الخميس 2015/01/08

آخر تحديث: 12:54 (بيروت)

إنقسام حول "فلورة الملح": ما رأي الدولة؟

الخميس 2015/01/08
إنقسام حول "فلورة الملح": ما رأي الدولة؟
أشارت دراسة في "الأميركية" إلى أنّ الفلورة مع الملح تؤثر على نسبة الذكاء لدى الأطفال (Getty)
increase حجم الخط decrease
هل صحة الفم في خطر؟ سؤال تطرحه دراسات علمية تضع صحة الأسنان أمام مفترق طرق. إذ يشدد بعضها على أهمية الفلور في الملح للحفاظ عليها، فيما يناقض البعض الآخر ذلك، ويعتبر أن الفلور في الملح لا يخفف من تسوس الأسنان بل يقلل الذكاء عند الأطفال.



قانون فلورة الملح
أكدت دراسات وأبحاث علمية صادرة عن "منظمة الصحة العالمية" أهمية تطبيق قانون فلورة الملح لحماية صحة الفم والأسنان لدى الأطفال، الذي صدر في لبنان في العام 2011 تحت الرقم 178. وعلى الرغم من أن المنظمة تعد أرفع مؤسسة دولية تهتم بمجال الصحة، إلا أن هذا القانون رفض من قبل بعض المتخصصين في لبنان. وهذا ما يثير استياء الدكتور منير ضومط، ممثل "الهيئة الوطنية لصحة الفم والأسنان" والخبير لدى المنظمة المذكورة، إذ أن "هذا الرفض لا يستند الى أسس علمية. فكل الدراسات العلمية التي أجريناها تثبت أهمية فلورة الملح في الطعام وضرورة تطبيق القانون وذلك بهدف حماية أسنان الأطفال من التسوس".

ويضيف ضومط: "في الفترة الأخيرة اجتمعنا مع الذين عارضوا تطبيق القانون في وزارة الصحة فتبين لنا أنهم أجروا دراسة غير مستوفية الشروط العلمية، حيث اعتمدوا على كشف الفلور في جسم الأطفال من خلال عينة واحدة من البول بدل ثلاث عينات، للكشف عن وضعية الفلور في الجسم ومدى خطورته. ولذلك لا يجوز أبداً اعلان معلومات ناقصة، للقضاء على قانون فلورة الملح. فكم من العائلات الفقيرة، على سبيل المثال في المناطق النائية، لا تستطيع شراء معجون الأسنان للوقاية؟ فوجود الفلور في ملح الطعام يحميها ضمن معايير علمية مدروسة، ونحن مستعدون ان نواجه الجميع بالعلم".


تقلل الذكاء؟
في المقابل عارض أستاذ علم التغذية في "الجامعة الأميركية في بيروت" عمر عبيد قانون فلورة الملح شارحاً لـ"المدن" بأن "اليود في الملح ضروري، أما الفلور فليس مادة أساسية فيه ووجودها فيه ليس ضرورياً. إذ تبين وفق الدراسة التي أجريناها في الجامعة أنّ الفلورة مع الملح لا تؤثر في التخفيف من تسوس الأسنان، بل من المحتمل ان يكون لها ضرر سام إذا أسيئ استعمالها أو أخذت بكمية كبيرة، خصوصاً في ظل غياب الرقابة. بمعنى أن اختلاط الملح مع الفلور بطريقة خاطئة قد تؤثر سلباً على صحة الأسنان".

يضيف عبيد: "الفلور موجود مثلاً بكميات كبيرة في الشاي. واذا تناولنا أيضا ملح الطعام المزود بالفلور قد يزيد الأمر سوءاً فيما يخص صحة الأسنان، وبالتالي لن يخفف من التسوس. من دون ان ننسى ان الكميات المرتفعة من الفلور قد تؤثر على نسبة الذكاء عند الأطفال، أي ان ازدياد الكمية يساهم في خفض نسبة الذكاء". على أن تسوس الأسنان، وفقه، "يعود الى قلة تنظيفها وليس الى قلة الفلور، الذي يشكل 10 الى 15 في المئة من احتمالات حمايتها من التسوس".

ويتساءل عبيد: "لماذا لا تقوم الدولة بتقييم ما أنجزته من تطبيق قانون فلورة الملح في الطعام، وأقله تفعيل دور المفتشين الصحيين لتعزيز الرقابة؟ ذلك أننا عندما أجرينا دراستنا الأخيرة تبين لنا أنّ عدداً مهماً من الطلاب في مدارس عكار، مثلاً، لا يعرفون ما هي فرشاة الأسنان".


حملة ضد القانون
وأطلق ناشطون عريضة الكترونية معارضة للقانون، تؤكد، من بين "وقائع" أخرى، على أن الدول التي يوجد الفلور في مياهها ليس لديها وضع أفضل في صحة الأسنان من الدول الأخرى، على ما تشير تقارير لـ"منظمة الصحة العالمية".

ان تسوس الأسنان هو آفة لها تداعيات وخيمة على الصحة العامة. ففي لبنان أظهرت نتائج مسح وطني أُجريّ في العام 1994 حول صحة الفم والأسنان انتشاراً عالياً لتسوس الأسنان لدى جميع الفئات العمرية، مما صنف لبنان في أسوأ درجة وفقاً لـ"منظمة الصحة العالمية" من حيث تجاوز متوسط مؤشر الأسنان النخرة والمفقودة والمحشوة. فكان لا بد من تطبيق برنامج وقائي شامل على المستوى الوطني. وتعتبر الفلورة وسيلة فعالة وغير مكلفة تساهم بشكل فعال الى جانب العناية الفموية بالوقاية من تسوس الأسنان.

ومن أجل وضع استراتيجية وطنية لاعتماد الفلورة كحل آمن وفعال، سواءاً من خلال المياه أو ملح الطعام أو من خلال أي وسيلة أخرى، كان لا بد من اجراء دراسات علمية في لبنان عن نسبة تسوس الأسنان لدى الأطفال ودراسات معمقة عن معدل الفلور في مياه الشرب والافرازات الكلوية للفلور عند الأطفال، بالاضافة الى دراسات عن كمية استهلاك المواد والمنتوجات التي تحتوي على الفلور في لبنان، وذلك من قبل كلية طب الأسنان في "الجامعة اللبنانية" بالتعاون مع "جامعة تكساس" و"مركز العلوم الصحية" في سان أنطونيو بدعم من "منظمة الصحة العالمية".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها