السبت 2015/10/03

آخر تحديث: 08:04 (بيروت)

التبذير في الإنفاق الحكومي: المرتبة 139 من 140 لـ"لبنان"

السبت 2015/10/03
التبذير في الإنفاق الحكومي: المرتبة 139 من 140 لـ"لبنان"
تحيل وزارة المالية وفقاً للقانون مشروع الموازنة الى مجلس الوزراء ليضع سياسته المالية العامة(علي علوش)
increase حجم الخط decrease
"139/140"هي المرتبة التي أحرزها لبنان في ما يتعلق بالتبذير في الإنفاق الحكومي. فوفقاً لتقرير التنافسية العالمية لعام 2015، يحل لبنان في المرتبة ما قبل الأخيرة عالمياً على صعيد هدر المال العام. وتعكس الأرقام الصادرة في إطار التقرير المذكور، هول الفساد الحكومي.


على الرغم من كم الإنفاق الإضافي الذي تقوم به الحكومات المتتالية، لا تزال القطاعات العامة في حالة من التراجع. مثلاً، يحل لبنان وفقاً للتقرير نفسه في المرتبة 138 من أصل 140 في مجال نوعية البنى التحتية والكهرباء. ما يحيل الى التساؤل عن وجهة الإنفاق.  


والحال أن تحديد وجهة الإنفاق وحدوده تبدو أصعب بكثير في ظل غياب قوانين الموازنة العامة منذ عام 2005. عام 2006 قررت الحكومة القيام بالجباية والإنفاق بناءً على الإعتمادات الملحوظة في مشروع موازنة 2006 فكانت بداية الإنفاق غير المشروع. وهو كذلك لعدم إقراره في مجلس النواب بطبيعة الحال. 


عام 2007 بدأت الحكومة باللجوء الى القاعدة الإثني عشرية بشكل مخالف للدستور وقانون المحاسبة العمومية. فإستندت في نفقاتها الإضافية الى مشروع موازنة عام 2007 من دون أن يعرض على مجلس النواب. وهكذا تستمر الحكومة حتى اليوم بالإنفاق وفقاً لصيغة قانونية مكررة، مع ما تقرره من فتح إعتمادات إضافية وفقاً لمشاريع موازنات. يضاف اليها آلية "سلفات الخزينة" التي تلجأ اليها الوزارات لسداد ما يتوجب على الدولة، مثل رواتب الموظفين.


هكذا تحولت المخالفة الى نهج من الإنفاق غير الدستوري. وهو كذلك إنطلاقاً من قاعدة شرعية الجباية وشرعية الإنفاق، أي ألا يتم أي عمل منهما من دون الصك التشريعي السنوي الذي يجيزه، أي الموازنة. هذا الشكل من الإنفاق ليس المخالفة الوحيدة. ذلك أن المخالفات على صعيد الإنفاق العام بدأت في المرحلة اللاحقة للحرب الأهلية مباشرةً، لا سيما مع "تصفير حسابات الخزينة لدى مصرف لبنان"، وما تلى هذا الإجراء من إنعدام للدقة في قطع الحسابات وعرقلة لدور ديوان المحاسبة في مجال الرقابة على الميزانيات.


بالمفهوم الحقوقي الذي يتناغم وسير الحياة الديمقراطية لأي دولة، لا تعود المسألة مجرد هدر للمال العام، بل هي تعدٍ وإنتهاك واضح للأسس الديمقراطية. ذلك أن شعوباً ناضلت عبر السنين لتكرس مبدأ مفاده ألا ضريبة من دون نص. أي أن الجهة الوحيدة المخولة الموافقة على الضرائب وجبايتها هي الشعب الذي يدفعها، ويكون ذلك من خلال ممثليه في مجلس النواب. 

عام 2014 كانت شرارة أولى في طريق المحاسبة عن سنوات من الإنفاق غير المشروع من خلال مراجعة قدمت امام مجلس شورى الدولة لإتخاذ إجراءات إحترازية لحماية المال العام. خلال الأيام الأخيرة من هذا الأسبوع عقدت مجموعة من المحامين لقاءً تشاورياً أعلنت في نهايتها نيتها لمساءلة القضاء عن الملفات التي لم يبت بها بعد، ومساءلة ديوان المحاسبة عن عمله الذي لا يقوم به.


في الـ30 من أيلول كان إفتتاح السنة القضائية في ديوان المحاسبة. أهم ما تطرق له رئيس ديوان المحاسبة القاضي احمد حمدان خلال الإفتتاح هو" حق المواطن على الديوان معرفة كيف تحصل امواله وكيف تنفق". فهل يتحرك القضاء بشقيه المالي والإداري، ويعيد لنفسه السلطة التي منحه ايها الدستور، ليحاسب كل مسؤول عن سنوات من الهدر أغرقت البلاد وأفقرتها؟

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها