الجمعة 2014/10/17

آخر تحديث: 13:29 (بيروت)

المساحات العامة.. "لا بتنباع ولا بتنشرى"

الجمعة 2014/10/17
المساحات العامة.. "لا بتنباع ولا بتنشرى"
التحرك التالي سيكون سهرة في الرملة البيضا في 24 من الشهر الجاري (خليل حسن)
increase حجم الخط decrease

"المساحات العامة حقّ عام، لا بينشرى ولا بينباع" هو الشعار الذي جمع عدداً من الجمعيات الأهلية وناشطين مستقلين، أمس، أمام بلدية بيروت في تحرك اعتراضي بعنوان "المساحات العامة في مدينة بيروت". ونظم التحرك "الإئتلاف المدني للحفاظ على المساحات العامة وتفعيل التنقل الحضاري"، الذي يضم مجموعة من الجمعيات المدنية التي تلاقت حول قضيتي "المساحات العامة" و"النقل المشترك". ويرى باسل عبدالله من "تيار المجتمع المدني" أن أهمية هذا الإئتلاف، الذي تشكّل منذ خمسة أسابيع، تكمن في كونه "حلقة تلاق بين القوى كافة". على أن تعليق أحد الناشطين بـ"أخيراً اجتمعوا على قضية"، ليس بلا دلالة في آخر الأمر أيضاً.

أما هذا التحرك بالتحديد فهو "ردة فعل على عدم تحمّل بلدية بيروت لمسؤولياتها المنصوص عليها قانونا بحماية المساحات العامة من حدائق وشواطئ عامة وغيرها"، وفقه. لكن ما دفع إلى تشكيل الإئتلاف هو السياج الذي وُضع حول شاطئ الرملة البيضا، منذ ما يزيد عن شهر، منبئاً ببدء خصخصة آخر مساحة عامة في بيروت، وذلك بعد "مصادرة" دالية الروشة وإبقاء حرش بيروت مغلقاً أمام العامة.

بناءاً عليه، نزل الناشطون لمطالبة البلدية بقرارات ثلاثة هي: فتح حرش بيروت، ازالة السياج من حول الدالية والرملة البيضا. وكان الحراك بحسب توصيف المنظمين "رمزياً"، اذ لا يهدف الى حشد "الملايين"، إنما إلى إيصال رسالة تبين الصورة التي سيكون البلد عليها في حال أغلق القليل مما تبقى من المساحات العامة. انطلاقاً من هذا المبدأ، كان موقع الاعتصام عبارة عن مسرح حضر فيه صيادون، منقذون بحريون، لاعبو ورق وطاولة، وغيرها من النشاطات التي يقصد الناس الشاطئ من أجل ممارستها.

تضمن الحراك أيضاً رسماً للوحات تعبّر عن المدينة. فرسمت تشكيلية شابة فوضى بيروت من خلال ألوان متداخلة وغير متناسقة، وصوّرتها مدينة غارقة في مجرور كبير. أما لوحة الشاب محمد رمال فكانت أكثر ايجابية. اذ رسم التظاهرة بما تضمّه "من ألوان وأطياف مختلفة"، وفقه. وهو يشارك في الحراك من خلال لوحة لأنه "اذا لم أستطع التعبير بصوتي، يمكنني أن أجد طريقة أخرى".

وقال محمد أيوب، المدير التنفيذي لجمعية "نحن"، إن "المساحة العامة الأجدى بنا المطالبة بها قبل الدالية والرملة البيضا هي البلدية نفسها". ولأن كانت البلدية تتهرب من مسؤولياتها بالقول "نحنا تحت الدرابزين ما خصنا"، "كان التجمع تحت هذا الدرابزين"، وفقه. واستند أيوب إلى مواد قانونية تمنع استغلال المجال العام بهذا الشكل. كما أشار إلى القانون الذي يمنح وزارة البيئة صلاحيات "إدارة وتنظيم وحماية المواقع الطبيعية"، مطالباً بلدية بيروت بتنفيذ توصية الوزارة في ما خص إزالة السياج. وقد رُفعت، في السياق نفسه، لافتة كُتب عليها "البيئة بدها تشيل السور والبلدية حارسيتو". وقد غنى الناشطون لرئيس البلدية:
"رنة وعودك يا ريس
عم بتنادينا يا ريس
نفذ وعودك يا ريس
اصدق بكلامك يا ريس
رجع رملتنا يا ريس
تا نشم ترابا يا ريس".

المشاركون في حراك الأربعاء ضد التمديد، أول أمس، لا يجدون أن قضية المساحات العامة أقل أهمية من مسألة التمديد أو الفساد أو النظام الطائفي. "فحتى لو كانت الدنيا خربانة، يمكننا أن نبقي على المساحات العامة"، يقول أحد المشاركين. وبالنسبة لعمر المصلح، الذي ينشط في "اتحاد الشباب الديمقراطي"، فإن "القضايا لا تنفصل عن بعضها، بل ان القضية هنا واضحة، فهناك سلطة سياسية تنهب الأملاك بشكل فاضح. ففي الدالية 14 (آذار) وفي الرملة 8 (آذار)".

وتكمن أهمية الرملة البيضا بالنسبة للناشط فراس سنيورة في كونها "جزءاً من ذاكرة الناس المشتركة". وهو يأسف لعدم حشد هكذا حراك لعدد كبير من الناس. لكنه يذكّر بأن "الهدف الأساسي ليس الأرقام انما خلق رأي عام واع ودينامكي معني بالتفاعل مع هذه قضايا". ولم تمنع العكازات محمد الحارس من المشاركة في الحراك. فهو يربط المساحات العامة "بالتنوع الطائفي والطبقي والعمري الذي نفتقده يوماً بعد يوم"، متخوفاً من "اقتصار الحراك على اعتصام واحد أو اثنين قبل أن يُنسى، كما جرت العادة مع المجتمع المدني".

في المقابل يَعد المجتمع المدني بالالتزام بهذه القضية. فهو متمسك بما توفر من أمل وإن كان ضئيلاً. ويدعو الى تحرك آخر، وهو سهرة في الرملة البيضا، في الـ24 من الجاري. أما عن تجاوب البلدية مع هذه التحركات، فيقول أيوب "لقد قلنا كلمتنا والآن سننتظر". وقد بانت، أمس، أولى بوادر التجاوب اذ طلب رئيس البلدية لقاء أحد المنظمين.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها