الإثنين 2017/10/09

آخر تحديث: 15:40 (بيروت)

باسيل ينقصه كرسي

الإثنين 2017/10/09
باسيل ينقصه كرسي
... وفي الانتخابات كل شيء جائز (ريشار سمور)
increase حجم الخط decrease
لا يمكن اعتبار المناسبة التي أعلن فيها رئيس الدبلوماسية اللبنانية، الوزير جبران باسيل، بكلام غير دبلوماسي، عن "عنصريته اللبنانية"، إلا مناسبة انتخابية بحتة افتتح خلالها حملته الانتخابية القائمة على العنصرية ضد النازحين السوريين وغيرهم من الأجانب الموجودين في لبنان من دون إرادته، ومن دون إرادتهم الشخصية على الأرجح، وهو ما أكدته التغريدة العنصرية التي حاول بها تفسير خطابه لاحقاً.


ورغم أن باسيل حاول أن يقدم في تغريدته تصحيحاً لمسار خطابه، من منطلق استقائه المفاجئ لدروس الماضي أو استجابة لنصيحة جانبية وجهت له ربما، بأن تجربة "العنصرية اللبنانية" ليست مشجعة ولا مشرفة، إلا أن تلك التغريدة أتت أكثر توكيداً لمضمون الخطاب الأول ومعدومة القدرة على إلغاء مفاعيله.


خطاب باسيل بالتأكيد ليس دبلوماسياً وهو بشكله وأهدافه مجرد كلام شعبوي يحرض علناً وجهراً على النازحين السوريين بوصفهم محتلين، علماً أنهم عزّل ووجودهم في لبنان اليوم لا يشبه بأي شكل من الأشكال الوجود السوري قبل العام 2005 كما أن نتائجه ليست نفسها، إذا ما قيست بمعاناة تلك الفترة التي يفترض بأن باسيل يدركها مع تياره أكثر من غيره.

وهنا، يسعى باسيل بخطابه الى رفع مستوى التأجيج وصولاً إلى موعد الانتخابات خلال أشهر، ليؤكد على نقطتين، الأولى أن معزوفة "الإصلاح والتغيير" لم تعد صالحة أمام جمهوره، فرغم أن التيار البرتقالي اليوم في أفضل أحواله على مستوى المناصب، إلا أنه يقدم شيئاً ملموساً في هذا الإطار، بل جرى تدجينه على مدى السنوات الـ12 الماضية، كجزء من الطبقة الحاكمة لا يختلف عن سواه في شيء. والثانية أن الرجل، بشخصيته المستفزة، مستعد لفعل أي شيء بكل ما تعنيه هذه الكلمة، للوصول الى البرلمان. وهو الذي خسر الانتخابات أكثر من مرة، وفي مسقط رأسه البترون.

إذاً، فشل باسيل في الامتحان الشعبي مرتين. وهذا كفيل بتهميش صاحبه المنتمي إلى تيار "قوي"، في ما لو كانت الأحوال طبيعية داخل التيار. لكن مكانته داخل عائلة التيار الحاكمة أتاحت له أن "يُكافأ" بالمناصب الوزارية، ثم برئاسة التيار، وبقي الكرسي النيابي هو العائق الوحيد أمام جمعه للمجد من أطرافه، إذ ما زال هذا الكرسي يجرده من الشرعية الشعبية.

في ضوء ذلك، يصبح الخطاب محاولة سيئة للتغطية على فشل التيار، حتى الساعة، في تحقيق حد أدنى من العناوين الكبرى التي رفعها في مجال الإصلاح والتغيير ومكافحة الفساد. ويمكن قراءة النتائج حتى الآن في الكهرباء وحدها، وهي وزارة كانت كفيلة بإحراق كل العناوين التي رفعت، كما أحرقت عناوين كثيرة قبله، وستحرق عناوين مقبلة أخرى.


لكن الموقف هنا أخطر بكثير من صفقات بواخر. فالموقف يعيدنا إلى سنين سوداء في الذاكرة اللبنانية لا يمكن لباسيل وتياره تحمل تبعاتها إذا ما استمرت تغذية العنصرية إعلامياً وسياسياً ضد النازحين السوريين بالشكل الذي يحصل الآن. وهو يأتي بالتوازي مع سياسات حكومية عاجزة عن التعامل مع ملف النزوح، خصوصاً الجزء المتعلق بالعمالة والذي يشكل أحد أهم العوامل المساعدة على التصويب باتجاه النازحين.

يشبه خطاب باسيل اليوم خطاب اليمين المسيحي الأوروبي القائم على العنصرية ضد المسلمين، فيشتق تقريباً مفردات مشابهة له ويصيغ أفكاره في هذا الإطار، بما يعاكس توجه العالم المتحضر نحو نبذ العنصرية بأي شكل أتت. ورغم أن المفردة بحد ذاتها تعتبر تهمة تستوجب المحاكمة، لكن، في الانتخابات، كل شي جائز.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها