هكذا، لم يقتصر استنكار "إتحاد المقعدين اللبنانيين" على وجود مركز واحد فقط في لبنان لتلامذة المناطق كافّة، بل شمل أيضاً "تملّص الوزارة من مسؤوليتها لناحية تأمين دمج المعوقين، كما لو أنها تعزلهم في مركز واحد"، كما قالت رئيسة الإتحاد سيلفانا اللقّيس لـ"المدن".
واعتبر رئيس "جمعية الشبيبة للمكفوفين" عامر مكارم، التي يترشح كثير من تلامذتها إلى الإمتحانات الرسمية، أن "هذا القرار ضد مبادئنا وسياستنا في الدمج التربوي، فهو يعزل المعوقين في مكان واحد ويميّزهم، كما انه من الناحية العملية يكبّد التلامذة مشقّة الوصول إلى مركز الإمتحانات".
محاولة الجمعيّة تجنيب تلامذتها أي نوع من أنواع التمييز، قد تكون مثالاً جيداً للوضع الطبيعي الذي يُتوقع أن يقدّم فيه التلامذة، على اختلافهم، الإمتحانات. ففي ظل غياب أي تجهيزات خاصّة في المدارس الرسميّة لاستقبال ذوي الإحتياجات يرتاد معظم تلامذة الجمعية مدارس خاصّة. وفي فترة الإمتحانات يرافقون زملاءهم للتقديم في مراكز رسمية في منطقتهم، كما أفاد مكارم، اذ "يمكن في هذه المراكز أن تُخصص لهم غرفة خاصّة شرط أن يكون المركز في منطقتهم وتابعاً للوزارة".
ويبدو واضحاً تلكّؤ وزارة التربية، منذ صدور القانون 220\2000، في التعاون مع الإتحاد من أجل منح المعوقين حقوقهم الإنسانية التي نصت عليها الإتفاقية الدولية للأشخاص المعوقين. وهذا ما تؤكده اللقيس في حديثها عن "محاولات كثيرة لتجهيز المدارس الرسمية لتصبح صديقة لذوي الإحتياجات الجسدية والذهنية، فمنذ 4 سنوات نحاول العمل على تكييف المنهاج المهني مع حالات ذوي الإحتياجات، لكن الوزارة لم تتعاون مع أي من هذه المحاولات".
وفي حين يترشّح للإمتحانات الرّسميّة هذه السّنة 72 تلميذ، من ذوي الاحتياجات الخاصة، للشهادتين المتوسّطة والثانويّة، و194 تلميذ يعانون من صعوبات تعلّمية، فإن وزارة التربية ترى أن هذا الإجراء لا يحمل معنى تمييزياً، بل يهدف إلى توفير الظروف الأنسب لكل تلميذ بحسب حاجاته. في هذا السياق، يقول رئيس منطقة بيروت التربوية محمد الجمل: "منذ 6 سنوات خصصنا مركزاً واحداً لذوي الإحتياجات في بيروت، اذ ليس بإمكاننا تزويد المراكز كلها بمتطلبات الحاجات المختلفة، وقد يسبب وجود هؤلاء التلامذة في نفس غرف تقديم الإمتحان مع زملائهم إزعاجاً للآخرين، إذ تتطلب حاجة بعضهم مثلاً وجود شخص مساعد أو آلة سمع".
على الرّغم من ذلك، لا يبدو حرص الوزارة على توفير ظروف مثالية للتلامذة أثناء تقديمهم الإمتحانات في أحسن أحواله، إذ أكّدت اللقيس أنّ "شكاوى كثيرة تصلنا من التلامذة حول عدم إعطائهم وقتاً كافياً لحل المسابقات، وصعوبة تقديم طلب الترشّح أو توفير شخص مساعد أثناء الإمتحان. فهذه التسهيلات تقدمها وزارة التربية أحياناً وليس دائماً في بيروت، أما في المناطق الأخرى فهي غير متوفرة. باختصار، صارت هذه الآلية تعتمد على مزاج الموظف بسبب غياب الرقابة من قبل الوزارة".
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها