الأربعاء 2017/09/06

آخر تحديث: 18:34 (بيروت)

مصالحة كروية؟

الأربعاء 2017/09/06
مصالحة كروية؟
تامر حاج محمد صاحب الهدف الأول ضد ايران في مباراة اقيمت مساء الثلاثاء
increase حجم الخط decrease
الفيديو الذي يجمع موالين ومعارضين للنظام السوري خلال تشجيع المنتخب السوري لكرة القدم في مصر ويحملون العلَمين اللذين لم يجتمعا طوال سنوات الأزمة، يشكل أصدق تعبير عمّا يمكن للرياضة أن تحققه، إذا كان الإنجاز المنتطر والجامع للعلَمين العدوين هو التأهل لكأس العالم في روسيا 2018.
العلمان مجتمعان، يشكلان معاً رداً مباشراً على تلك الصدفة التي وضعت منتخب كرة القدم السوري أمام "بازل" رياضي مطابق لذلك السياسي. فالمباراة التي أنهت الحلم، كانت أمام إيران، والملحق الذي سيلعبه كاد ان يكون بمواجهة السعودية لولا ذلك الهدف اليتيم الذي أهّل السعودية مباشرة الى النهائيات التي ستجري بدورها في روسيا.

لكن العامل هذا لم يكن وحده سبب انقسام السوريين حول تشجيع المنتخب، بل هوية المنتخب بحدّ ذاتها، بالنظر الى انقسام حول ما إذا كان "منتخب كل سوريا" أم "منتخب النظام وحده"، وهل الاعتبارات السياسية قادرة على جعل هذا الحلم حكراً على مجموعة من السوريين الموالين للنظام دون غيرهم؟ علماً ان مثل هذا الانقسام لم تشهده دول اخرى كما حصل في صفحات السوشال الميديا السورية.

البُعد السياسي للمناسبة الرياضية كاد أن يحولها الى مناسبة احباط عام، سببها اعتقاد جزء كبير من السوريين بأن هذا المنتخب هو منتخب النظام السوري وليس كل سوريا، وهو اعتقاد ظهر لدى أعداد كبيرة من المؤيدين والمعارضين على حد سواء، وناتج بالضرورة عن طبيعة النظام السوري المشابهة لمثيلاتها من الانظمة الشمولية، حيث يختصر القائد في صورته مختلف الانتصارات وعلى كافة الصعد.

وتنبه معارضون إلى أن تفويت مثل هذه اللحظة التي كانت قريبة، لحظة تحقيق حلم التأهل الى كأس العالم، كان بوسعها ان تكون هدية مجانية للنظام الذي سيجني وحده ثمارها التي لن تقاس هذه المرة بالدماء، وهي بالتأكيد خطوة لا يمكن وصفها بأنها تصرف ذكي اذا ما اخذنا بعين الاعتبار أن تغيير النظام نفسه، اذا حصل، لن يعني بأي من الأحوال تغيير لاعبي المنتخب، الذين يوجد بينهم من كان قد اعلن سابقاً انه لن يلعب للمنتخب لأنه يمثل النظام ثم عاد عن قراره إثر مصالحة.

لكن معارضين كثير، فوتوا هذه الفرصة على النظام وغردوا خارج سرب الهجوم على المنتخب، وهي خطوة لاقاها في وسط الطريق كثر من مؤيدي النظام. ولعل اجتماع العلمين يشكل واحدة من نقاط الالتقاء تلك، التي ان لم يفرضها المنتخب السوري ستفرضها التسويات السياسية في وقت لاحق بعد أن تنتهي اسطورة تنظيم "داعش" الارهابي ويبدأ الحديث الجدي في تقسيم مناطق النفوذ بشكلها النهائي.

المنتخب السوري لم يحقق الحلم أمس. لم تنتهِ الآمال لكنها باتت أصعب وطريقها شاقة أكثر.. ما حققه المنتخب أكبر من التأهل الى المونديال، إنه تجفيف الطريق من الدماء ثم تعبيدها حتى يلتقي العلمان المجتمعان في مصر، وهو أمر حققه 11 لاعباً، بينما يحتاج في العادة الى تسويات سياسية يكون عدد اللاعبين فيها أكبر وتسفك على طريقها دماء كثيرة لم يعد مؤيدو النظام أو معارضوه قادرين على تحملها.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها