جذرية. كان تجريباً ضرورياً، في كل الأحوال. خلال الأيام المقبلة، تستعيد "المدن" الحراك في سلسلة مقابلات مع أبرز فاعليه. وفي ما يلي مقابلة مع الناشط في مجموعة "بدنا نحاسب" أحمد حلاني.



يعتبر حلّاني أنّ الحراك لم يبدأ الآن أو منذ سنة، بل "بدأ في العام 2011 مع حملة إسقاط النظام الطائفي التي ضمّت كثيراً من الأشخاص الذين برزوا الآن". ففي ذلك الحين "كنا متأثرين بالموجة العربيّة قبل أن يظهر الإسلام المتشدّد". لكن حصل "بيننا إنقسام على الموضوع السوري. ما أدّى إلى إضعاف الحراك وانقسامه إلى شارعين".

تبع الحراك الأول "ثورة البندورة" أي "تمديد 1" و"تمديد 2"، وشكّل تحرّك هيئة التنسيق النقابية قفزة إضافية نحو ما حدث منذ سنة من الآن. هكذا، يرى حلاني الطريق إلى الحراك المدني مركّزاً بشدّة على السنوات الخمس الماضية، على العكس من آخرين يربطون ما حصل بأحداث حصلت منذ اتفاق الطائف مروراً بالعام 2005، وغيرها من المراحل المفصليّة.

الطريق إلى "بدنا نحاسب"
يرى حلاني أنّ مجموعات الحراك لم تتعارف وتتكوّن بشكلها الحالي من قبل، ولكن كان هناك أعمالاً سابقة. فالمجموعة التي ينتمي إليها حلاني، أي "بدنا نحاسب"، كانت من قبل عبارة عن حملة اسمها "نحو جمهورية جديدة" بدأت في العام 2014، وضمت جوّاً يساريّاً فيه مجموعات وأحزاب وأفراد. وكانت هذه الحملة "تترقّب تأخّر دفع أجور بعض موظّفي الدولة والجيش الذي كان من المفترض أن يحدث في أيلول 2015 بفعل الأزمة المالية، لكن جاءت أزمة النفايات قبل ذلك ولم يكن هناك رهان مسبق عليها، فكان شباب طلعت ريحتكم الأسرع في تحريك الناس تحت عنوان ذكي".

لكن حلاني يعتقد أن ما بان وليد اللحظة من "طلعت ريحتكم" لم يكن فعلاً كذلك. فـ"وجودهم كمجموعة أصدقاء يبحثون في هذه المسائل ناتج من تراكم سابق"، في حين كانت "بدنا نحاسب عبارة عن هاشتاغ اتفق عليه في 22 آب ناشطو نحو جمهورية جديدة، وظلّ هذا الهاشتاغ الأقوى في لبنان على مدار أسبوع فغيرنا اسمنا".

إستمرارية الحراك
ساعدت مكونات "بدنا نحاسب" المنظمة في تأمين نشاطها الكثيف والمتنوع والثابت في الحراك، ليكون الفضل لها في الإستمرارية، وفق حلاني. واذا كان لا يمكن إنكار دور "طلعت ريحتكم" وفضلها في حشد المتظاهرين في 22 آب، "فإن بدنا نحاسب هي المجموعة التي لم تخل الساحة في تلك الليلة وشجعت الناس على النزول أكثر في 23 آب بعد نصب الخيم".

في ذلك اليوم، بدا لحلاني أن كل الطبقات والطوائف تجمّعت في ساحتي رياض الصلح والشهداء في جوّ رائع. لكن في الوقت نفسه برزت مشكلة المندسين التي أخطأت "طلعت ريحتكم" في التعامل معها. فـ"تأجيل التظاهرة بسبب وجود مندسين خوّف الناس، فجرّبنا تنفيذ مسيرات يوميّة من 23 إلى 29 آب تناولت مواضيع مختلفة لتحفيز الناس على المشاركة في تظاهرة 29 آب".

الزبالة فقط؟
تلبية لمشاعر الناس الذين نزلوا أو لم ينزلوا إلى الشارع، حاولت "بدنا نحاسب" أن "تفتح ملفات الفساد المختلفة، خصوصاً أن نَفَسَ اللبناني قصير، ولا يمكن أن يصبر على موضوع واحد إذا لم يحقّق فيه نجاحات". بالطبع، لا يمكن نفي إحتمال السردية الشعبوية في هذه الحالة، والتي مفادها أن الحراك لم يكن يعرف ماذا يريد وليس لديه مطلب واحد. لكنّ حلّاني يرى أن السلطة حاربت الحراك بالسؤال عن البديل الذي لم يكن واضحاً. وبالتالي، كان "فتح ملفات مختلفة مخرجاً لنا أحياناً، وأداة ضغط على السلطة".

النجاحات والإخفاقات
بالنسبة إلى حلاني كل المجموعات أخطأت وأصابت. لكن "الحراك أنتج حس الرقابة عند الناس يحرّكهم كلّما شاهدوا شيئاً فاسداً أمامهم. وكذلك استطاع، وتحديداً عبر بدنا نحاسب، الإضاءة على فساد الإدارات من ديوان المحاسبة ومجلس الخدمة وغيرهما، وتمّ إحراج السلطة". ويعتبر حلاني أنّ "أسلوب التعاطي مع الناس وبين المجموعات كان جيداً رغم بعض الأخطاء. ويأس الناس غير المبرر تراجع الآن وعاد بعض الأمل".

لكن أحياناً كان للحراك نتائج عكسية. فحراك بهذا الحجم لم ينجح في حلّ مشكلة النفايات يمكن أن يعيد الناس إلى اليأس. ورغم ذلك يعتبر حلاني أنه لا يمكن نفي حقيقة أنّ هذه كانت المرة الأولى التي ينزل فيها لبنانيون تلقائياً وبهذا الشكل. يضيف الحلاني إلى النجاحات ما تحقّق في الانتخابات البلديّة، التي كانت زبدة الحراك، إذ حقّق مستقلّون نتائج لا يستهان بها.

في المقابل، يرى حلاني أنّه كان يفترض أن تكون الاجتماعات بين المجموعات أكثر تنظيماً وفعالية، وقريبة إلى السياسة أكثر من التشبثّ بالرأي الذي أدّى إلى توتّرات. ويجد في مرور وقت طويل من دون إنجازات أثّر سلبياً على الحراك، "وهو لم يتوافق مع ذهنيّة اللبنانيين، الذين يميلون إلى النتائج السريعة. وهذا ما لعبت عليه السلطة، خصوصاً أن معظم الناس الذين نزلوا إلى الشوارع جدد على العمل العام وصبرهم قليل".

وفي موضوع السياسة ورفع صور السياسيين وتسميتهم يعتبر حلاني أنه كان من الأذكى أن "نعمّم محاربة الطبقة السياسية، فلا نسمّي السياسيين بأسمائهم مراعاة لمشاعر جمهورهم".

ويرى حلّاني أنّ المجموعتين القادرتين على الإستمرار هما "طلعت ريحتكم" و"بدنا نحاسب"، التي ستوجّه نشاطها نحو السياسة عبر المطالبة باعتماد النسبيّة في الانتخابات النيابية المقبلة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها