الخميس 2024/02/01

آخر تحديث: 12:25 (بيروت)

هَشٌّ كجرسٍ زجاجي رقيق... قراءة في أثر سيوران

الخميس 2024/02/01
هَشٌّ كجرسٍ زجاجي رقيق... قراءة في أثر سيوران
سيوران
increase حجم الخط decrease
مديحُ الهمجية
استدعيتُ العنوان أعلاه من جملة أوردها المؤرخ فرنان بروديل في سياق نقده لمثالب علم الاجتماع العاجز، وفقاً له، عن ملامسة البنية العميقة لمفهوم المجتمع. جرس زجاجي رقيق، يتداعى بمجرد النقر عليه. ربما هذا أرق أشكال النقد قساوة. متضمّنا العبور إلى حواف الالتباس، والتحول من فكرةٍ إلى نقيضها بتهكمٍ أخف من أن يُلام. إلا أنه العنوان الأفضل تمثيلا للتناقضات التي وسمت البداية العنفوانية لأفكار سيوران كفيلسوف روماني شاب، امتلكته حيرة التعارض بين العقل والحياة في غمرة انبهاره بجاذبية "الهمجية الخلاقة" للنازية وقدرتها على مواجهة الانحلال القيمي، ورفد الحياة بطاقة التنظيم كشكل من أشكال الليبيدو الجماعي في الشباب الألماني المذعن للانضباط العسكري. بيدَ أنّ العقيدة الفلسفية لسيوران حينذاك، وكذلك صديقه مرسيا إلياد، لم تكن متمايزة عن النموذج العقائدي الذي كان سائدا في أوروبا بعد الحرب العالمية الأولى. ذاك الميل الطوباوي إلى مسح وصمة الهزيمة عبر استلهام السلف، واستعادة الأساطير الشعبية لتبجيل الجذور المتخيلة للجماعة العرقية الملتئمة ككيان وثني يقدس صورته المتجلية في زعيم كاريزمي، يتراءى صنمه ككائن متفوق، بيده كتاب مدكوك بأكاذيب الخلاص.

تتلمذَ سيوران فلسفيا رفقة ألياد ويوجين يونسكو في بوخارست، على يد مُعلم ومَعلم جيلهم "ناي يونسكو" الملقب بـ سقراط البلقان، هذا الفيلسوف النازي، عالم المنطق والإبستمولوجي الأكثر بلاغة في تاريخ الفلسفة في رومانيا. شكل بخطاباته المرجع الفكري لجيل كامل من المثقفين والكتاب الرومانيين بعد صدمة الحرب العالمية الأولى، حينما اضطرت رومانيا ـ العظمى حينذاك ـ أن توقع على سلسلة اتفاقيات مذلة مع الإمبراطوريات المتحاربة، دون أن يحمي ذلك وحدة أراضيها. وقد كان مرسيا إلياد وسيوران هما الأقرب إلى "ناي" الذي كان بمثابة الحاضنة الذهنية لثقافة أمته العاجزة على تحديد هويتها، رغم محاولة ملكها كارول الثاني (1952/1893) إلى إعادة التقسيم الإداري للأقاليم الرومانية بما يمنع حدوث تجمعات إثنية لمجموعاتها الأهلية المختلفة، وذلك أملا في تكريس وعي الأمة لدى شعوب رومانيا. لتغدو فكرة الأمة أساسا للعمل المعرفي لـناي يونسكو الذي أسهب في تصويرها ككيان روحي، تعلو فيه مصلحة الجماعة على أنانية الفرد. هذا التصور الذي سيستعيده سيوران غنائيا في مؤلفه "تجلي رومانيا 1936". بأفكارٍ كانت صدى لخليط فلسفي من نيتشه وناي الذي كان في الوقت ذاته وسيطا لغويا لأفكار نيتشه إلى الرومانية.

مثّلَ الزخم المعرفي لـ ناي سياقاً ثقافياً متفرداً، وضع بموجبه الفكر على محك التجربة المعيشة. ويكاد تأثيره أن يعادل في أهميته، ما أطلق عليه "فرويد" في مؤلفه/ قلق في الحضارة/ بـالوجود ما قبل الشخصي للذات. تلك المؤثرات المشكلة لعتبة الذات قبل ولادتها. والتي ستظهر في صيغة مشابهة لدى "جان بياجيه" أيضا ضمن دراسته "الإبستمولوجيا التكوينية" وتحليله المعياري لأسبقية الميل الفكري على موضوعية أفكارنا. بيئة الأفكار قبل الفكر. تصور دقيق ستمثله حرفيا تقلبات سيوران الفكرية بين بوخارست وبرلين وباريس، وتحول ذهنيته باختلاف اللغة التي احتوته وألبسته معالجات متعارضة للفكرة ذاتها. وقد كان "ناي" هو مزمار الفكر الذي خلفه حذا الآخرون.

فقد تحولت تصورات "ناي" إلى بارديغم/ منظور تعليلي لرؤية رعيل المثقفين الرومانيين لأنفسهم في ضوئها. وطبقوها عمليا كمواطنين ملتزمين بإعادة إنتاج الأمة الرومانية. عبر ترجيح الرؤى العنفوانية لتبجيل القوة وإدانة الضعف، والبحث عن عدوهم الداخلي، لئلا يكون وطنهم بيتا لأعدائهم.

ومن بين الثلاثي الروماني الأكثر تأثيرا في الثقافة الفرنسية (سيوران وإلياد ويوجين) بعد استقرارهم في باريس. أستثني بول تسيلان لأنه رغم أقامته في باريس إلا أنه ظل مؤثرا في اللغة والثقافة الألمانية ـ علما أن إلياد اضطر إلى مغادرة السوربون نحو شيكاغو حيث توفى سنة 1986 ـ تمكن فقط يوجين من التحرر من فكرة الأمة الروحية المتخيلة في الأفق النازي. غير أن يوجين الذي كتب نصه الأشهر "وحيد القرن 1959" كرد فعل ضد النزعة الشوفينية المهيمنة على أوروبا، كان مضطرا إلى إخفاء هويته اليهودية من طرف والدته.

 

أسس ناي يونسكو(1940/1890) العملية المنطقية لرفض الشكل السياسي للديموقراطية الليبرالية، عبر أفكارٍ مزجت بين الروحانية المسيحية الشرقية والأصل القومي لفكرة الأمة. في الواقع، تصعب الإشارة إلى هذا الفيلسوف دون ابتسار منجزه المعرفي. هو أساسا عالم منطق وفيلسوف ديني، انجز بحثه للدكتوراه "المنطق الرسمي كمحاولة لإعادة تأسيس الرياضيات" تحت إشراف أدموند هوسرل في جامعة ميونخ العام 1919. غير أنه لم يكن يجد شيئا مهما في فلسفة هوسرل. ترأس تحرير مجلة "الكلمة/ Cuvântul" التي نشر فيها ألف مقالة بين 1924و1934. واستعاد كلمة رومانية (trăirisme / التجربة المعيشة) لتأسيس تيار فلسفي وجودي. وانتقد بشدة فلسفة ديكارت حول مفهوم الذات، واعتبرها مدخلا لانحلال المجتمعات الأوروبية وظهور الفردانية الأنانية. وانتقد الفلسفة السياسية لـ جان جاك روسو حول الديموقراطية الليبرالية. معتبرا أفكاره سببا في بروز أنظمة ديموقراطية متراخية إداريا، وفاشلة أخلاقيا، وعاجزة سياسيا على تمثيل المصلحة العامة التي تجهلها مجموع آراء المقترعين غير المؤهلين لفهم ما يصوتون له.

إذن، نحن يتامى أوروبا، هكذا سوف يقول الفلاسفة الرومانيون، متأملين خراب بلدهم إثر حروب أوروبية عجزوا عن تجنبها. هذه النسخة من الواقع، هي بالتحديد مادة المفارقة الفكرية لحلم مشترك بين ناي وتلامذته النابغين. ومنها سيستخلص سيوران الشاب فكرة الثقافة الرومانية المتعفنة، ويجلدها بضرورة إنتاج التاريخ أو الموت  بالخمول في التاريخ. وانطلاقا منها سيظهر اختلاف سيوران عن معلمه، كلاهما معجب بالثقافة الألمانية ويتقن لغتها ويترجمان الفلسفة الألمانية إلى الرومانية، وكلاهما ينكران على الثقافة الفرنسية أي دور فعال في بناء أمة متماسكة. ولديهما التصور ذاته عن الانحلال الأخلاقي لشباب رومانيا غير المنضبط. لكنهما يستقيان أفكارهما من مصادر مختلفة أيضا. "ناي" رياضي منطقي، يقارن المجتمع بذرات الغاز، ويبحث عن جذور أمته في تراثها الشعبي، الأمة ككيان روحي يشارك في تكوينها الأفراد بتجربتهم الباطنية، وأساسها الحب والولاء.


(مارسيا الياد)

بينما ستغلب الغنائية المبهرة على صياغات سيوران لأفكاره الملعونة. وسينظر إلى الخارج من أجل تأسيس الداخل المنحل. مستعيدا بشاعريته المفرطة، الفكرة المدخلية لكتاب هيغل "فينومينولوجيا الروح" ورؤيته لمفهوم الثقافة كفعل مرتكز أساسا على الخروج من الذات، تطعيمها بما ليس فيها، والعودة إلى جوانية الذات حيث كل ما هو خارج بات مهضوما بطريقة جديدة في الداخل. أليس هذا بالضبط المعادلة الهيغيلية لفكرة سيرورة الإنسان، كتجلٍ مستمر لما يتغير فيه: "الإنسان هو ما ليس هو". وهكذا، سيبدأ سيوران في تخيل رومانيا جديدة، مخصّبة بالثقافة الألمانية وبتجربتها السياسية المنتقمة من كل من أذلها في اتفاقية فرساي 1919. ألمانيا المنسدلة من عمق قيصري، تضع جانبا إرث جمهورية فايمار، وتستعيد صورة بسمارك وجمهورية بروسيا التي كانت معروفة بأكثر جيوش أوروبا انضباطا. وكان هيغل معروفا كـ"رسول لبسمارك" بناء على مراسلته للأمير وتنظيره لفكرة الدولة على أساس تاريخ بروسيا ـ الفكرة محل جدل طبعاـ. لذلك سينتقد سيوران فكرة العودة إلى الأصل الروماني، كونها باتت شبه ميتة ثقافيا، اقتصادها ريفي، ولا يمكن ترقيعها، بل يجب إعادة إنتاجها على غرار النموذج السائر خلف الفوهرر. فالحياة في رومانيا تمشي ضد العقل.

لن يكون هناك شيء أكثر إغواء بالنسبة لفيلسوف روماني شاب من صورتي بسمارك وهيغل، ومصفوفة الفيلق والفوهرر. فأحلامه كانت تتقدم على تاريخانية أفكاره، ولغته المعرفية الأم هي اللغة الألمانية، ودخل برلين في ذروة تنظيمها، حيث إنتاج التاريخ كان يحدث في كل ركن. سيقرأ سيوران بصوته مقاطع شاعرية حول الطاقة المتدفقة عبر أرتال الشباب المنتظم في شوارع برلين، لتبدأ نصوصه تنتظم في كتاب "اعتذار إلى البربرية Apologie de la barbarie» النصوص التي شغلته خلال فترة إقامته في برلين 1935/1933. واستمر في كتابتها كمقالات حتى سنة 1941، بعد استقراره النهائي في باريس. يكشف هذا الكتاب شيئا غير عابر في شخصية سيوران. لذلك، سأتجنب الحديث عن عمله "ملخص التحلّل" 1949، لاعتقادي بأنه كتاب في تزويق العنف بالبلاغة، ويحمل قدراً كبيراً من التعارضات الأخلاقية والفكرية، بحيث يتعذر حشرها في المقال دون خسارتها فكريا.

وللمفارقة، فإن سيوران عند ولادته سنة 1911، لم يكن رومانيا، بل وإنما مجريا، نظرا لتبعية المقاطعة التي ولد فيها "ترانسلفانيا" حينذاك للإمبراطورية النمساوية المجرية، والتي لم تدخل ضمن حدود المملكة الرومانية إلا بعد الحرب العالمية الأولى. لذلك كانت الألمانية لغته الثانية.

هنا باريس، 1940، حكومة فيشي المتعاونة مع هتلر تتقاسم البلد، وسيوران يقف بين الحشود في شارع الشانزليزيه حيث يدخل الجيش النازي قلب باريس، يتقدمهم هتلر الباحث عن قبر نابليون. حينها كان أهم روائيي فرنسا في القرن العشرين ـ إلى جانب مارسيل بروست ـ، فريدناند سيلين موجوداً كطبيب باسم عائلته. لم أعثر على أية وثيقة تؤكد اجتماع سيوران وسيلين. فهذا الأخير كان انطوائيا أكثر من سيوران. غير أن تقاطعا فجا ستحدثه اللغة بينهما. سيوران قبل إتقانه للغة الفرنسية سنة 1945، في كتاباته الرومانية، وسيلين في عمله "مدرسة الجثث" 1938. تلك القسوة المرغوبة بالبلاغة، والعنف اللفظي لتعابير تتوسّط العلاقة مع الآخر بكلمات معادلة للرغبة في افتراسه أو نهشه. سيعدل كلاهما عن تلك النزعة. سنعثر على صوت مرهف لإيمانويل ليفيناس مذرورا في بعض نصوص سيوران، لكن بعد انتحار بول تسيلان.



المياه كلها جثة تسيلان
استقر الشاعر الروماني الأصل باول تسيلان في باريس سنة 1948 وحصل كما سيوران على الجنسية الفرنسية. غير أن لغته الأم كانت الألمانية قبل دراسته للغة الرومانية، نظرا لولادته سنة 1920 في مقاطعة غير رومانيا، تشيرنوفتسي التابعة حينذاك للإمبراطورية المجرية ـ النمساوية، وكانت الألمانية لغة معظم سكانها، قبل أن تتحول المقاطعة بحكم تحرك الخرائط الأوروبية إثر الحربين العالميتين، إلى ملكية رومانية واليوم أوكرانية.

ترجم تسيلان أعمال سيوران إلى اللغة الألمانية قبل معرفته بمساهمة سيوران في توثيق النزعة الشوفينية الرومانية، ولم يقاطعه رغم معرفته بذلك لاحقا. تسيلان الذي طافت جثته على سطح نهر السين منتحرا في باريس سنة 1970، تكللت نصوصه حول الموت بأفكار متشابكة مع نصوص سيوران المتأخرة. حاول تسيلان أن يعمق مفهوم القبر ككوة معلقة في الفراغ، وكوسيط غامض مع الآخر. توزع طيفه على الشذرات التي جمعها سيوران في مؤلفه "المياه كلها بلون الغرق/ غاليمار 1977". سيتناول سيوران الانتحار كنافذة على الحرية، وتفويضا بامتلاك القرار في الحياة من عدمها. غير أنه لن يقدم على ذلك رغم مخاوفه من أن تظهر نصوصه الرومانية، مقالات ونصوص باتت تلاحقه كإرث شخصي لأشباح لم يعد يريد رؤيتها في وجهه.

إن تاريخ الأفكار ليس سجلا لولادة التصورات، بل هو أيضا مجال تخصيص الفكر بالمعقولية. فإن رغبت في الربط بين أفكار كالقوة والوحدة والهوية، لتضفي المعقولية على السعادة كحصيلة مترتبة على هذا الربط. سيكون أمامك المجتمع الذي تريد إقناعه بأن ربط الأشياء بهذا الشكل سيفضي بالضرورة إلى هذا الشكل من الوجود. ههنا لن تسعفك الصيغ اللغوية المبهرة بتركيبها الجمالي، بل سيكون التركيب اللغوي لأفكارك هي محكمة هذه الأفكار. فلسفة سيوران الباحثة عن وطنٍ للذات، ستترجمها أفكاره حول النفي في الذات. إنه إذن سيوران آخر. ناكراً تأثير ليفيناس على نظرته إلى نفسه. إلا أنني أفترض هذا التأثير في الأفق الفلسفي لأفكارهما. مع الأخذ بعين الاعتبار أن سيرة ليفيناس وتسيلان التي يعرفها جيدا سيوران، تكاد تكون متطابقة بكونهما بقايا حطام عائلي، دمرتها الأفكار التي كان سيوران أحد أفضل معابرها الجمالية. متناسياً إن القيم الحميدة تحتفظ بجوهرها حتى وإن كانت مرفوضة، وهذا ما تجلّى في نص "وحيد القرن" ليونسكو. بينما لا يمكن لأي عقيدة عدوانية أن تغدو قيمة، مهما بلغت جمالية حواملها الفنية. وهكذا، ستصطبغ النصوص المتأخرة لسيوران بطبقة رقيقة من فلسفة الوجه لـ ليفينانس. وسيعلن ابتداء من عام 1969 بأن معاناة الآخرين هي معاناته. محاولا منع إعادة طباعة كتابه "تجلي رومانيا" حيث تكون العلاقة مع الآخر منسدلة من العمق النازي.

قاطع سيوران كتابيا علاقته بلغته الأم منذ 1947. لأسباب مغايرة تماما عن حالة كونديرا الذي فعل ذلك بعد سحب بلده الجنسية التشيكية منه. قرار سيوران فكري وثقافي ظاهراً، لتكراره القول بعدم جدوى الكتابة بلغة ميتة لا يقرأها أحد. دون أن تكون الرغبة في تورية سيوران الروماني بسيوران الفرنسي ضمن دوافعه. علماً من وظيفته في الممثلية الرومانية في باريس سنة 1940، كان بسبب كسله في العمل فقط. بينما لم يكتب يوجين يونسكو سوى باللغة الفرنسية التي كان يتقنها أساسا لدراسته في باريس منذ صغره.

علاقة المثقفين الرومانيين مع فرنسا فريدة بكونها منفصلة عن اللغة والجغرافيا وعن التاريخ الاستعماري. فاللغة والفلسفة الألمانية تاريخيا هي المؤثر الثقافي الأكبر داخل رومانيا. حتى أن يوجين يونسكو وصف لجوؤه إلى فرنسا بالهروب من الحاضنة الرومانية للنازية. والحركة الفنية الوحيدة التي انتجتها سويسرا، وليتها لم تفعل، أي الدادائية Dada التي أسسها مهاجرون ألمان وفرنسيون ورومان في ملهى فولتير في مدينة زيورخ سنة 1916. وصلت إلى باريس، وليتها لم تصل، عبر تريستان تزارا الذي لجأ كغيره من الرومانيين إلى باريس والتي كانت حينذاك الوجهة الثقافية الأرخص للعيش. ومن بين 130 كاتبا رومانيا مهاجرا يكتبون بلغة البلاد التي استضافتهم، فإن أكثر من نصفهم يكتبون باللغة الفرنسية حسب إحصائية قدمها كتاب "الحالة الجديدة للأدب الفرانكوفوني" 2019 لكل من فيرونيك كورينوس وميريل هيلسوم. ضمنهم الروائي ديمترو تسيبيناغ الذي كتب رواية "كلمة الساعة الرملية" مزدوجة اللغة، تبدأ بالفرنسية ثم يتحول النص إلى اللغة الرومانية وهي من المحاولات النادرة في الأدب الفرانكوفوني. اللغة الفرنسية بالنسبة لهم وسيط للتثاقف. بينما بالنسبة إلى سيوران هي مسكن وجوده الجديد.

رومانيا بلد شرق أوروبي، متعصب العقيدة، يمتلك الحصة الأكبر من سيارات المرسيدس في أوروبا، كونها الماركة الأحب إلى عصابات المافيا. وتأثيرها الثقافي يحدث خارج لغتها. لكنه تأثير بليغ، شكّل أساسه المتين يوجين وإلياد وسيوران رغم كل خلافات هذا الأخير مع مجايليه. كتقليله من قيمة أدب آلبير كامو، وعلاقته المتوترة مع الروائي الفرنسي الليتواني رومان غراي وآخرين. مع ذلك يظهر سيوران في كلام ميشيل فوكو حول الانتحار بمديح أشبه بالغبطة لوجود سيوران.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها