السبت 2016/02/27

آخر تحديث: 14:56 (بيروت)

عكاشة يفاوض إسرائيل: إبنوا مدارس.. أدلّكم على هيكل سليمان

السبت 2016/02/27
عكاشة يفاوض إسرائيل: إبنوا مدارس.. أدلّكم على هيكل سليمان
توفيق عكاشة مستقبلاً السفير الاسرائيلي في منزله (عن صفحته في تويتر)
increase حجم الخط decrease
ما زال الإعلامي المصري توفيق عكاشة، يراهن على صورته كـ"مهرج" في سبيل الخروج من أزماته المتعددة. فبعد فضيحة التطبيع مع الكيان الصهيوني باستضافته السفير الإسرائيلي بالقاهرة، الخميس الماضي، في بيته في مدينة المنصورة، أدلى عضو البرلمان المصري بالكثير من التصريحات الصحافية، التي جاءت في غاية البلاهة لاستغفال المتلقي. 

يعتمد مالك قناة "الفراعين" الفضائية في أدائه الإعلامي، منذ بزوغ نجمه، وبوعي شديد، على العمل وفق آلية "حكيم قرية الساذجين"، والذي غالباً ما يكون أكثر سذاجة من سكانها. ورغم الانتقادات العديدة التي وجهت لأدائه هذا، إلا أنه نجح في تكوين جماهيرية كبيرة لدى جمهور عريض من  المصريين، باختلاف أنماطهم. لذلك، استجار توفيق عكاشة بالأداء نفسه؛ آلية الاستغفال، للخروج من مأزق التطبيع الذي أوقع نفسه فيه باستضافته للسفير الاسرائيلي حاييم كورن، على مأدبة عشاء، حيث حاول، خلال تصريحاته الأولى حول اللقاء، أن يصور الأمر وكأنه جاء بالسفير الإسرائيلي إلى بيته ليعلمه الأدب.

وبعد اعلانه في حسابه في "تويتر" عن "أغراض الزيارة"، أكد عكاشة خلال حوار أجراه مع صحيفة "المصري اليوم"، إلى جانب تصريحات لصحيفة "الوطن"، أنه طالب الإسرائيليين بالتدخل لإيقاف بناء سد النهضة وإعادة النظر في اتفاقية الغاز المبرمة بين مصر والكيان الصهيوني، وكذلك بناء 10 مدارس في محافظة الشرقية بدلاً من مدرسة "بحر البقر" التي دمرها العدوان الإسرائيلي العام 1970، وذلك مقابل أن يدلهم على الموقع الحقيقي لـ"هيكل سليمان"!

ولم يكتف عكاشة بصبغة "التأديب" التي اعترت إجاباته، وإنما سعى لإظهار اللقاء كمبادرة من الجانب الإسرائيلي، وهي هنا ليست مبادرة للقاء وديّ أو سياسي أو لقاء عمل حتى، وإنما مبادرة "علم"، حرص عكاشة خلالها أن يضع السفير الإسرائيلي فيها موضع التلميذ الذاهب للاغتراف من علم الأستاذ. فالسفير الإسرائيلي، بحسب تصريحات عكاشة، لم يزره بصفته سفيرًا للدولة العدو، وإنما كباحث متخصص في الشأن الإسلامي والعربي، جاءه ليناقشه في أفكار كتابه "دولة الرب والماسونية والألفية السعيدة".

ولا يقف عكاشة عند هذا الحد من التصوير، بل يظهر الجلسة وكأنها جاءت كلها من جانب واحد، استفرد خلالها عكاشة بالتوجيه كله للسفير الذي لم يظهر –خلال رواية عكاشة المزعومة عن اللقاء- سوى تلميذاً صغيراً يسمع ولا يبدي أية تعليقات، ما يعني انه مجرد مرسال بينه وبين نتنياهو، والذي بالطبع سيذعن لكافة طلبات عكاشة واقتراحاته، والتي من بينها أيضًا أن تبني إسرائيل تمثالا للرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر في وسط تل أبيب!

في المقابل، أظهر الاعلام الاسرائيلي أن أغراض الزيارة، تخطت ما كشف عنه عكاشة. ووصف محللون اسرائيليون اللقاء بأنه "فريد من نوعه ولم يسبق له مثيل".. في وقت، أثار اللقاء جدلاً كبيراً، ووصفه وكيل البرلمان المصري السيد شريف بأنه وضع البرلمان في مأزق!

ربما تكون فضيحة اللقاء الخميس الماضي، ليست الأولى لعكاشة الذي أعلن كثيرًا عن ترحيبه بالتعاون مع الكيان الصهيوني، بل وحرض في أكثر من مرة على أشقائنا الفلسطينين، كما أعلن جهرًا خلال فيديو قديم، ظهر مع نيته في الترشح لرئاسة البرلمان المصري، أنه زار إسرائيل بالفعل.

وخرجت روايته الشخصية عن تلك الزيارة، بشكل لا يختلف كثيرًا عن الصورة التي ظهر فيها لقاؤه مع السفير الإسرائيلي، لكنها المرة الأولى له كنائب برلماني، في ظل مقاطعة البرلمان المصري لأي تطبيع مع إسرائيل، وهو الأمر الذي حرص أن يظهره السفير الإسرائيلي نفسه، في تعليقه على الزيارة خلال تصريحات لراديو صوت إسرائيل، قائلا إنه "فوجئ حينما سمع بهذه الدعوة العلنية، التي تشكل خطوة نادرة واستثنائية في البرلمان المصري، والذي يقاطع إسرائيل".

يحتفظ الشعب المصري، رغم تأييده للنظام المتعاون مع إسرائيل، بكره كبير لدولة الاحتلال، ويرفض أي فرصة للتطبيع معها. وبالرغم من إعلان عكاشة، قبل حادثة السفير، عن زيارته للقدس المحتلة وتباهيه بعلاقاته الأمنية هناك، إلا أنه لم يكن بتلك الفجاجة التي بدا عليها لقاؤه بـ"كورن"، وربما تعامل المصريون مع ذلك الإعلان وقتها من باب أن عكاشة "هجاص" (أي كثير المبالغة). لذلك، أحدث اللقاء الأخير صدمة كبيرة للعديد من متابعيه.

وفي ظل إعلان عكاشة، في لقاء حواري سابق مع خالد صلاح أجراه في شهر ديسمبر / كانون الاول الماضي، أنه كان أداة في يد الجهات الأمنية للتأثير على الرأي العام، ومع الأخذ في الاعتبار المشاكل العديدة التي أثارها عكاشة في البرلمان المصري الجديد، منذ انعقاد دوراته، وهجومه المتواصل على الرئيس السيسي وسياسته، فهل يكون لقاءه بالسفير الإسرائيلي مجرد استمرار لسيناريو الإلهاء الذي تشرف عليه الجهات الأمنية، أم تكون الإضاءة على اللقاء بتلك الكثافة الإعلامية ذريعة للتخلص من توفيق عكاشة؟
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها