الخميس 2015/06/11

آخر تحديث: 19:14 (بيروت)

"وآخرتها؟"..إضراب على استحياء في مصر

الخميس 2015/06/11
"وآخرتها؟"..إضراب على استحياء في مصر
"غرافيتي" للحملة على أحد الجدران (تويتر)
increase حجم الخط decrease

وآخرتها؟ هو الشعار الذي أطلقته حركة "6 أبريل" داعية المصريين للجلوس في بيتهم والإضراب عن العمل، بداية من الخميس، كمظهر إعتراضي على ممارسات النظام المصري.

الأسباب والوسائل


في ظل توتر أمني، دعت الحركة إلى الجلوس في المنزل وإغلاق المحال التجارية، وعدم الذهاب الى المصالح الحكومية، وعدم دفع فواتير الكهرباء التي تأتي بمبالغ كبيرة، وفواتير المياة إذا كانت غير نظيفة، معللة ذلك بأن النظام يقمع التظاهرات ويتذرع بالحرب على الإرهاب، والمطلوب حسب الحركة هو إظهار النقمة بالمقاطعة والاحتجاج عبر الإحتجاب.


وعن مدى نجاح الإضراب، نشرت الحركة صورا لشوارع فارغة ومحال مغلقة للدلالة على نجاح مسعاها، مستشهدة أيضا بإضراب نقابة الأطباء صباح الخميس، وإضراب المحامين والصحافيين هذا الأسبوع. كما قالت إنها دشنت غرفة عمليات لقياس نتائج دعوتها. ولكن لا يمكن التسليم بأن السيولة المرورية تدل بالضرورة على استجابة الناس للإضراب، كما أن إضراب النقابات كان لأسباب مختلفة عن أسباب الحركة. ويبقى تأجيل رفع أسعار الكهرباء عن بعض الشرائح هو المطلب الذي تحقق من مطالب الحركة منذ الأيام الماضية وحتى الآن.


صدّرت الحركة أسباباً إقتصادية في دعوتها للإضراب، كزيادة الضرائب على الطبقات الفقيرة، ورفع الدعم عن الخدمات الأساسية مثل الماء والكهرباء، والحديث عن احتمال إلغاء العلاوة التي تُصرف لموظفي الدولة بنسبة 10 في المئة على المرتب كل عام. أما الأسباب السياسية التي ذكرتها الحركة فهي أن السلطة صارت تنتهج الإرهاب الفكري والترويع، وسياسة الصوت الواحد. بالإضافة إلى أسباب إجتماعية متمثلة في الإستقطاب والإنقسام المجتمعي، وارتفاع وتيرة العنف والدم.


"6 أبريل" كفاعل سياسي


ليست حركة "6 أبريل" ذات قوى عددية كبيرة مثل جماعات أخرى، كالإخوان المسلمين مثلاً، لكنها تعتمد بشكل كبير على تحريك الشارع ودفعه للضغط على النظام. وإن كان الشارع لا يحب المشاركة في فعاليات معارضة في الوقت الحالي، فقد يبدو الإضراب وسيلة مناسبة وأكثر أمناً للاعتراض من التحركات الميدانية التي قد تنتهي باعتقالات أو حالات اعتداء جسدي. لكن فكرة الإضراب نفسها صعبة التطبيق في مصر، إذ تستوجب تنسيقاً على مستوى عال، ودعاية مكثفة، وتوصيل الفكرة لشرائح أكبر من الناس، وهو ما يبدو أنه لم يحدث هذه المرة بشكل جيد.


الإضراب الذي نجح فعلياً من قبل، هو إضراب عمال المحلة في 6 أبريل 2008، وهو اليوم الذي نشأت فيه الحركة التي سميت بالإسم نفسه. لكن العصيان المدني الذي دعت له القوى المدنية في ذكرى تنحي مبارك عام 2012 لم يشهد مشاركة كبيرة لعدم تأييد عدد كبير له، رغم دعم عدد من القوى السياسية في ذلك الوقت، من بينها "الإخوان المسلمون".


قد يكون نجاح الإضراب صعباً في هذه الظروف، لكن المثل الشعبي "العيار اللي مايصيبش يدور" حاضرٌ في المشهد على ما يبدو. ويقول عبدالرحمن عثمان عضو الحركة السابق لـ "المدن": "حتى وإن لم ينجح الإضراب بشكل كامل، فهو شوشرة وضغط على النظام"، كما صرح القيادي بالحركة خالد إسماعيل لموقع "مصر العربية": "ربما تكون دعوتنا رسالة إنذار للحكومة فتتراجع عن رفع الأسعار، وحينها تكون الحملة نجحت".


تنسيق غير كافٍ


تقول الحركة إنها وجهت دعوة للنقابات العمالية والمهنية، واتحادات العمال للمشاركة، كما يرسم أعضاؤها الـ"غرافيتي"، ويعلقون الملصقات، ويوزعون المنشورات في الشوارع، إلا أن حركات عديدة اشتكت من غياب التنسيق.


أما القنوات المؤيدة لجماعة الإخوان المسلمين فروجت للإضراب، وخصصت فقرات تستضيف فيها نشطاء وممثلي ائتلافات عمالية، لكن الجماعة لم تدعم الدعوة ببيان رسمي.


الإعلام يتجاهل والأمن يخطف


لم يُبد الإعلام اكتراثاً للدعوة، فلم يُفرد له مساحة كافية سواء بمعارضة الدعوة أو التأييد، إلا بشكل موجز، كأحمد شوبير ،المذيع الرياضي الشهير، إذ أعلن امتناعه عن تقديم برنامجه في حال نجح الإضراب. أما مواقع التواصل الإجتماعي فسلكت السلوك نفسه أيضاً، ولم يشر النشطاء للإضراب إلا بعجالة.


من جهة ثانية، كان سلوك الأمن مختلفاً، فلم يتجاهل الدعوة، بل راح يقبض على نشطاء وطلاب، بالإضافة إلى إخفاء بعضهم قسرياً. وبحسب الناشطة الحقوقية منى سيف، فإنه تم توجيه تهم "التحريض على الإضراب والإنضمام إلى حركة 6 أبريل للشبان الذين قبض عليهم في الفترة الماضية، ولم تثبت التحريات إنتماءهم إلى الإخوان المسلمين".


تستهدف الحركة مشاركة من كل الطوائف وليس العمال فقط كما هو واضح من الدعوة، وهو ما يستدعي النظام لرفضها، وإن كانت مسيرة النظام لا تتأثر بالإضرابات المحدودة، فإنها لا تكف عن محاربتها أيضاً، كما حدث في شمال سيناء الأسبوع الماضي، حيث أطلق الجيش النار على عمال أسمنت العريش الذين أضربوا عن العمل، ونتج عنه وفاة أحدهم.


قد لا تخدم الظروف هذه الدعوة، لكن البعض يرى أنه يجب الصبر والتجهيز لفعاليات أكثر تأثيراً.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها