الثلاثاء 2016/01/19

آخر تحديث: 17:33 (بيروت)

"ظاهرة" الإخفاء القسري في مصر: السلطة تناور

الثلاثاء 2016/01/19
"ظاهرة" الإخفاء القسري في مصر: السلطة تناور
الاخفاء القسري لم يكن شائعاً قبل الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي (Getty)
increase حجم الخط decrease
بعد شهور طويلة من تحذير نشطاء ومنظمات حقوقية من أن الإخفاء القسري في مصر أصبح "ظاهرة" وإن كانت الجهات الرسمية تنكرها، أعلن "المجلس القومي لحقوق الإنسان"، الإثنين، عن قائمة تضم 99 اسماً لمخفيين قسراً تم معرفة أماكن احتجازهم بناءاً على رد من وزارة الداخلية.


لكن القائمة جاءت مخيبة لآمال المنظمات الحقوقية، حيث لم تؤد إلى كشف أماكن وجود مخفيين فعليين، بل أعلنت أماكن احتجاز بعضهم بعد ظهورهم. وكانت حملة "الحرية للجدعان"، وهي حملة حقوقية تطالب بالحرية للمحتجزين بشكل تعسفي، قد أعدّت قائمة بأسماء 191 مخفياً، وتوجهت بها قبل أشهر إلى "المجلس القومي لحقوق الإنسان"، الذي نقلها بدوره إلى وزارة الداخلية.

ويقول المحامي حليم حنيش، عضو حملة "أوقفوا الاختفاء القسري"، لـ"المدن" إن "الأسماء الواردة في قائمة المجلس القومي قديمة، وتم جمعها في شهري حزيران وتموز من العام 2015، حيث عرف مصير الأسماء الموجودة فيها، وقد أخلي سبيل 15 منهم. أما الآخرون فلا يزالون رهن الحبس الاحتياطي". ويضيف حنيش: "في المقابل، هناك أسماء أخرى لم يتم الرد بخصوص أماكن تواجدها، فوزارة الداخلية تنتظر حتى تُسلم المخفيين إلى النيابة العامة، وبعد أن تسجنهم النيابة كمتهمين على ذمة إحدى القضايا، تعلن الداخلية عن وجودهم في السجون".

ويعد أشرف شحاتة، عضو حزب الدستور، أحد أشهر المخفيين قسراً، حيث توجه إلى مكتب الأمن الوطني للتحقيق معه، في كانون الثاني 2014، ولم يعرف مصيره منذ ذلك الوقت. وقد سعت زوجته مها مكاوي إلى البحث عنه بكل الطرق الممكنة، إلا أن الردود التي كانت تتلقاها من ضباط وزارة الداخلية كانت من نوع "ممكن يكون اتجوز عليكي، أو انضم إلى داعش"، رغم أن مصادر في الوزارة، على معرفة بمها، كانت أكدت لها أن زوجها محتجز لدى الأمن الوطني.

وكان اللواء أبو بكر عبد الكريم، المتحدث باسم وزارة الداخلية، قد برأ وزارته من ضلوعها بإخفاء شحاتة، عارضاً لـ"شهادة تحركات" صادرة عن مصلحة الجوازات، توكد أنه غادر مصر، غير أن مصلحة الجوازات، وبعد استفسار زوجته، لم تخبرها بالوجهة التي سافر إليها. وقد ظهر اسم شحاتة، الاثنين، في قائمة مجلس حقوق الإنسان، وتبين أنه محتجز في سجن الزقازيق. لكن زوجته التي توجهت إلى هذا السجن للتأكد من وجوده إكتشفت أن هناك تشابهاً في الأسماء، وهذا ما أكده في وقت لاحق مجلس حقوق الانسان.

والحال إن الاخفاء القسري لم يكن شائعاً قبل الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي، إلى أن تم سجنه مع فريقه الرئاسي في مكان غير معلوم فور إعلان عزله، بعدها بدأت وزارة الداخلية باتباع هذا النهج بشكل مكثف.

وبحسب حملة "أوقفوا الاختفاء القسري"، فإن 40 حالة اخفاء قسري سجلت في العامين 2013 و2014، من دون التوصل إلى معرفة أي شيء عنهم حتى الآن. وفي العام 2015 تم تسجيل نحو 650 حالة، ظهر منهم 300 في الأقسام والنيابات بعد اخفائهم قسراً لمدة تتراوح بين أسبوع وثلاثة أشهر، ومازال مصير 350 منهم مجهولاً حتى الآن، فيما تستمر المنظمات الحقوقية بإعداد المزيد من القوائم لترسلها إلى "المجلس القومي لحقوق الانسان".

وتسعى المنظمات الحقوقية، على ما يشرح لـ"المدن" خالد عبد الحميد، وهو عضو في حملة "الحرية للجدعان"، إلى "نشر معلومات عن المختفين، وتوصية ذويهم بملء الاستمارات في المجلس القومي لحقوق الإنسان، ومساندة أسرهم". إلا أن عبد الحميد يرى أن أداء المجلس يحتاج إلى مجهود أكبر، ذلك أنه "لا يمارس ضغطاً كبيراً على الحكومة ولا يطالب بفتح تحقيقات في الوقائع السابقة. كما أن المجلس لا يعد هذا إخفاءا أصلاً، بل يُعرّفه بأنه احتجاز من دون وجه حق، وهناك جدل حقوقي حول المصطلح، والمدة التى يعرّف بعدها الشخص بأنه مخفي قسراً".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها