الإثنين 2016/05/16

آخر تحديث: 19:36 (بيروت)

مشاريع "الفاو" التنموية تصطدم بعجز الحكومة

الإثنين 2016/05/16
مشاريع "الفاو" التنموية تصطدم بعجز الحكومة
عدم حماية الإنتاج اللبناني يقلل من نتائج مشاريع الفاو (لوسي بارسخيان)
increase حجم الخط decrease

 

تسعى الحكومة اللبنانية إلى "زيادة الفرص الإقتصادية التي تعود بالفائدة الى الاقتصادات والمجتمعات المحلية الأكثر ضعفاً، من خلال تعزيز قدرة صغار المنتجين وتعزيز المهارات لمراقبة الصحة الحيوانية والنباتية ولإدارة سلامة الأغذية وجودتها، وتحسين أداء القطاع الزراعي الذي يسهم في التنمية الريفية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية المستدامة من خلال دعم الإنتاج الزراعي المستدام والادارة المستدامة للثروة المائية والحرجية والسمكية، وتطوير سلاسل الانتاج الزراعية". هذا "السعي" نقرأ عنه في "الاطار الاستراتيجي لمنظمة الفاو في لبنان للأعوام 2016-2019"، في السراي الحكومي.

فالحكومة تتحدث عن تنمية ريفية وإدارة أكثر جديّة لسلامة الغذاء، وعن تطوير القطاع الزراعي وإستدامة الثروة المائية، لكن دون برامج واضحة المعالم. لا بل لا تلتفت الحكومة، أو الوزارات بحسب المسؤوليات، إلى تطبيق القوانين بحزم تجاه المخالفين. وأظهرت حملة وزارة الصحة ضد الفساد الغذائي، عدم إمكانية القضاء على الفساد الغذائي ما لم يتم رفع الغطاء السياسي عن كبار التجار، ناهيك عن التغطيات السياسية لكبار المستفيدين من تغييب الدعم الرسمي للقطاع الزراعي وللتنمية الريفية.

امتياز الحديث عن تلك النقاط اليوم، ينطلق من كونه آتياً من باب "منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة في لبنان- الفاو". والمنظمة "أطلقت كثيراً من المبادرات التي انعكست إيجابياً على الوسط الريفي، والبيئة اللبنانية عموماً على أكثر من صعيد"، بحسب ما تقوله مصادر في وزارة الزراعة لـ"المدن". وتؤيد المصادر وجود "ضعف في متابعة الوزارات لبرامج "الفاو"، حيث ان إنتهاء البرامج المقررة رسمياً، يتبعه جمود في إكمال وتطوير ما بَنَت عليه مشاريع الفاو".

وتشير المصادر، في ما يخص تأثير التهريب على برامج الوزارات المنفذة أو الممولة من "الفاو"، إلى "عدم إمكانية كبح أو تقليص التهريب، خصوصاً في السلع الزراعية والأجبان والألبان والحليب. فكما هو معروف ان مزارعي الحليب يشكون من إغراق الأسواق بالحليب المهرب من سوريا، مع أن لبنان يحتاج إلى إستيراد الحليب لأنه لا ينتج أكثر من 25% من حاجته، لكن عدم تنظيم الأسواق يؤدي إلى ارتفاع صرخة المزارعين. وكذلك الأمر بالنسبة إلى الخضار والفاكهة. ما دفع وزير الزراعة أكرم شهيب إلى اتخاذ قرار منع الاستيراد، حماية للمنتجات المحلية، فالإضرار بالمنتج المحلي يعمل بطريقة عكسية لأهداف مشاريع "الفاو" وبرامجها التي تهدف إلى تطوير القطاع الزراعي وتنمية المناطق الزراعية والريفية". وتلفت المصادر إلى أن وجود لبنان على رأس الدورة 33 للمؤتمر الإقليمي للشرق الأدنى لمنظمة" الفاو"، الذي عقد في روما الجمعة الماضي، يؤكد "الثقة بالدور اللبناني وبجدية السير في مشاريع الفاو التنموية". وقد ترجم المنسق المقيم للامم المتحدة في لبنان فيليب لازاريني هذه الثقة في كلمته في السراي، قائلاً: "تؤكد هذه الاستراتيجية مدى التزامنا كمنظمات أمم متحدة بمضاعفة جهودنا من أجل الاستجابة للحاجات المتزايدة في لبنان ودعم الحكومة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية المستدامة".

وأعلن شهيب أن وزراة الزراعة تتطلع إلى إيجاد حلول "مبتكرة" لتحقيق "الأولويات التي تضع لبنان على مسار تحقيق التنمية المستدامة، وبخاصة القضاء على الجوع"، وذلك عبر "الشراكة بين القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني".

تكرار الحديث عن التنمية ومساعدة المنتج المحلي من قبل وزارة الزراعة خصوصاً والحكومة عموماً، دون تنفيذ الوعود والكلام، يؤكده رئيس "جمعية المزارعين" انطوان حويك في حديثه إلى "المدن"، حيث يعتبر حويك أن الحكومة تفشل في مشاريعها رغم الأموال التي تقدمها "الفاو" وغيرها من المنظمات الدولية، لأنها تعمل وفق مبدأ التنفيعات. فالمشاريع التي تطلبها الحكومة من "الفاو" لا تحتاج إلى اموال ومساعدات دولية، بل يمكن للوزارات تنفيذها مع البلديات، كالمشاريع المتعلقة بالأحراج والحرائق وغيرها. أما مشاريع محاربة الحشرات المؤذية للزراعة، فنعم يمكن الاستعانة بخبرات المنظمات، شرط وضع الوزارات برامج عمل واضحة، وهو ما تفتقده الوزارات. والدولة بهذه الحال تغطي تقاعسها بطلب المشاريع من "الفاو" وغيرها من المنظمات الدولية. فالوزارات التي تريد العمل الجدي عليها دعم المزارع اللبناني ودعم إنتاجه ليكتسب قدرة تنافسية. ويذكر حويك بالمشاريع التي كانت تقوم بها الدولة في الخمسينيات، والتي أدت إلى نتائج ايجابية تختلف عن كل ما تقوم به الدولة اليوم، ومن أهم المشاريع التي يذكرها حويك، المشروع الأخضر".

تجدر الإشارة إلى أن "الفاو" نفذت في الفترة الماضية مشاريع تنموية على أكثر من صعيد، منها "تقييم وتطوير برنامج التخفيف من خسائر غابات الصنوبر (2014- 2016)، مشروع إعداد خطة الإستجابة لزيادة خطر حرائق الغابات في لبنان (2014- 2016)، مراقبة ومكافحة ذباب الفاكهة في لبنان (2014- 2016)، مشروع البذور والشتلات (2015)، مشروع إنعاش وإعادة تأهيل قطاع الألبان في البقاع ومرتفعات الهرمل وعكار (انتهى في العام 2014)، بالإضافة إلى الدعم التقني، حيث دعمت برامج تدريب المزارعين على إنتاج نماذج نظم زراعية مستدامة ومتكاملة مثل نظم الأرز- الأسماك، والمحاصيل المتكاملة والماشية والإستزراع السمكي". وقد بلغ حجم دعم "الفاو" لبنان مادياً، "في عام 2014 نحو 9.321.000 دولار أميركي مع تسليم سنوي متزايد لعام 2014 من 5.499.000 دولار مقابل 2.418.000 دولار في العام 2013، أي بزيادة 1.27%". أما في ما يتعلق بـ"مد خطوط الأنابيب، فتضمن الدعم أربعة مشاريع بميزانية إجمالية تبلغ نحو 14 مليون دولار لخط أنابيب نشط لعامي 2015 و2016"، وذلك وفق ما جاء في تقرير للمنظمة بعنوان "شراكة من أجل تحقيق الأمن الغذائي وتفعيل استراتيجيات الزراعة ومواجهة المخاطر والأزمات" (عن العام 2015).

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها