السبت 2014/10/18

آخر تحديث: 17:33 (بيروت)

لا مقعد لأنقرة: هل أسقطت تركيا نفسها؟

السبت 2014/10/18
لا مقعد لأنقرة: هل أسقطت تركيا نفسها؟
ربما أخطأت أنقرة في التفاؤل بقدرتها على أن تكون لاعباً أساسياً في منطقة تزداد عدائيةً لتركيا
increase حجم الخط decrease

لم تتوقع تركيا أن تحول أصوات 72 دولة بينها وبين حصولها على مقعد غير دائم في مجلس الأمن، وأن تفوز إسبانيا في سباق أظهرت نتائجه تراجع التأييد الدولي للسياسة الخارجية التركية، خاصة بما يتعلق بموقف أنقرة من الحرب الدولية على تنظيم الدولة الإسلامية في كلّ من سوريا والعراق.


الفوز بهذا المقعد الموقت، كان بمثابة حاجةٍ أكثر من أملٍ لأنقرة التي تتشوّق لإثبات نفسها على الساحة العالمية، كلاعب دولي قوي صاحب قرار وشروط إدارة اللعبة على حدودها ضد الدولة في سوريا من جهة، وطرف أساسي في ضبط أي دور مستقبلي للأكراد، الذين فتحوا بالفعل قنوات اتصال مع واشنطن، وهم ينجحون تدريجياً في استقطاب دعم دولي لتسليحهم في قتالهم ضد داعش، وهو ما يُغضب أنقرة التي ترى في ذلك خطراً على أمنها القومي.


هذه الخسارة السياسية والمعنوية، سيكون لها ارتدادات على الدبلوماسية التركية في المستقبل القريب؛ فكيف لتركيا الاستمرار بإقناع واشنطن ودول التحالف بأنها شريكتهم في الحرب ضد "الدولة الإسلامية"، في وقت يقف جنودها على الحدود مع مدينة كوباني السورية، يشاهدون رايات الدولة السوداء ترفرف فوق تلالها، ويسمعون تكبيرات رجالها ابتهاجاً بـ"غزو" شارع بعد آخر، دون تحريك أي ساكن؟


يُستغرب تقديم أنقرة ترشحها إلى المقعد غير الدائم لعامي 2015 و2016، بعد مرور سنتين على جلوسها في المقعد نفسه، علماً بأن نظام الأمم المتحدة لا يشجّع على إشغال بلد للمقعد مرتين في فترة قصيرة. ربما بالغ الأتراك بالثقة بأنفسهم، أو ربما يكون رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أغلو أخطأ في التفاؤل بقدرته على جعل تركيا لاعباً أساسياً في الشرق الأوسط ومناطق البلقان، في وقت تتزايد مشاعر العداء بين تركيا وجوارها.


فكوباني ليست وحدها من أسقط تركيا في امتحانها الدولي هذا، إذ تحدثت تقارير إعلامية غربية عن "لوبيات" مصرية وسعودية، نشطت طوال الأسبوع الماضي في حملة ضد عضوية أنقرة، المتهمة بأنها حاضنة "الإخوان المسلمين"، ألد أعداء النظامين، المصري والسعودي.


فبعد 5 أشهر على استلامه الحكم، لا يزال الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، يواجه نتائج "الانقلاب العسكري" الذي أطاح فيه بالرئيس الإخواني محمد مرسي. التظاهرات الطلابية التي عمّت جامعات مصر في أول أسبوع من العام الدراسي، اختارت كثيراً من العناوين، أبرزها الدفاع عن الحريات العامة، والاحتجاج على الإجراءات الأمنية على أبواب الجامعات، وصولاً إلى تظاهرات الطلاب "الإخوانية" الهوى ضد "حكم العسكر" و"الانقلاب العسكري". هذه التحرّكات التي تدلّ على أن شيئاً ما من ثورة جديدة، ربما، يولد في مصر، لا يرى فيها السيسي سوى تدخل تركي لزعزعة أمن الجمهورية المصرية، التي يتعرّض جيشها أيضاً لموجة من التفجيرات تقف وراءها خلايا إسلامية، تُتهم تركيا بتحريكها.


وفي المجتمع الدولي، قد تكون تركيا وقفت عدوةً لنفسها بسبب الإجراءات القمعية التي اتخذتها الشرطة التركية في تظاهرات ساحة تقسيم العام الماضي، وهو ما أثر سلبياً على ملف انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، الذي يُعدً أصلاً ملفاً معقداً بسبب النزاع التاريخي مع قبرص واليونان.


لم يعد خافياً أن تركيا تُعزل شيئاً فشيئاً عن العالم، فمع كثير من الأعداء في المنطقة، وكثير من السمعة السيئة حول احتضانها جماعات متشددة، وقليل من العلاقات الدبلوماسية مع اسرائيل، وقليل من الحوار مع ايران والسعودية حول إرساء سياسة استقرار من المنطقة، هل ستتمكن تركيا من الاستفاقة من حلم اليقظة العثماني وتصحح خطواتها الناقصة للعودة إلى لعب دور بنّاء، على قياسها، في المنطقة؟

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها