الإثنين 2016/06/27

آخر تحديث: 17:09 (بيروت)

القاع: قرية استراتيجية

الإثنين 2016/06/27
القاع: قرية استراتيجية
مشاريع القاع منطقة زراعية شاسعة تبلغ مساحتها نحو 150 كلم مربع (Getty)
increase حجم الخط decrease
إذا كان لقرى البقاع قصص طويلة مع الحرمان والعتب على الدولة المركزية، فإن للقاع أيضاً قصصها مع الحرب والإحتلال السوري. ذلك أن أبناءها كانوا ضحية مجزرة وقعت في 28 حزيران 1978، نفذها الجيش السوري بحق 15 عائلة من البلدة وعائلات أخرى في القرى المسيحية كرأس بعلبك وجديدة الفاكهة، التي كانت كتائبية التوجّه.


وبعد 11 عاماً على "التحرير" الجديد بخروج الجيش السوري من لبنان والبقاع، يرى بعض أبناء القاع، التي استفاقت فجر الإثنين (27 حزيران/ يونيو) على 4 انفجارات انتحارية، في وجود نحو 14 ألف لاجئ سوري في منطقة المشاريع القريبة، منطلقاً لخطر يترصّد بلدتهم. فالاستنفار الأمني لأبنائها، منذ اندلاع الأحداث السورية ومجيء اللاجئين وسكنهم في منطقة المشاريع، أبلغ إشارة على التهديد الذي يشعرون به، خصوصاً أن القاع قرية مسيحية كاثوليكية تقع ضمن العمق الاستراتيجي لبيئة "حزب الله" في البقاع. وهذا ما مهد لولادة مجموعات مسلحة من أبناء البلدة، مثل مجموعة "صقور القاع"، التي تضمّ نحو 100 شاب وعسكري متقاعد من البلدة، يتولون مهمات مراقبة أي تحرّكات غريبة، بالتنسيق مع الجيش وعناصر "حزب الله".

ولمنطقة المشاريع حيثيات تزيد الوضع الأمني تعقيداً، فالمشاريع هي عبارة عن منطقة زراعية شاسعة، تبلغ مساحتها نحو 150 كلم مربع، وتقع بين مركز الأمن العام والجمارك اللبنانية (الأمانة) ومركز الأمن العام السوري في جوسيه، على الطريق الدولية لجهة مدن النزارية وربلة وصولاً إلى القصير. وهذه الزاوية الشمالية الشرقية تقع تحت سيطرة "حزب الله" والنظام السوري. لكن الحدود الشاسعة وطبيعة الأرض الوعرة على امتداد مئات الكيلومترات تجعل من المستحيل ضبطها بالكامل.

والحال أن أراضي المشاريع غير مفرزة، وهي في الأصل مُستملكة من طريق وضع اليد، وتتداخل بشكل عشوائي مع الأراضي السورية، حتى أنه يمكن لشخص أن يقف فوق نقطة ما وتكون رجله الأولى، عملياً، في سوريا ورجله الثانية في لبنان.

الشهداء بولس الأحمر وجورج فارس وفيصل عاد وماجد وهبة جميعهم من متقاعدي الجيش اللبناني وسكان القرية الدائمين. والشهيد الخامس هو جوزيف ليوس، سائق بوسطة القاع- بيروت، وهو صاحب الوجه المعروف والمحبب لدى أبناء القرية، الذين يعيشون في ضواحي بيروت الشرقية، والمتمركزين في غالبيتهم في منطقة الدكوانة، حيث كان جوزيف يركن في أحد أحيائها الضيقة البوسطة الخاصة به، عند ظهر كل يوم، في انتظار الركاب للانطلاق برحلة الساعتين والنصف إلى "الضيعة".

فرضيات المجيء
الواقع الجغرافي للقاع يعزز فرضية مجيء الانتحاريين من تجمّعات اللاجئين في مشاريع القاع. والتحليل يقول إن وجهة الانتحاريين لم تكن القاع بالضرورة، بل كانت ممراً إجبارياً نحو تنفيذ عمليات تفجير في البلدات المجاورة المقربة من "حزب الله" كالهرمل واللبوة وبعلبك. وقد يكون توقيت العملية عند الرابعة فجراً إشارة إلى أن القاع كانت المحطة الأولى من عملية أبعد وأكبر، أحُبطت قبل وصولها إلى الهدف المرسوم.

الفرضية الثانية تقول إن الانتحاريين قد جاؤوا من الجرود الشرقية لبلدة رأس بعلبك، التي تحتضن عدداً من مسلحي تنظيم "الدولة الإسلامية". هذه الجرود بدورها متصلة بجرود القاع. وقد يكون الانتحاريون الأربعة أو الخمسة، توجهوا إلى القاع لاستهداف أرتال الجيش اللبناني المتمركزة في البلدة وعلى أطرافها، أو أنهم اختاروا القاع محطة عبور سهلة في اتجاه الهرمل. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها