الأربعاء 2015/05/27

آخر تحديث: 17:43 (بيروت)

حزب السفارة

الأربعاء 2015/05/27
حزب السفارة
من صور الحرب الأهلية المتداولة ضمن #شيعة_السفارة: "شيعة إيران لإيران.. وشيعة الجنوب للجنوب"
increase حجم الخط decrease
عندما يقرن حزب الله بين مناوأة سلطته في داخل الطائفة الشيعية والإنتماء إلى سفارة الولايات المتحدة الأميركية، التي هي، بقاموسه، "الشيطان الأكبر"، يبدو كأنه يتغاضى عن موقعه، كسفارة أيضاً، حيال الشباب والأطفال، الذين يجرهم عن طريقه للقتال في الميدان السوري، بهدف الدفاع عن نظام البعث.

هذا ما تشير إليه صفحة "شيعة السفارة" في "فايسبوك" (إضافة إلى هاشتاغ #شيعة_السفارة و#كلنا_شيعة_السفارة و#هيا_إلى_التعبئة_العامة)، والتي كانت قد أُطلقت في إثر تلويح قائد حزب الله حسن نصرالله بـ"التعبئة العامة"، وما تتضمنه من "استنهاض للهمم"، و"تحطيم للعظام". وقد أخذت الصفحة على عاتقها استعادة أفعال "المقاومة الإسلامية" وحلفائها في معسكر الممانعة من تصفية المختلفين في الرأي عنه، وتصفية المنتمين بالتجند إليه.

ذاك، أن الحزب، في تخلصه مما يجدهم بمثابة أعداءه في لبنان، يؤدي دور السبيل إلى حتفهم. وهذه التأدية ليست بعيدة عن سلوك محوره، الذي، في لحظات الضيق أو غيرها، يعمد إلى الإنتهاء من معارضيه وخصومه، بعد تخوينهم واتهامهم بنُزع العمالة والإلحاد والتكفير. ليس غريباً أن تهدد "المقاومة الإسلامية" هؤلاء، وتتركهم على خوف من اغتيال أو إهلاك، لترصهم في جماعةٍ، فتصيب منهم مقتلاً، ولو مؤخراً.

والفعل هذا ليس مقطوعاً عما يؤديه الحزب حيال شباب الطائفة الشيعية، والذين يحملهم عسر عيشهم وافتقاره للنفاذ إلى الإلتحاق بالحزب، على اعتباره "سفارة"، تُخرجهم من أوضاعهم إلى أخرى، وهو حين يعلن "التعبئة العامة"، يبدو كأنه يعلن فتح باب الهجرة نحو ساحات حربه.

إلا أن الهجرة تقتضي من المنضمين إلى سفارتها الموجودة قبلهم وعليهم. تقتضي منهم عدد من الخطوات، أولها، الإنتقال إلى الميدان، وثانيها، القتل، وثالثها، الموت. وكلما أقدم عليها المنضم، يتضاعف حظه في الحصول على تأشيرة، التي تنفي عنه النعوت المتأرجحة بين التقاعس والعمالة، وعلى إقامةٍ تثبته في هويته وفي عين السفير، الذين "يرى ويعلم".

بعد ذلك، تجد سفارة الحزب، على ما يظهر في تصريحاتها الأخيرة، أن الشيعة جميعهم مجرد ملتحقين، إما بها أو بسفارة أخرى غيرها، فإما أن يكونوا من "سفارة الشيعة" أو من "شيعة السفارة". وفي حالتهم الثانية، هم "تكفيريون وخونة وعملاء وأغبياء".

تتصدى صفحة "شيعة السفارة" لهذا التقسيم، وأول التصدي هو الإشارة إلى المنضمين من محور حزب السفارة إلى سفارة ثانية، أي الوزير محمد جواد خليفة، الذي سُرب عنه في "ويكيلكس" قوله لـ"عرّابي" سفارة الولايات المتحدة الأميركية أن "حزب الله سيجعل حياتنا جحيماً".

مثلما تتذكر الصفحة مقالةً، كتبها أحد صحافيي حزب السفارة، موجهاً التحية فيها إلى مؤسس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن. والحال، أن التصدي يبرز، في بعض البوستات، ساخراً من عبارة "شيعة السفارة" ومضمونها التصنيفي، ذلك، رغم انطلاق الصفحة منها، لا سيما في استعادة أسماء بعض الشخصيات، التي من المعلوم أن معسكر "المقاومة والممانعة" كان خلف تصفيتها، من خليل نعوس إلى مهدي عامل وغيرهما. هذا، ولا تنسى الصفحة مخاطبة الذين ينظر إليهم الحزب على أنهم ملحقه الشعبي، ومصدر جنوده أو مهاجريه فقط.


لما يرى حزب الله  في المعارضين لسلطته داخل مجاله الطائفي مجموعة من الملتحقين بسفارةٍ ما، يكرس نفسه أكثر فأكثر كسفارةٍ، يجب على الجميع الإنضمام إليها. فبإطلاقه الوصف-الإتهام، "شيعة السفارة"، يريد أن يقول: "أنا السفارة الموجودة قبل الشيعة"، وفي الحالتين، يذهب بالمتقدمين بطلبات الهجرة إليه نحو القتل ثم الموت، ويهدد غير المتقدمين إلى الهجرة عبره بمصير مجهول.

بالنسبة لحزب الله، لا شيعة بدون سفارته، ولا سفارة غيره. على الجميع أن يختار بين "سفارة الشيعة" و"شيعة السفارة"، وبين محور الممانعة والمحور المضاد له، بين معسكر 8 آذار الفظ و14 آذار المتهافت، وإلا فهو معدوم بالأصل.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها