الأحد 2016/07/10

آخر تحديث: 18:15 (بيروت)

مفروشات الخيزران.. مهنة تحولت إلى حرفة

الأحد 2016/07/10
increase حجم الخط decrease
تندرج مهنة صناعة المفروشات من القصب والخيزران في خانة المهن المهددة بالإنقراض، فهي قد تحولت إلى حرفة تلبي طلبات بعض النخب، بعدما كانت مهنة لا تقل أهمية عن أي مهنة أخرى تعيل كثير من العائلات في لبنان.

التبدّل السلبي الذي أصاب صناعة المفروشات من القصب والخيزران يعود إلى عوامل عدة، أهمها إرتفاع الأسعار نتيجة إستيراد الخيزران، والوقت الطويل الذي يحتاج إليه إنجاز المفروشات، إلى جانب غزو المفروشات الجاهزة السوق، وهي أقل كلفة وتلبي متطلبات الزبائن العصرية.

بدأت رحلة صناعة المفروشات من الخيزران والقصب مع إستعمال البريطانيين الخيزران الآتي من البلاد الآسيوية في صناعة السلالم وسد فتحات الجدران الإسمنتية. ثم أُدخِل الخيزران في صناعة المفروشات. وقد حمل البريطانيون هذه المهنة إلى فلسطين، ومن هناك أخذها اللبنانيون والسوريون. فدأب أبناء المهنة على شراء الخيزران من دول شرق آسيا، وأبرزها الفيليبين وماليزيا وأندونيسيا. أما القصب، فمتوافر في لبنان على ضفاف الأنهر. ما يجعل المفروشات القصبية أرخص من نظيرتها المصنوعة من الخيزران المستورد.

يبلغ سعر كيلو الخيزران المستورد بين 20 و30 ألف ليرة. ويتحدد ذلك تبعاً لنوعية الخيزران. والإختلاف في السعر بين القصب والخيزران يجعل سعر كرسي القصب يصل إلى نحو 40 ألف ليرة، في حين يتجاوز سعر الكرسي المصنوع من الخيزران 200 ألف ليرة. ما يعني أن كلفة إنجاز "طقم" مفروشات كامل قد يتجاوز سعر "طقم" على الطراز الجديد والمستورد.

يشير أحد تجار المفروشات الخيزرانية والقصبية، جهاد الحكيم، إلى أن "هذه المهنة لم تتطور بتاتاً، فتقنية الصنع القديمة مازالت معتمدة حتى اليوم، من قص وتقشير وكي بالنار وحياكة". ويؤكد الحكيم في حديث إلى "المدن" أن هذا الوضع أثر سلباً على هذه المهنة، إذ "باتت لا تغطي حاجة العمال وكلفة العمل. والتراجع الذي أصابها أثّر على الفلاحين الذين يزودوننا بالقصب".

ويلفت أحد مصنّعي مفروشات الخيزران في منطقة الرحاب في الضاحية الجنوبية، جهاد معوض، في حديث إلى "المدن"، إلى أنه "لم يعد في الإمكان الاعتماد على هذه المهنة في تأمين المعيشة. فقد تحولت إلى حرفة تتطلب التعب اليومي من دون نتيجة تستحق هذا التعب". ويلقي معوض اللوم على "الدولة التي لا تعير اهتماماً للمهن المعرضة للإنقراض. ولا نقابة تحمي العاملين في تلك المهن. ولا وزارات تساعد أصحابها للإستمرار في العمل". وعليه، تنتظر مهنة تصنيع المفروشات من القصب والخيزران الوقت لكي تحدد نهايتها. فإما أن تندثر ككثير من المهن اليدوية، وإما أن تحافظ على طابعها التراثي من دون أن تشكّل فرصة عمل حقيقية لليد العاملة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها