السبت 2014/08/30

آخر تحديث: 12:48 (بيروت)

أهالي المخطوفين: ما زلنا ننتظر

السبت 2014/08/30
أهالي المخطوفين: ما زلنا ننتظر
أسير في السجون السورية :"أنا كمان من لبنان، صرلي 25 سنة هون..." (علي علوش)
increase حجم الخط decrease


كانت ديما تطعم أباها، حين بدأت وسائل الإعلام تبث خبر خروج سمير القنطار من الأسر. أحبت أن تشارك أباها بالخبر لعلّها تبث بعضا من الأمل في نفسه. "طلع سمير القنطار"، قالت له، إلّا أنّه وعوضا من أن يفرح رمى لقمة الطعام من فمه. مكث ثلاثة أيام بعد الحادثة من دون طعام إلى أن توفي في اليوم الرابع. "سمير قنطار كان الدفعة الأخيرة من الأسرى، وخروجه كان يعني لجدي أنّ ابنه لن يعود"، يقول حفيده رمزي.

"سميت رمزي على اسم خالي المفقود" يقول الحفيد رمزي. أمّا الجدّة التي تجاوزت الستين، أصيبت بالألزهايمر منذ تسع سنوات، ولكنها فور سماعها باسم "رمزي" تنتفض وتتسع عيناها من دون أن تقوى على الكلام. "32 سنة ورمزي مفقود، أمي نسيت كل شي إلا إسمو". تقول ديما.

في الفترة التي خطف فيها رمزي، قام رفاقه بخطف 15 شخصاً وأتوا بهم إلى منزل والديه، إلّا أن الأم صرخت بهم "ردوهن، ما تحرقوا قلب أماتن، أنا ام وبعرف".


***


"كان جان يكتب شعر" تقول شقيقته مارلين، وبعد مرور 25 عاما على اختفائه ما زالت مارلين تحتفظ بجميع ما كتبه. "جيب جيت من ضيعتي/ تساهم، تساعد لقوة جيشي/ يا لبنان مهما تطول عليك هالعيشة/ بدنا نرجع الاستقلال/ ونوقف بوج الأعادي"، لم يكن يعرف جان أنّ  وقوفه بوجه الأعادي سيحرمه سنين حياته ويحرم أهله من معرفة مصيره. لم يكتب جان فقط عن الجيش وحمايته للوطن، بل كتب أيضا خواطر لكل فرد من أسرته، وفي كل قصيدة كان يذكر أنّ غيابه لن يطول. "كأنو كان حاسس انو ح ينخطف" تقول مارلين.

أمّا والدة جان فما زالت بكامل صحتّها تنتظر عودة ابنها. "مبارح قالتلي دقي للصليب الأحمر بركي جد شي معن"، تقول مارلين.



***


أمنيتها الوحيدة كانت أن ترى ابنها قبل أن تموت. إنتظرته 23 عاما. لم يأت. قبل أن تموت قالت لأولادها "لما يجي ميلاد، خلي يدق ع قبري يقللي يا إمّي أنا جيت". والد ميلاد كان يأمل أيضا أن يحضر ابنه لوداعه. وهو ممد على السرير كان بنظر إلى أولاده من حوله، واحدا تلو الآخر، وعندما لم يجد له أثر سألهم "وينو ميلاد؟".


***


بالنسبة لديما الموت أسهل من الفقد. "الميّت بتدفني، المفقود بضلّلي طول حياتك ناطرتي". أخبار رمزي إنقطعت منذ إختطافه على حاجز بمكّين، قضاء عالية يوم 29 تموز 1982. "وصلتنا كتير خبار، ما منعرف أدي دقيقة"، تؤكد ديما. في العام نفسه وجدت سيارة رمزي بالقرب من المجلس الحربي ولدى سؤالها عنه كان الجواب، "اذا سيارتو هون، ما ضروري هو يكون هون". بعدها تضاربت الأخبار، "حدا يقول صفّوا، وحدا يقول بعدو عايش".

***

ميلاد وجان لم يموتا، على الأٌقل هذا ما كان مؤكدا حتى العام 2008.

عام 2008 وإثر إعتقال أحد الشبان اللبنانيين في سجن تدمر السوري، تواصل معه صوت من زنزانة أخرى "أنا كمان من لبنان، صرلي 25 سنة هون، أهلي ما عارفين شي عني، وما حدا عم يسأل عني مفكريني ميّت"، كان هذا صوت ميلاد.

منذ ست سنوات، وصل رجل من سوريا معه رسالة شفهيّة من جان لأهله "أنا بعدني طيّب، إسألوا عني وتعو خدوني"، مارلين أكيدة أنّ أخاها على قيد الحياة، "الأخبار اللي خبرن هي خيي ما حدا غيري معو خبرها هيدا بأكدلي انو بعدو عايش". تهمة أخي سياسيّة، ولكنّه لم يحاكم حتى الآن، كل ما تتمناه مارلين هو الوصول إلى النهاية. "ميتين ت نعمل واجباتنا معن، طيبين خلونا عالقليلة نتواصل معن ونشوفن".

increase حجم الخط decrease