الأربعاء 2018/02/14

آخر تحديث: 10:55 (بيروت)

كارولين حاتم لـ"المدن": أردتُ "البيت" مسرحية شعبية ورهيفة

الأربعاء 2018/02/14
increase حجم الخط decrease
بعد عرضها في طرابلس، وزوق مصبح، وحمانا، تنطلق، غداَ، الخميس، عروض مسرحية "البيت" في مسرح مونو. كتبت أزرة خضر نصها، وأخرجتها كارولين حاتم، وأداها كل من يارا بو حيدر، وجسي خليل، وطارق يعقوب.

عن "البيت"، وموضوعها، هنا، مقابلة لـ"المدن" مع  الفنانة كارولين حاتم، التي، فضلاً عن تجربتها الأولى في الإخراج المسرحي، تزاول الكتابة والرقص والتمثيل السينمائي، بالإضافة إلى تعليمها المسرح في الجامعة اللبنانية.


- كيف اخترتِ العمل على هذه المسرحية؟

* هذا أول عمل لي، كمخرجة مسرحية، لذلك، قررت أن أختار مسرحية مكتوبة على أساس واضح القواعد: قصة، حبكة، حوار إلخ. إذ قلت أنه يتوجب عليّ أن أنطلق من المسرح كما هو، أو بالأحرى كما كان، وبهذا، أكتشف إن كنت فعلياً قادرة على الإخراج فيه. بالتوازي، اخترت نصا محليا، وليس عالميا، وقد كتبته أرزة خضر في إطار إحدى ورشات العمل، التي نظمتها قبل عشر سنوات من الآن. وجدت النص متينا، وهو، بوقائعه، يدور حول ثلاث أخوة في منزلهم العائلي خلال الذكرى الأربعين لموت أمهم.


- ما قصة "البيت"؟

* هناك، الأخت الكبرى التي بقيت في المنزل بسبب وفائها لأمها، الصغرى، متمردة على أهلها، والأخ، كان قد تزوج لكي يبارحهم. سطحياً، هذه هي قصة المسرحية، ولكن، ما لمسني فيها هو طرحها لموضوع أساس، يتعلق بكيفية تحمل النساء لثقل إجتماعي كبير، مفاده أنهن ينظرن إلى أنفسهن كأنهن لا يستحقن العيش، أو الإنطلاق، أو التكون التام، وبالتالي، الحياة في هذا العالم الفظ والمخيف، الذي يجري تصوير النساء فيه كطرائد، والرجال مخادعين. أعرف أن هذا الثقل يجري نقله من جيل نسائي إلى غيره، من جدتي إليَّ مثلاً، بحيث يجري تحذير النساء دائماً من مغبة ذلك العالم، ومن أناسه. بعض النساء، وأنا من هذا البعض، نجون، وكان الأمر في بدايته صعباً للغاية، أما، الباقي منهن فلم يخلصن. ثمة الكثير من ناديا، وهو اسم الأخت الكبرى، في المنازل اللبنانية.


- كيف تعالج" البيت" هذا الموضوع؟

* من خلال إبانة كيفية عيش كل شخص من شخوص تلك العائلة، فضلاً عن إبانة صلتهم بالمنزل. الأخت الصغرى، على سبيل المثال، تدعو في إحدى اللحظات إلى تدمير هذا المنزل، وذلك، لكي تشعر بالخفة. أما الأخ، فغالباً ما يتجنب المشاكل. أعتقد بأن المسرحية قد عالجت الموضوع بطريقة دقيقة وفطنة.

- وهل اختيارك لطرز المسرحية، ذات القواعد الواضحة، علاقة بضرورة هذا الموضوع؟

* الموضوع ضروري طبعاً، ولكن، اختياري لهذا الطرز، وفي ظني، يجعل إخراجي تحت الاختبار. العمل على طرز آخر، جديد، هو أمر صعب، ذلك، على الرغم من كون الكثيرين يجدون أنه سهل. فمن اليسير أن أخرج مسرحية، يجري وصفها بأنها "بوست مودرن"، بعدد من الأفعال البسيطة، ولكن، في النهاية، ستكون فاشلة، ومرد ذلك، أنها تحتاج إلى فكرة ملائمة، وإلى ممثلين مناسبين، وإلى منظور إخراجي مختلف. قد أخوض تجربة من هذا النوع في المستقبل، غير أن هذا لا يعني اقلاعي عن تجربة إدارة التمثيل، وعن عنايتي بالنص لينطوي على معانيه. هذا من ناحية، أما، من أخرى، فما يعذبني هو إقدامي على عمل لا أجده ضروريا، فالآن وجدت أن ذلك الطرز المسرحي ضروري، وبالتالي، اخترته، وربما، في أحد الأيام، اختار غيره بحكم ضرورة أخرى. مع العلم، أنني حاولت إدخال بعض الأشياء من عندياتي في النص، أشياء قريبة مني، وشعرية أكثر من نثرية، وذلك، بدون إلغاء متنه الأصلي.

- مثلاً؟

* لقد اخترت أن تكون الأخت الكبرى هي البطلة وليس الأخت الصغرى، وقد طلبت من يارا بو حيدر أن تؤدي دورها، إذ إنني أجد فيها ممثلة رائعة، وقد قلت لها أن هذا الدور سنعمد إلى تقديمه على طريقة إنغار برغمان وليس جورج خباز! كما أن الأخ كان دوره قصير وضعيف، ولهذا، ضفت إلى كلامه عدد من التعليقات. إلا أن المهم في النتيجة هو الحفاظ على وتيرة النص، ليكون متكاملاً، وقد يصح القول  أنه، وإخراجه، كانا متناغمين، فعندما عرضنا المسرحية في طرابلس الأسبوع الماضي، لاحظت بأن الجمهور تفاعل معها بطريقة جيدة. مع الإشارة إلى أن هذا الجمهور تشكل من فئات وشرائح مختلفة، كما لو أن المسرحية استطاعت أن تجمعها كلها بسبب موضوعها. أردت من المسرحية أن تكون شعبية ورهيفة، فكانت كذلك.

- ماذا عن إدارة التمثيل؟

* من الممكن القول إن إدارة التمثيل هي المسرحية. لقد سررت جداً بالعمل مع ممثلي هذا العمل، بحيث أنهم نبيهون ونشيطون، قرأوا النص، وتمكنوا منه سريعاً. بعد ذلك، حان دوري، الذي يقتضي مني الشغل معهم على كيفية تأديته، نطقاً وحركةً، لإبداء معانيه. شرعت في ذلك بدون تفضيء (misenespace)، فكانت البداية عضوية، متكلمةً مع الممثلين بدقة، ومرة تلو المرة، مستفهمةً منهم عن دواعي تأديتهم لهذا الدور أو ذاك بهذه الطريقة أو غيرها، ولاحقاً، رحنا نحاول تظهيره على محتواه، ساعيةً إلى استخلاص حدته.

- لقد درستِ الفلسفة، كيف تستفيدي منها في عملك، أكان المسرحي، أو الرقصي، أو التمثيلي في السينما؟

* الفلسفة، أو بالأحرى الفلسفات، هي عبارة عن لقاءات مع كتّاب، يتركون أثراً في حياتك، ويجعلونك تعيشها على منوال نافذ وذكي. من خلالها، تكون أقل خضوعاً للكليشيهات. لقد تعلمت الفلسفة لكي أنساها، وعندما أعمل في المسرح أو السينما، لا أستند إليها مباشرةً، بل لمفاعيلها فيَّ. كما أن الفلسفات تساعد على قراءة النصوص من أي نوع كانت، وعلى اختيار الأجدى بينها، وهذا لا يعني أنها تبعدك عن تقدير السهل الممتنع، بل العكس تماماً. ذلك، أن تفتح الذهن على مناظير جديدة، وهذا، على ما أعتقد، غائب في البلاد. فمن فترة، ذهبت لمشاهدة طاولة نقاش حول المسرح والسياسة، وأمضيت ساعتين منتظرةً الوقوع على جملة مفيدة في أثناء الحوار، لكن، هذا لم يحصل. الفلسفات هي التي تجعلك تعترض على مضيعة الجهد والوقت والكلام هذه، وربما، تجعلك تطالب بالمزيد، ولكن، في لحظة معينة، تتوقف عن هذه المطالبة، وتمضي إلى محاولة خلق شيء ما.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها