الأربعاء 2014/10/22

آخر تحديث: 18:40 (بيروت)

صفعة فتوش.. وخيبة زوكربيرغ

الأربعاء 2014/10/22
صفعة فتوش.. وخيبة زوكربيرغ
قرصنة الموقع الالكتروني للنائب فتوش.. أداة تغيير في الخارج العنكبوتي لفايسبوك
increase حجم الخط decrease

تحول "فايسبوك"، بالنسبة لمستخدميه، من وسيلة تغيير على ما راج، منذ اندلاع الثورات في بعض بلدان العالم العربي، إلى فضاء لتكفين القضايا والأسئلة. في لبنان أيضاً شاعت هذه المقولة نفسها، حول دور الموقع الأزرق، الذي إستمد قوته منها، وعزز مركزه، ومن ناحية مقابلة، دخل كثيرون فضاءه من باب "ثوريته" المفترضة، ليبقوا فيه، أو يعلقوا داخله.

وهذا ما اثبتته مؤخراً حادثة اعتداء النائب الفاسد، بكساراته الملتهمة لجبال لبنان على الأقل، نقولا فتوش على الموظفة منال ضو بالصفع. وذلك، حتى رأوا، ان التكرار بات محرك التفاعل "الفايسبوكي"، خصوصاً حين يتصل بقضية او اشكالية عامة. ففي وقت كانت "البوستات" تتكاثر وتنتشر، منددةً بارتكاب فتوش، عبّر كثيرون عن فقدان هذه الجلبة لأي نتيجة. فالشجب، وما يلحقه من "كومنت" و"لايك"، لن يعين على محاكمة المعتدي، او التصدي له. كأن ما يكتب في "فايسبوك"، يواصل بقاءه داخله، الى ان تجرفه "ستاتوسات" اخرى.

كما لو أن مستنكر التنديد "البوستي" ينطلق من خيبة حالية، وتعويل سابق، موضوعهما واحد، وهو دور "كتاب الوجه" في عملية الاحتجاج او الرفض. فالموقع، الذي كان قد نظر اليه كأداة ضغط على السلطات، لتبدل موقفها من قضية محددة، او تقدم على حل مسألة بعينها،  تكشف عن خرافة، او بالأحرى لم يبلغ هدفه المصور له مسبقاً. ما أدى الى إصابة المستخدم، في "الفايسبوك اللبناني"، اذا صح التقسيم، بالإخفاق، الذي يُعطف على مسلك كلامي، منتشر مجتمعياً، ومفاده  شبيه بالاستسلام لـ"الأمر الواقع"، أو المفروض، والقول أن انتقاد السلطة، ومؤسساتها وممثليها، وإعلان شوائبها، غير نافع.

وبالتالي، لا مناص من الإذعان لها، والابتعاد عن التفكير في تغييرها، او العمل على تبديل مجرى تعاملها مع "المواطنين" على الأقل. نتيجة ذلك، تُضاف الخيبة من "فايسبوك"، بوصفه المنقذ الإلكتروني، الى الانقياد للأحوال القائمة، فيتضاعف الشعور بالإرغام، الذي لا يمكن الجزم ان كان هو الدافع الى استنكار اي حركة احتجاجية زرقاء، والإسراع في اعلان فشلها، او موتها قبل ولادتها.

من جهته، قد يكون ناشر "البوست" التنديدي مأخوذاً بالقضايا الطارئة على "نيوز فيد"، او جداره العام، والتي غالباً ما تحصد "لايكات" وتعليقات عديدة، ما يشجعه على تناولها في "ستاتوسات". وربما، قد يكون مهتماً بها، الا أنه ما أن ينشر عنها، كتابةً أو تصويراً، على "بروفايله"، حتى تغلب عليها القواعد "الفايسبوكية" اكثر من أهدافها الأصلية، كالتعبير والاعتراض على سبيل المثال.

على ذلك، من الممكن ان يتحمل إستنكار "التنديد الفايسبوكي"، صحة ما، بحيث ان الموقع الأزرق يستهلك القضايا من دون ان يفتح الباب على تغيير في خارجه. لكن، هذه الصحة، سرعان ما تتبدد مع الانتباه الى ان الاستنكار مؤلف بالاعتماد الخائب على "فايسبوك"، الذي لا يتعامل معه مستخدموه اللبنانيون، نشطاء او غيرهم، على أساس انه شركة ربحية. هي لن تعينهم على تبديد محنهم اليومية، بل على التواصل بحسب معاييرها الخاصة، أي أنه، وبكل بساطة، مكان اجتماع، وليس أداة تغيير بحد ذاته.

فعلاقة "فايسبوك" بخارجه تحتاج الى بحث دقيق، بلا ان تُختزل بكونها تغييرية او تأثيرية مباشرة. وفي هذا السياق، ضروري التذكير بآلية أساس، تتحرك تلك العلاقة وفقها، وهي تُختصر في محاولة "كتاب الوجه" ابتلاع خارجه، والإبقاء عليه داخله. فالقضية، التي تنتقل الى مجاله، تتفاعل داخله، وفي أغلب الأوقات، تُخمد فيه، ومرد ذلك انها تتحول الى معلومة "فايسبوكية" كغيرها، تثير الإعجاب والتعليق، قبل ان تحل مكانها واحدة أخرى، مرتبطة بالخارج أكثر، لماذا؟ لأنها تتيح للموقع الأزرق أن يجوفه من أحداثه.

لكن، إذا كان "فايسبوك" مكان اجتماع، ولا يمكنه ان يتحول باستمرار، وبطريقة مباشرة واوتوماتيكية، الى وسيلة تغيير، فـ"ما العمل انترنتياً؟".

لنأخذ قضية اعتداء نقولا فتوش على منال ضو كمثال، بحيث انها تفاعلت على "فايسبوك"، بعدما نقلتها، كخبر، "المؤسسة اللبنانية للإرسال" "إم تي في"، وأنتجت الكثير من البوستات حولها، ثم كتب العديد من المستخدمين عن لاجدوى التنديد الفايسبوكي، بلا محاكمة المعتدي فعلياً، فـ"الستاتوس" يبقى على حاله، ولنا في قضايا سابقة عبرة.

لكن، من جانب آخر، وفي الخارج من "فايسبوك"، العنكبوتي تحديداً، تمكن قراصنة من اختراق الموقع الالكتروني للنائب فتوش، مبدلين صوره الى صور ساخرة منه، وناشرين شعاري "حرامية ونص"، و"١٢٨ حرامي" في إشارة الى أعضاء مجلس النواب. اذاً، القرصنة، في هذا المطاف، أداة تغيير في الخارج العنكبوتي للفايسبوك. أما في خارجه غير الإنترنتي، والذي يسمى "الواقع"، فالأمر يحتاج الى اكثر من قرصنة، الى توقيف ومحاكمة وعقاب، كي لا يظل البلد يردد أنه غير قادر سوى على الخيبة من مارك زوكربيرغ أو من آخرين.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها