الأربعاء 2014/12/10

آخر تحديث: 18:41 (بيروت)

"اللبنانية الأميركية" تبحث في "التابو الجنسي"

الأربعاء 2014/12/10
"اللبنانية الأميركية" تبحث في "التابو الجنسي"
يدخل التمييز الطبقي في "معاقبة" مثليي الجنس في لبنان (خليل حسن)
increase حجم الخط decrease
"السيكس مش منيح"، تعبير يلخص حضور المثلية الجنسية في المنظور المجتمعي الشائع. الا أن مقاربة أكثر أكاديمية كانت موضوع ندوة نظمها نادي "حقوق الإنسان" في "الجامعة اللبنانية الأميركية" في بيروت، اليوم، بعنوان "الأقليات الجنسانية في لبنان: من المنظورين السياسي والقانوني"، ألقاها الناشط في "جمعية حلم" أحمد صالح، والناشطة في "جمعية نسوية" نادين معوض.


مخفر حبيش: إعتقالات تعسفية
كان موضوع النقاش الأبرز قضية الإنتهاكات الحقوقية للمثليين التي تفاعلت بشكل كبير مؤخراً مع ازدياد المداهمات لتجمعات المثليين واعتقالهم بموجب القانون 534. وقد تحدث صالح عن الإنتهاكات القانونية الحاصلة بحق الموقوفين في مخفر "حبيش"، بدءاً من "الإشتباه بهم استناداً الى ملبسهم وهيئتهم الخارجية"، مروراً بالـ"الفحوص الشرجية" وانتهاءاً بـ"تعليقهم وضربهم".

وبالحديث عن القانون، اعتبر صالح أن "القانون يعاقب على الاعتداء على الحريات العامة والخاصة". لكن الإعتماد على الهاتف الشخصي للمشتبه به من أجل الحصول على الدلائل ليس "سوى برهان على غزو المساحة الخاصة للفرد". وقد شرح صالح لـ"المدن" أن "الإعتداءات في المخفر تتحكم بها تعسفية القانون من جهة، وشخصية الشرطي/ المُحقق بما يملك من أحكام مسبقة من جهة أخرى، فالقانون لا يبيح الضرب لكن رجال الشرطة يمارسونه".

وبالنسبة لصالح فإن مخفر "حبيش" جمّل ونقح صورته "فقط بالدعاية التي يروج لها مؤخراً، الا أنه في الداخل لم يتغيّر أبداً، وما زال العنف ذاته يمارس فيه". وقد رأت معوض أنه "من الواضح للجميع أن هذه الإعتقالات لا تؤدي الى "ابادة" المثلية الجنسية الا أن هدفها هو السيطرة على جنسانية الناس، فدول العالم كلها مهووسة بالسيطرة على جنسانية المواطن عموماً والمرأة خصوصاً".

ولفت صالح الى وجود عنصر مهم في هذه المسألة "هو التمييز الطبقي، وهو أمر واضح وليس خافياً. اذ ليس سرا أن الأولوية في اعتقال المثليين هي للاجئين السوريين، والفقراء منهم تحديداً. في المقابل، الأماكن التي تعتبر مخصصة للمثليين، بالأخص الميسورين، علنية ومعروفة". وعملية الإنتقاء هذه تتم بالإعتماد على الفئة الإقتصادية بشكل أساسي. وقد ارتكز صالح في توصيفه للوضع على أمثلة واقعية حيث عمل مخفر حبيش على تخفيف عقوبات لـ"مشتبه بهم يرتدون ملابس مرتبة ويصففون شعرهم"، في حين ضُرب من لم يستوف هذه الشروط. وأشار الى أنه "في حادثة حمام الآغا أعتدي بالضرب على السوريين فحسب".

في المقابل رأى أحد الحاضرين أن "حالة لبنان ما زالت أفضل بكثير من حالة البلدان العربية الأخرى، فدولتنا تقمعنا بطريقة حضارية اذ تسمح لنا على الأقل أن نقيم هذه الندوة".


رهاب المثلية
"أنتَ انتاية" هي أكبر إهانة بحق شاب، وفق معوض التي لفتت الى أنّ "الشتائم بمعظمها متعلقة بجنسانيتنا". هذا لأن الجنسانية متعلقة بمجموعة من الصور النمطية والقواعد التي لا يجوز خرقها. وبحسب معوض فإن "الأشخاص الذين يتحدون جنسهم هم أكثر من يُغضب المجتمع". وهذا ما تعبر عنه معوض بالـ"هلع الأخلاقي المتعلق بالجنس". ذلك أن الخروج عن المألوف هو سبب هلع الأديان التي ارتأت أنه "كارثة يجب السيطرة عليها وتحديد ما هو طبيعي وما هو شاذ" على حد تعبيرها.

ولعل العنف الأكثر خطورة هو العنف المعنوي غير المباشر الذي يمارسه المجتمع بغية قمع الإختلاف في مجال الجنسانية من خلال "التسويق لنوع واحد من الصور المتعلقة بجنسانية المرأة وهي صور تلقننا مفهوماً محدداً للجنس وتعطي اطاراً موحداً لللذة الجنسية"، وفق معوض. من هنا، نخاف الخروج عن مفهوم اللذة الجنسية الذي يرسمه الإعلام ونمتنع عن التعبير عن جنسانيتنا. أما الصورة المقرونة بمفهوم الحرية الجنسانية في المتخيّل المجتمعي السائد "فهي أناس يركضون عراة في الشارع"، وفقها.

أما بالنسبة لمعالجة رهاب المثلية، فلا ترى معوض أي جدوى في اللجوء الى رجال الدين أو اجراء تغييرات ثانوية للقوانين، كما يقارب البعض هذه القضية. "فبوجود قانون طائفي للأحوال الشخصية، لا أهمية لأي تغيير". على أن الحل الوحيد عندها هو "اسقاط هذا النظام، فنحن نحاول منذ أربعينات القرن الماضي أن نحدث تغييرات في أجزاء منه ولم يؤد ذلك الى أي نتيجة".

رهاب الجنسية في الجامعات
قد يكون هذا النشاط هو الأول من نوعه وبهذه المباشرة في الـ"LAU". وقالت رئيسة نادي "حقوق الإنسان" صفا حمزة لـ"المدن": "صحيح أنني لم أشهد يوماً على رهاب مثلي في حرم الجامعة الا أنه قد يكون هناك رهاب غير معلن وهذا ما يجب معالجته، لهذا ارتأينا تنظيم هذا النقاش الذي يبحث في التابو الجنسي".

وقال صالح لـ"المدن" إن "حلم" تحاول تنظيم نشاطات مستمرة مع طلاب الجامعات، الا أن الأمر "يخضع الى عملية انتقاء من قبل الجامعات التي تحاول أحياناً رفض النشاط بطرق غير مباشرة كالتحجج بعدم توفر الوقت". وهو لا يرى أن الجامعات الخاصة "مكان أكثر ترحيباً بمثليي الجنس، بل لا تختلف كثيراً عن الخارج". أما عن هذا النوع من التسويق للمسألة، والذي يختلف عن الحملات الإلكترونية، فقال صالح "المشكلة تتعلق بالأمان، فهناك تخوف من أن يتم تصوير الحاضرين في هذه الندوة واستخدام الأمر ضدهم في ما بعد".

من جهتها رأت معوض أن الجسم الطلابي قد تغير في السنوات الأخيرة وقد أصبح أكثر انفتاحاً اتجاه هذه المواضيع، "فمنذ ست سنوات فقط، نظم طلاب في هذه الجامعة حملة ضد وجود المثليين في الجامعة، ونحن الآن نناقش القضية بكل موضوعية". وقد قالت لـ"المدن" إنها غالباً ما تلقي محاضرات في الجامعات الخاصة اللبنانية عن هذا الموضوع لكنها تواجه صعوبات في بعضها لجهة تحجر عقلية الطلاب، وأعطت مثالاً عن "استحالة اقناع طلاب اللبنانية الأميركية بكون الجندر مفهوماً اجتماعياً وليس بيولوجياً". أما عن تنظيم نقاش كهذا في الجامعة اللبنانية فهو "أمر مستحيل"، بحسب معوض. من هنا، لم تكن عنونة النقاش بـ"أقليات جنسانية" سوى للتأكيد أن لا وجود لما يسمى بـ"الأقليات الجنسانية".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها