الخميس 2016/07/21

آخر تحديث: 16:06 (بيروت)

أسعد ذبيان: كنا أذكياء ولكن

الخميس 2016/07/21
أسعد ذبيان: كنا أذكياء ولكن
كانت مظاهرة 29 آب 2015 "أضخم مظاهرة لاطائفية منذ الطائف" (ريشار سمور)
increase حجم الخط decrease
في 22 تموز 2015، بدأت تحركات ما سيعرف لاحقاً بـ"الحراك المدني"، على خلفية أزمة النفايات. أقله، في السنوات الخمس الماضية، كان الحراك التجربة الأكثر تعبيراً عن سعي فئات متعددة من اللبنانيين إلى إحداث تغيير ما، وإن لم تكن خاتمته، وما وصل إليه أو أنتجه، واضحة أو جذرية. كان تجريباً ضرورياً، في كل الأحوال. خلال الأيام المقبلة، تستعيد "المدن" الحراك في سلسلة مقابلات مع أبرز فاعليه، تبدأها بالناشط في مجموعة "طلعت ريحتكم" أسعد ذبيان.


لطالما ربط الحراك وبدايته بما يسمّيه معظم الناشطين بـ"التراكم". ويؤكّد ذبيان، أحد مؤسسي مجموعة "طلعت ريحتكم" أنّه "لا يمكن فصل أي حدث سياسي عن ماضيه، وكل شخص نشط منذ بداية الحراك كان ناشطاً من قبل. والنزول الكثيف إلى الشارع، كان ناتجاً في كثير من الأحيان من حرقة قلب متراكمة من النظام الموجود". أمّا البداية بالنسبة إليه، من ضمن "طلعت ريحتكم"، فكانت برسالة أرسلها إلى زميله في المجموعة عماد بزّي، في 22 تمّوز 2015، قائلاً: "شو رأيك ننزل ع رياض الصلح ونحملّن شعارات طلعت ريحتكم؟".

البداية
يعتبر أسعد أنّه مع بداية المظاهرات كان الجميع يسخر منه ومن زملائه، وكان الواقع صعباً. فالبلد في أزمة نفايات والدعوة إلى التظاهر لم تحشد أكثر من 200 شخص. لكن ذبيان يعتبر أنّ "ما قدّمته طلعت ريحتكم من أعمال جديدة وجريئة على مدار السنة الماضية، ساهم في شدّ الناس وفي إعادة الروح إلى الحراك كلّما نام".

فمن الإعتقالات التي تعرّضوا لها قبل 22 آب إلى التظاهر صباحاً أمام منزل تمام سلام قبل 8 تشرين الأول، إلى الفيديو الشهير الذي عرضته CNN قبل مظاهرة شهر آذار، وغيرها من التحركات الجريئة والخلّاقة التي نفذتها هذه المجموعة الصغيرة، التي ضمّـت 10 أشخاص. لكن ذبيان يؤكد أن "كثراً لا يقدّرون مجموعتنا، وهي كانت كبش محرقة في كثير من الأحيان".

المشاكل التنظيمية
ويقول ذبيان إنّ التنظيم ضمن مجموعته وبين سائر مجموعات الحراك كان مخزياً وأثّر في كثير من المراحل الحسّاسة. ففي اجتماع بين مختلف المجموعات في 23 آب 2015 مثلاً أعلنت "طلعت ريحتكم" عن دعوة إلى مظاهرة في 29 آب، "أضخم مظاهرة لاطائفية منذ الطائف"، وفق ذبيان، إلا أنها "افتقدت إلى التنظيم لكثرة المنصّات الصوتية وكثرة نقاط التجمّع وقلّة الثقة بين المجموعات. ما أدّى إلى أن تتلي بيان المظاهرة فتاة وصل البيان إليها بالخطأ".

قلّة التنظيم هذه، يراها آخرون، من يساريين وناشطين متنوعين داخل الحراك، أمراً طبيعياً وإيجابياً، على اعتبار أن الحراك هو دعوة لجميع الناس لكشف معاناتهم والتعبير عن أنفسهم بالطريقة التي يريدونها. لكن مما لا شكّ فيه أنّ افتقاد الحراك إلى هويّة واحدة، بسبب تعدّد مجموعاته، أثّر سلباً، خصوصاً على مستويي الثقة واتخاذ القرارات. ما أدّى إلى "إنتاج" اجتماعات مطوّلة يكثر فيها الكلام الإستعراضي.

مواجهة السلطة
وفي حين يعتبر ذبيان أنّ المواجهة مع السلطة أبرزت غباءها في بعض الأحيان، خصوصاً في العنف الذي أستخدم ضد المتظاهرين (إطلاق الرصاص في 22 آب)، إلّا أنّه لا ينفي أنّ السلطة كانت أذكى من الحراك في مرات كثيرة أخرى.

ومن الأمثلة على ذلك، كانت الحملة التي شنّها العونيون مثلاً على ذبيان نفسه واتهامه بالإساءة إلى الدين المسيحي، أو مانشيت جريدة "السفير" الشهير الذي قال بوجود "داعش داخل الحراك". يضيف ذبيان: "كنّا أذكياءً في جرّ السلطة إلى العنف ضدّنا، لكنّنا استعملنا العنف ضدها بطريقة غير مدروسة. ما أدّى إلى تحريك الشعبويّة ضدّ الحراك، باعتباره حراك مندسين أو ما شابه".

نتائج الحراك
يرى ذبيان أنّ من أهمّ نتائج الحراك كان تعرّف الناس إلى بعضها، حيث بدأ التشبيك بين ناشطين لم يتعرفوا إلى بعضهم من قبل. ومكّن الحراك الناشطين على الصعيد الشخصي، حيث تعلّموا من أخطائهم وأصبحوا أكثر وعياً لكيفيّة مواجهة السلطة والتعامل معها وتوقّع خطواتها.

وأعطى الحراك في كثير من لحظاته الأمل للناس واستطاع أن يمنح الناشطين ثقة بالنفس، وقدرة على المواجهة وملاحقة المطالب رغم القهر والبلطجة. وبالنسبة إلى ذبيان، نجاح الحراك توجّته نتائج الانتخابات البلدية ودور المستقلّين فيها، وهذا ما لم يشهده البلد من قبل. لكن رغم ذلك، تبيّن بعض الواقعية أن المطلوب من الحراك كان أكثر من ذلك، خصوصاً على الصعيد الثقافي. فباستثناء بعض المحاولات الخجولة من رسامين ومغنين، لم يشهد الحراك جديداً فنياً، ولا عبّر عن كثير من الموجود في الواقع.

أسعد ذبيان
قدّم ذبيان، كما يقول، ماله ووقته إلى الحراك. فهو كان يستعد إلى السفر بعدما أوقف عمله. لكنه في السنة الماضية صرف كلّ أمواله للتفرغ للتغيير. وكان لذبيان دور أيضاً في مظاهرات إسقاط النظام الطائفي في العام 2011. فهو الذي يعمل منذ سنّ 13، يعمل ليضحّي الآن لحراك ربّما أصابه بالملل أكثر من البلد نفسه. وكما أيّ ناشط آخر، يدخل أسعد من حين إلى آخر في فترة التركيز على النفس والعمل. لكنّه في وقت الجد، يرى نفسه في صفوف المظاهرات الأولى.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها