الثلاثاء 2016/12/06

آخر تحديث: 01:31 (بيروت)

رافضو الحروب حول العالم.. يتقلّصون

الثلاثاء 2016/12/06
رافضو الحروب حول العالم.. يتقلّصون
المتضررون من الحرب هم أكثر تمسكاً بقانون الحرب واتفاقيات جنيف (Getty)
increase حجم الخط decrease
في خضم النزاعات والحروب، يتبنى كثيرون المثل القائل "كل شيء مباح في الحب والحرب". وبنتيجة ما يشهده العالم اليوم من نماذج الحروب الهمجية السائدة في عدد من الدول، يغيب عن ذهن البعض أن للحرب قانوناً أيضاً، وأن الظلم الذي يتعرض له كثرٌ ليس مشرعاً. عليه، أجرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر دراسة دولية حول آراء الناس ومواقفهم من قضايا الحرب، وقد أطلقت هذه الدراسة خلال مؤتمر صحافي، في 4 كانون الأول، في فندق كراون بلازا في الحمرا.

"تأييد قوي لاتفاقيات جنيف لكن لامبالاة متزايدة إزاء التعذيب"، هي الخلاصة التي وصلت إليها الدراسة التي شملت أكثر من 17 ألف شخص من 16 دولة، من بينها 10 دول كانت تخوض نزاعاً مسلحاً أثناء إجراء الدراسة، بالإضافة إلى الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي (الصين، فرنسا، روسيا، المملكة المتحدة والولايات المتحدة). وكشفت الدراسة أن 80% من الأشخاص الذين تمّ إستطلاع آرائهم "يعتقدون بأن على المقاتلين تجنب إلحاق الأذى بالمدنيين قدر الإمكان عند مهاجمة العدو، وأن الهجوم على المشافي وسيارات الإسعاف والعاملين في المجال الصحي هو أمر خاطئ".

وقد تمّت مقارنة النتائج التي وصلت إليها الدراسة مع نتائج دراسة سابقة أجريت في العام 1999. والمقلق كان إنخفاض نسبة المؤمنين بعدم أحقية تعذيب مقاتلي العدو من أجل الحصول على معلوماتٍ منهم، من 66% في العام 1999 إلى 48% في العام 2016. كما يعتقد 27% منهم أن "التعذيب هو جزء من الحرب". وأشار رئيس عمليات اللجنة الدولية للصليب الأحمر في منطقة الشرق الأدنى والأوسط روبير مارديني، خلال المؤتمر، إلى "التجاهل الواضح للاتفاقيات الدولية بشأن الحرب، ورفض الدول تحمل المسؤولية بل وإنكارها مسؤوليتها". أما في ما يخص المدنيين والأفراد، فتحدّث مارديني عن "شيطنة العدو من قبل جميع الأطراف"، وهذا ما يبرّر موقف 66% الذين يؤيدون تعذيب أسرى العدو.

تظهر الدراسة تناقضاً صارخاً بين آراء سكان الدول المتضررة من النزاعات المسلحة وبين مواقف أولئك الذين لا يعيشون حرباً. إذ بدت الفئة الأولى أقلّ تقبلاً لاستهداف المدنيين والعاملين في مجال الإغاثة والإسعاف، فيما أفصحت الثانية عن تسامح أكبر مع هذه الانتهاكات الإنسانية. ففي حين يعتقد 80% من الأشخاص الذين يعيشون في دول تخوض نزاعاً مسلحاً أن "مهاجمة المقاتلين الأعداء في قرى أو مدن مأهولة بالسكان من أجل إضعاف العدو هو أمر خاطئ". لكن هذه النسبة تنخفض إلى 50% في الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، أي تلك الخالية من النزاعات المسلحة. وعلى غرار ذلك، يعتبر 40% منهم أن تعرض العاملين في المجال الإنساني للقتل أو الإصابة هو جزء من الحرب، في مقابل 25% عند سكان الدول المتضررة من النزاع.

واللافت في الدراسة هو النتائج التي تمّ الوصول إليها بشأن اليمن، إذ سجّلت مواقف سكان اليمن الذي يعيشون صراعاً مسلحاً دامياً، أعلى نسب من التسامح إزاء جرائم الحرب. إذ عبّر 99% ممن شملتهم الدراسة عن رفضهم تعذيب مقاتلي العدو المأسورين، واعتبروا جميعهم (100%) أن التعذيب أمر خاطئ وليس جزءاً من الحرب. وفي المقارنة بين مواقف الفلسطينيين والإسرائيليين إزاء سلوكيات الحرب، نلحظ تقارباً شديداً في النسب، إذ اعتبر نحو 50% من الفئتين أن تعذيب مقاتلي العدو هو أمر مشروع وجزء من الحرب. وعمّا إذا كانت مواقف الناس تجاه الحرب تختلف باختلاف نوع الحرب (حرب داخلية في مقابل حرب مع عدو خارجي)، قال مارديني لـ"المدن" إن "معظم النزاعات المسلحة التي يخوضها العالم اليوم هي حروب داخلية وأهلية، لذا لم يشمل استطلاع الرأي سؤالاً عن موقف الناس من عدو خارجي في مقابل عدو آخر من أبناء البلد. أما في ما يخص الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني، فقد اعتبرناه داخلياً هو الآخر".

في المحصلة، تظهر الدراسة أن الناس المتضررين مباشرةً من آثار الحرب هم أكثر تمسكاً بقانون الحرب واتفاقيات جنيف، من الشعوب البعيدة من ميادين النزاع، أي سكان دول العالم الأوّل. من جهةٍ أخرى، تظهر الدراسة تبايناً بين الرأي العام والسياسات والاجراءات التي تتبعها الدول والمجموعات المسلحة. وفي الختام، أكّد مارديني ضرورة "إنصات الدول وأطراف النزاعات إلى ما يقوله الناس، وإلتزامها بأحكام القوانين والاتفاقات الدولية وتوقفها عن تقديم الدعم لأطراف النزاعات المسلحة".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها