الجمعة 2013/01/04

آخر تحديث: 04:41 (بيروت)

نهاية التدوين السوري؟

الجمعة 2013/01/04
increase حجم الخط decrease
لم تمضِ بضعة أشهر على انطلاق الربيع العربي، حتى أدرك الشباب الدور الكبير الذي لعبه الفيسبوك في ثورتهم، لا سيما بعد النجاح الذي حققته بعض الصفحات في تحريك الشارع، كصفحة "كلنا خالد سعيد"، أو في التواصل بين الناشطين في الميادين العربية المختلفة. فقد حظي الموقع الشهير بإقبال غير مسبوق من فئات مجتمعية مختلفة عمرياً وثقافياً، بعضها كان ينظر إليه كما لو أنه مضيعة للوقت. فجأة ً، بدا الفيسبوك كأنه انتصر على المنتديات الإلكترونية، التي كانت في طور الإحتضار.
مع انطلاق الثورة السورية، قاوم المدوّنون السوريون، على ندرتهم، هذا الاتجاه لفترة من الوقت، واستمرّوا في العمل بنشاط على مدوّناتهم والكتابة بحذر ومحاولة دفع الخطوط الحمراء بالتدرج، لا سيّما بعدما علموا أنهم مراقبون من قبل المخابرات السورية، إثر استدعائهم من قبل مستشارة الرئيس السيّدة بثينة شعبان، إلى لقاء تشاوري ودّي، لم ينفع في منع اعتقال عدد منهم في ما بعد كأنس المعرّاوي، رزان غزّاوي، وحسين غرير الذي ما زال قيد الاعتقال التعسّفي حتى اليوم. ومن لم يُعتقل منهم، نال حصّته من رسائل التهديد والوعيد، التي تنذر من كان مغترباًً بالنيل من عائلته في الداخل.
شيئاً فشيئاً، لم يعد الفيسبوك مجرّد منبر للتعبير عن الشباب والتواصل الإجتماعي فيما بينهم، إذ تحوّل، بالتوازي مع اليوتيوب، إلى وسيلة إعلامية تحاول التعويض عن التعتيم الذي فرضه النظام على الأحداث. فنشأت عشرات الصفحات الإخبارية، معارضة وموالية على حدّ سواء، وسرعان ما برزت إلى جانب النشطاء والمدوّنين، عدد من أسماء الوسط الفنيّ والأدبيّ التي تدلي بدلوها في مستجدّات الثورة، ويتشارك روّاد الفايسبوك "حالاتها" ويستشهدون بها لدعم مواقفهم ومنحها الشرعيّة. ناهيك عن الدور الذي أدّته المجموعات السريّة في تنسيق الحراك السلميّ أيّام كان متاحاً، ولا تزال تؤدِّيه في تسهيل تواصل النشطاء، وتنظيم أعمال الإغاثة وغير ذلك...
إن مواقع التواصل الاجتماعيّ، التويتر في الحالة المصريّة والفايسبوك في الحالة السورية، بقدرتها المذهلة على التطوّر والتأقلم وشعبيّتها الكبيرة والمتصاعدة، فرضت  نفسها في السنتين الأخيرتين من الربيع العربي، كأداة ووسيلة رئيسيّة بديلة للتعبير والإعلام الجديد بالتماشي مع قانون الاصطفاء الطبيعيّ الذي يكرّس الأقوى. وانحسر دور المدونات التي تحوّلت على الأغلب الأحوال إلى أرشيف يحتفظ فيه المدونون بمقالاتهم التي ينشرونها هنا وهناك. فهل ننتظر موضة إعلامية جديدية بديلة لكل الأشكال السابقة؟
 
increase حجم الخط decrease

الكاتب

مقالات أخرى للكاتب