الثلاثاء 2018/02/13

آخر تحديث: 18:54 (بيروت)

وودي آلن بعد مزاعم التحرش بابنته: قنبلة قذرة

الثلاثاء 2018/02/13
وودي آلن بعد مزاعم التحرش بابنته: قنبلة قذرة
اتهمته إبنته ديلان فارو بالتحرّش بها في العام 1992 حين كانت في السابعة
increase حجم الخط decrease
يبدو أن جبهة المقاتلات ضدّ التحرّش الجنسي في هوليوود لن تهدأ قريباً. فمع إستمرار التفاعل الشعبي مع حركتي #Me_Too وTime’s Up التي أطلقها مشاهير هوليود، وبعد نجاحها في إلحاق أضرار متفاوفتة في المسيرة المهنية لعدد من الأسماء الهوليوودية البارزة من هارفي واينستين وكيفين سبيسي إلى لويس س.ك، إتجهت آخر أسهمها إلى إسمٍ ليس بجديد على ساحة التحرّش الجنسي، وهو المخرج الأميركي وودي آلن. 

تهمة آلن لا تقتصر على التحرّش، بل تتعداها إلى البيدوفيليا، مع إتهامه من قبل إبنته ديلان فارو بالتحرّش بها في العام 1992، حين كانت لا تزال في السابعة من عمرها.

ديلان التي كانت قد تبنتها الممثلة ميا فارو، شريكة آلن السابقة، وجهت إتهامها لآلن في الفترة التي كان والديها بالتبني في طور الإنفصال. ولم تكن ديلان الوحيدة بين أطفال الزوج التي طالها الإنفصال بشكل مباشر، فقد إكتشفت ميا فارو علاقة بين آلن وإبنتيها (بالتبني أيضاً) سون-يي برفين، التي أصبحت لاحقاً زوجة آلن. هذه التفاصيل مجتمعة ساهمت في صنع صورة آلن كمنحرف، بالرغم من عدم إثبات تهمة البيدوفيليا عليه أو محاكمته. 

لكن بالرغم من هذه الصورة، تابع آلن مسيرته المهنية بشكل طبيعي، وظلّ الجدال حوله في إطار الهمهمة الخافتة لمدّة 25 عاماً، لينفجر اليوم بعد أن أعادت ديلان تحريك القضية في كانون الأوّل الماضي، متسائلةٍ في مقالةٍ نشرتها في Los Angeles Times عن سبب "إستثناء وودي آلن من ثورة Me Too"، ومكرّرةً إتهاماتها. 

دفع ذلك بالعديد من الممثلات، لا سيما أولئك اللواتي تعاون مع آلن في أفلامٍ سابقة، إلى الإعتذار عن المشاركة في أعماله وأعلن رفضهن العمل معه مجدداً. ومن بين هؤلاء الممثلة ريبيكا هول التي أعربت عن ندمها تجاه المشاركة في فيلمٍ لآلن سيصدر قريباً وتبرّعت بأرباحها لحملة Time’s Up، وهي حركة أطلقت في هوليوود من أجل تقديم الدعم المعنوي والقضائي لضحايا التحرّش الجنسي في مكان العمل. كذلك، إعتذرت الممثلة غريتا غيرويغ عن الظهور في فيلم "To Rome With Love" مؤكدةً أنها ما كانت لتشارك فيه لو كانت علمٍ بقضية فارو.

إلا أن إدعاء غيرويغ بجهلها قضية ديلان ليست مقنعة، كذلك الأمر بالنسبة إلى توقيت تقديم الإعتذارات، ذلك أنها بقيت صامتة لأكثر من عقدين. يمكن تفسير هذا التغير الملحوظ في المواقف تجاه آلن بأحد هذين السيناريوين: إما أن هؤلاء الممثلات قررن كسر الصمت من باب ركوب الموجة الدعائية التي تمثلها حركة Me Too، أم أن الصمت لم يعد خياراً مقبولاً في مثل هذه هذه القضية. في الحالتين، النتيجة هي واحدة؛ أصبح آلن منبوذاً في الأوساط الهوليودية ومن قبل المشاهدين على حدّ سواء، حتى أنه تمّ وصفه من قبل النقاد بـ"قنبلة قذرة" يخشى أياً كان لمسها. 

هذا التحوّل الذي تمّ خلال الأشهر الماضية فقط أدّى إلى تدهور سريع في علاقة آلن مع شركات الإنتاج، ومنها آمازون ونتفليكس اللتين ستضرران بمبالغٍ طائلة في حال إستمرّ الهجوم ضدّ آلن. إن رهان آمازون الفاشل على وودي آلن تمّ في العام 2016 حين وقّع مديرها آنذاك روي برايس عقداً مع آلن من أجل شراء حقوق توزيع فيلميه الأخيرين مقابل 20 مليون دولار. كما أنفقت الشركة 80 مليون دولار إضافي على مسلسل "Crisis in Six Scenes" من إخراج آلن. برايس نفسه إستقال من الشركة بعد إتهامه بالتحرّش الجنسي هو الآخر، أما الأعمال الثلاثة التي "إبتلت" بها آمازون فلم تعد عليها بأي أرباح مادية، بل من المتوقّع أن تفسخ الشركة عقدها مع آلن، ذلك أن الخسائر التي ستتكبّدها بفعل هذا الفسخ قد تكون أقلّ وطأة من تمويل وتوزيع أفلام يحرص الجميع، صناعاً ومشاههدين، عن تحييد أنفسهم عنها.

إلا أن اللافت هو موقف الإعلام والوسط الثقافي الفرنسي إزاء قضية آلن وحركة Me Too بصورة عامة. فبعد أن أقدمت الممثلة كاترين دونوف على إنتقاد الحركة والتعبير عن رفضها الإنضمام لها، إتجهت اليوم عدد من الشخصيات الفرنسة إلى الدفاع عن آلن. ومن أشدّ المدافعين عنه، المنتج ستيفان سيليه، مؤسس شركة مارس التي وزّعت فيلم "Wonder Weel" لآلن. وبعد إعادة فتح ملفّ آلن الجدلي، أكّد سيليه على عدم وجود نية لدى الشركة بمقاطعة المخرج، مشبهاً إياه برمز الكوميديا الفرنسية، موليير. أما الصحافية والناشطة النسوية الفرنسية كارولين فاوريست، فقد تحدّثت عن "ثقافة التسامح" التي يمتلكها الفرنسيون تجاه الفنانين والأدباء، والتي تدفع بهم إلى فصل عمل الفنان عن حياته الشخصية.

هذا النمط المتكرّر من المواقف الإعلامية الفرنسية، في ظلّ إنفجار أزمة التحرّش الجنسي، يدعو إلى التساؤل، لا سيما بالنظر إلى تاريخ فرنسا الحافل بالفلسفة والتنظير النسوي. أما اليوم، تصرّ فئة لا يستهان بها من "مثقفيها" على مهاجمة الخطاب المستحدث في محاربة العنف الجنسي لا سيّما في الأوساط الفنية، رافضةً ركوب التيار النسوي الذي إنضمت إليه معظم الدول الأوروبية إلى جانب الولايات المتحدة. ربّما هو الغرور الفرنسي الذي ينزع دوماً إلى الإنفراد. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها