الخميس 2016/07/21

آخر تحديث: 12:37 (بيروت)

الدواء اللبناني لا يُشفي صناعته

الخميس 2016/07/21
الدواء اللبناني لا يُشفي صناعته
91 % من الأدوية في لبنان مستوردة (محمود الطويل)
increase حجم الخط decrease
تقوم 6 شركات فقط بمهمة صناعة الدواء في لبنان، لكن دون تأثير إقتصادي يذكر على مستوى السوق المحلية أو العالمية. فهذه الشركات لا تجد فرصة إلى التصدير، وما يتم تداوله في السوق اللبنانية أغلبه مستورد. وإزدهار سوق الإستيراد ودخوله في لعبة الإحتكار والتزوير يدل على أن انتاجنا الدوائي أقل من ضعيف. وعليه، فلماذا تقوم شركات الأدوية بالتوسّع وبناء معامل جديدة طالما أن أسس الإنتاج الصحيح غير موجودة؟

يوم الثلاثاء 19 تموز/ يوليو وضعت شركة "غوريتم"، إحدى شركات إنتاج الدواء في لبنان، حجر الأساس لمصنع جديد في منطقة زكريت، بهدف "توسعة مصنع الأدوية القائم في منطقة ذوق مصبح لتوسيع خطوط الإنتاج وتلبية حاجات السوق المحلية والإقليمية"، وفق المدير التنفيذي للشركة سليم غريب، الذي أكد أن المصنع "يسهم في تنمية المنطقة التي يقع فيها وفي توفير فرص عمل لليد العاملة المتخصصة اللبنانية".

لكن واقع الحال يشي عكس التوقعات الإيجابية التي يأملها غريب. فالتعويل على توسعة خط الإنتاج بزيادة مصنع، لن يقلّص الهوة التي تبلغ 82% بين حجم التصنيع الدوائي الداخلي وحجم الإستيراد. ويشير رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات في لبنان "إيدال"، نبيل عيتاني، إلى أن المنتجات الصيدلانية المنتجة محلياً تبلغ 9% من مجمل المنتجات المستهلكة، في حين يستورد لبنان 91% من حاجته. ما يعني أن حل أزمة الصناعات الدوائية يكمن في مكان آخر.

ويعتقد عيتاني أن توسيع المصانع يجذب الإستثمارات إلى لبنان، لكن تقارير البنك الدولي تشير إلى أن المناخ غير جاذب للإستثمارات، والتدفقات الرأسمالية إلى البلاد تتراجع، فبحسب تقرير للبنك الدولي صادر في حزيران/ يونيو 2016، بعنوان "A Geo – economy of riks and reward"، فإن تراجع التدفقات الرأسمالية للعام 2015 بلغ 25.4%. يضاف ذلك إلى إعتماد الإقتصاد اللبناني على تحويلات المغتربين. ما يعرض البلاد في حال الإستمرار، إلى "ظروف إقتصادية وسياسية لا يمكنه السيطرة عليها".

ويرفع غياب سياسيات التعامل بالمثل بين لبنان والدول العربية، من حدة الأزمة. فلبنان يستورد أدوية من الدول العربية تصل إلى نحو 700 دواء، في حين أن لا أحد يستقبل أدويته، وفق ما يقوله لـ"المدن" رئيس الهيئة الوطنية الصحية الاجتماعية، النائب السابق إسماعيل سكرية. وهذا يعود إلى غياب الثقة بجودة الدواء اللبناني. وغياب الثقة ينسحب إلى غياب مختبر مركزي فعّال يشرف على إنتاج الأدوية بمواصفات عالمية.

وإذا كانت "إيدال" قد ساعدت المصنع الجديد بمنحه حوافز وإعفاءات، أبرزها "إعفاء كامل من الضريبة على الدخل وعلى توزيع أنصبة الأرباح لمدة تصل إلى عشر سنوات، وتخفيض على رسوم رخصة البناء، ومنح إجازات عمل من كل الفئات، وتخفيض رسوم إجازات العمل والإقامة للعمال الأجانب وإعفاء المشروع من رسوم التأمين العقاري"، فإن سكرية يسأل كيف يكون التشجيع دون فتح أسواق خارجية؟

في هذا المجال تؤكد مصادر في وزارة الصحة لـ"المدن" أن "وضع الصناعات الدوائية اللبنانية صعب، ولا ننكر إذا قلنا إن هذه الصناعات لا يمكنها أن تكون صناعات حقيقية تغطي السوق المحلية، من دون الحديث عن تصدير". تضيف المصادر أن "اللجوء السوري زاد الضغط على المستشفيات والمستوصفات. ما يحتّم ضرورة تأمين أدوية ومستحضرات طبية بكميات أكبر. ويأتي ذلك من طريق الإستيراد وليس الإنتاج المحلي".

وتنفي المصادر وجود أي قدرة على "مواجهة التهريب في ظل تفلّت الحدود سوريا، ناهيك ببعض التهريب عبر المطار وعمليات الغش التي لا تقل خطراً عن الأدوية المهرّبة وغير معروفة المصدر والمحتوى". وبالنسبة إلى المصادر فإن "تطوير الصناعات الدوائية اللبنانية أمر ملح، لكنه يحتاج إلى خطة عمل تنطلق من الحكومة مجتمعة، ومن الوزارات ذات الصلة بالملف وأهمها وزارة الصحة، لكن يبدو أن قرار بذلك".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها