الأحد 2017/05/21

آخر تحديث: 00:46 (بيروت)

مجتمع الميم في مواجهة التطرّف: بحاجة إلى الدعم

الأحد 2017/05/21
مجتمع الميم في مواجهة التطرّف: بحاجة إلى الدعم
المظاهرة الأولى لمجتمع الميم في لبنان كانت في العام 2003 (Getty)
increase حجم الخط decrease

في لبنان، أو ما يعرف ببلد الحريات، تعذّر على مجتمع الميم إقامة نشاطاته السنوية لمناسبة اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية. وعلى وقع التهديدات الصادرة عن جهاتٍ دينية متطرفة، التي طالت الجمعيات المنظمة لمؤتمر ميم وفي مقدّمها جمعية حلم، إضطرت الأخيرة إلى تغيير مكان إنعقاد المؤتمر من مترو المدينة، الذي وصلته التهديدات مباشرةً، إلى فضاء وسائل التواصل الاجتماعي باعتبارها مساحة آمنة.

تحت شعار "وصمة عار"، اجتمعت 6 جمعيات لبنانية عاملة في مجال القضايا الجندرية، وغطّى ممثل عن كلّ جمعية أحد جوانب هذه القضية المتمثلة بالتمييز والإضطهاد السياسي المجتمعي والقضائي والصحي لأفراد مجتمع الميم. واستهلّت المؤتمر الرئيسة التنفيذية لجمعية حلم غنوة سمحات بتأكيد عدم رضوخ مجتمع الميم للتهديدات وإصراره على "الوجود والاستمرار". فـ"الواجب الأخلاقي" دفع الجمعية إلى تغيير مكان المؤتمر حفاظاً على سلامة من كان من المفترض أن يشاركوا فيه. وتوجّهت بالحديث إلى أجهزة الدولة ومؤسساتها مطالبةً بحماية الحريات التي كفلها الدستور اللبناني، التي هي "أساس بناء دولة القانون الديمقراطية التي وعدنا بها العهد الجديد".

تخبّط القضاء
تناول المحامي وعضو المفكرة القانونية كريم نمور الجانب القانوني لقضية "الميم"، منطلقاً من عنوانٍ عريض هو المادّة 534 من قانون العقوبات، التي تجرّم أي ممارسة جنسية "مخالفة للطبيعة". وفي هذا الإطار، يشير نمّور إلى تخبّط القضاة في معالجتهم قضايا هذه المادّة المبهمة، وذكر عدداً من القرارات القضائية والاجتهادات الصادرة عن قضاة رفضوا اعتبار المثلية ممارسة خارجة عن القانون أو الطبيعة، ابتداءً من العام 2009 حتى اليوم. ما استدعى "ردّة فعل من النظام الحاكم، الذي سارع إلى تنظيم مؤتمرات تتناول هذه القضية، منها ندوة المركز الكاثوليكي للإعلام تحت عنوان الشذوذ الجنسي".

ونشأ عن ردّة الفعل هذه توجّه لدى مجلس القضاء الأعلى إلى "الحدّ من دور القاضي واعتباره خادماً للقانون وآلة لانتاج القرارات القضائية والجزائية". وذلك بعدما علّق مجلس القضاء الأعلى على المؤتمر السابق ذكره بالقول: "لا يحقّ للقاضي التفسير بشكل يؤدي إلى توسيع أو تضييق النصوص القانونية، وإلا أعتبر متعدياً على الاختصاص التشريعي للمجلس النيابي". عليه، شدّد نمّور على أن "دور القاضي الأساسي هو تطوير مفاهيم واجتهادات القانون"، وليس الرضوخ إلى المادّة 534. ذلك أنها "شواذ في القانون الموضعي"، وفقه. واعتبر أن موقف مجلس القضاء الأعلى هو "تعدّ على إستقلالية القضاة والوظيفة القضائية".

الحاجة إلى دعم
استهلّ جورج قزي، من المؤسسة العربية للحريات والمساواة، كلمته بشأن حراك الميم في العالم العربي بالقول: "لم أكن أتخيل أننا في العام 2017 سننظم ندوة في مكانٍ سرّي". ذلك أن المظاهرة الأولى لمجتمع الميم كانت في العام 2003، تلاها تأسيس جمعية حلم في العام 2004. أما في العام 2006 فقد "ازداد حلفاؤنا وأصبحنا جزءاً من المجتمع المدني اللبناني، ولم نشعر بالحاجة إلى الاختباء". وفي العام 2009، شعر مجتمع الميم الناشط أنه أوصل الرسالة المرجوة وأصبح جاهزاً للإنطلاق بها إلى العالم العربي، فتأسست الجمعية العربية للحريات والمساواة، ومذاك تضاعف عدد الجمعيات العربية الحقوقية الناشطة في هذا المجال من إثنين إلى 15 جمعية.

ودعا قزّي الجمعيات العربية إلى تقديم الدعم لمجتمع الميم اللبناني. فبعدما "وقف مجتمع الميم اللبناني إلى جانب العديد من الجمعيات العربية وقدّم لها الدعم، ورغم أننا ظننا أن لبنان سيظلّ البلد الوحيد الذي يمكننا رفع الصوت فيه، تبيّن أننا كنا على خطأ، وأن لبنان اليوم بحاجة إلى الدعم".

الصحة الجنسية: تحريم وتمييز
وفي ما يخصّ الصحة الجنسية لمجتمع الميم في لبنان، تحدّثت مديرة جمعية مرسى ديانا أبوعباس عن نقص الثقافة الجنسية، إبتداءً من المناهج المدرسية والجامعية، ووصولاً إلى التمييز في تقديم الرعاية الصحية لأفراد الميم، مروراً بتحريم كل ما يتعلّق بالجنس والجنسانية.

وتشير أبوعباس إلى دراسة أطلقتها حلم في العام 2009 حول آراء ومواقف الأطباء حيال مجتمع الميم، تبيّن بنتيجتها أن 50% من الأطباء يرفضون تقديم الخدمة الصحية الجنسية لمجتمع الميم. وشدّدت على "الوصمة التي يتعرّض إليها هؤلاء في المراكز الصحية، بما في ذلك انتهاك خصوصية حاملي فيروس HIV ومنعهم من الحصول على خدمات طبية أخرى".

ليست مرضاً
وتناولت بيانكا سلوم من جمعية "Lebmash" مسألة الصحة النفسية لمجتمع الميم، فاستعادت النظريات الشائعة في تفسير المثلية الجنسية، التي تصوّرها كمرضٍ نفسي. وشدّدت على المفاهيم الخاطئة التي تحملها هذه "النظريات". وعدّدت سلوم بعض المراجع الطبية الرسمية، ومنها الجمعيتان اللبنانيتان لعلم النفس والطب النفسي، التي "نفت منذ زمنٍ أن تكون المثلية مرضاً نفسياً أو خللاً هرمونياً وعرّفتها بأنها تنوّع طبيعي للجنسانية، مثلها كمثل الغيرية الجنسية". وأكّدت سلوم عدم جدوى "العلاج التغييري"، الذي يهدف إلى "تصحيح" الهوية الجنسانية، وخطورته.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها