إلا أن الهجرة تقتضي من المنضمين إلى سفارتها الموجودة قبلهم وعليهم. تقتضي منهم عدد من الخطوات، أولها، الإنتقال إلى الميدان، وثانيها، القتل، وثالثها، الموت. وكلما أقدم عليها المنضم، يتضاعف حظه في الحصول على تأشيرة، التي تنفي عنه النعوت المتأرجحة بين التقاعس والعمالة، وعلى إقامةٍ تثبته في هويته وفي عين السفير، الذين "يرى ويعلم".
بعد ذلك، تجد سفارة الحزب، على ما يظهر في تصريحاتها الأخيرة، أن الشيعة جميعهم مجرد ملتحقين، إما بها أو بسفارة أخرى غيرها، فإما أن يكونوا من "سفارة الشيعة" أو من "شيعة السفارة". وفي حالتهم الثانية، هم "تكفيريون وخونة وعملاء وأغبياء".
تتصدى صفحة "شيعة السفارة" لهذا التقسيم، وأول التصدي هو الإشارة إلى المنضمين من محور حزب السفارة إلى سفارة ثانية، أي الوزير محمد جواد خليفة، الذي سُرب عنه في "ويكيلكس" قوله لـ"عرّابي" سفارة الولايات المتحدة الأميركية أن "حزب الله سيجعل حياتنا جحيماً".
مثلما تتذكر الصفحة مقالةً، كتبها أحد صحافيي حزب السفارة، موجهاً التحية فيها إلى مؤسس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن. والحال، أن التصدي يبرز، في بعض البوستات، ساخراً من عبارة "شيعة السفارة" ومضمونها التصنيفي، ذلك، رغم انطلاق الصفحة منها، لا سيما في استعادة أسماء بعض الشخصيات، التي من المعلوم أن معسكر "المقاومة والممانعة" كان خلف تصفيتها، من خليل نعوس إلى مهدي عامل وغيرهما. هذا، ولا تنسى الصفحة مخاطبة الذين ينظر إليهم الحزب على أنهم ملحقه الشعبي، ومصدر جنوده أو مهاجريه فقط.
لما يرى حزب الله في المعارضين لسلطته داخل مجاله الطائفي مجموعة من الملتحقين بسفارةٍ ما، يكرس نفسه أكثر فأكثر كسفارةٍ، يجب على الجميع الإنضمام إليها. فبإطلاقه الوصف-الإتهام، "شيعة السفارة"، يريد أن يقول: "أنا السفارة الموجودة قبل الشيعة"، وفي الحالتين، يذهب بالمتقدمين بطلبات الهجرة إليه نحو القتل ثم الموت، ويهدد غير المتقدمين إلى الهجرة عبره بمصير مجهول.
بالنسبة لحزب الله، لا شيعة بدون سفارته، ولا سفارة غيره. على الجميع أن يختار بين "سفارة الشيعة" و"شيعة السفارة"، وبين محور الممانعة والمحور المضاد له، بين معسكر 8 آذار الفظ و14 آذار المتهافت، وإلا فهو معدوم بالأصل.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها