لكن، وقبل أن تبدأ ديبانت بالكتابة، وبعدما أدمنت الكحول، عمدت إلى العمل في الكثير من المهن، كجليسة أطفال، بائعة أسطوانات، ناقدة لألبومات البانك، ومعلقة على أفلام البورنوغرافيا، موظفة في "فرجين ميغاستور"، وفي النهاية، اشتغلت عاملة جنس، لا سيما في محلات التدليل. وبالتوازي، مع مهنتها الأخيرة هذه، كانت تغني في إحدى فرق الروك أيضاً. شيئاً فشيئاً، ساءت حالتها الصحية، فمكثت في المنزل، وشرعت في كتابة روايتها الأولى، بعنوان "ضاجعني" (1993)، متناولةً فيها موضوع العنف الجنسي، وقد تقدمت بها إلى عدد من دور النشر، التي، وبدورها، رفضت طباعتها. غير أن أحد أصحاب دور النشر أخذ الرواية على عاتقه، وما أن طرحها في السوق، حتى نفدت نسخاتها، خصوصاً أنها نالت تشجيعاً مديوياً. وعلى هذا النحو، أفلتت ديبانت العقال لكتابتها، متنقلةً من رواية إلى أخرى، متعقبةً عوالم الجنس، من الكرخنات، إلى الأفلام الإباحية، ومتعقبةً عوالم النساء وأوضاعهن القاهرة، التي تودي بهن إلى الإنتحار، أو إلى الخضوع التام. فدنيا ديبانت السرد هي دنيا سوداوية، ومع ذلك، لا يمكن سوى التنبه إلى دقة تأليفها، ووصفها، عدا عن النقد الذي توجهه إلى المجتمع الفرنسي المعاصر.
من رواية Les chiennes savantes 1996 إلى ثلاثية "Vernon subtex"، استمر تلقي أعمال ديبانت باعتبارها "صادمة"، خصوصاً أنها، وعندما حولت "ضاجعني" إلى فيلم سينمائي، مُنع من العرض بسبب مشاهده الجنسية والعنفية القاسية. وذات مرة، قررت ديبانت أن تغير نمط كتابتها "الصادمة"، أصدرت رواية حول الإرتقاء الإجتماعي بعنوان L'esprit ado 2002، لكنها، وبعد وقت قصير، ألحقتها برواية مصورة، "ثلاث نجوم"، بالتعاون مع نورا حمدي، وقد كانت قاسية للغاية، بحيث تقارب فيها مسائل العنف ضد النساء.
فضلاً عن ذلك، خاضت ديبانت في مجال السينما، فأخرجت فيلمها الوثائقي الأول بعنوان "متحولات، نسوية بورنو بانك" (2009)، كما أنها أخرجت روايتها "باي باي بلوندي" (2011) أيضاً، وبينهما، ترجمت إلى الفرنسية "will work for drugs" لليديا لينش، مثلما أنها، ومن ناحية حياتها الشخصية، أعلنت أنها مثلية جنسياً، وأنها واقعة في حب المنظرة بياتريز برسيادو.
تتسم كتابة ديبانت بكونها حادة و"نيئة"، وهذا ما ترده إلى أنها "من إنتاج عمل فعلي، فهذه الكتابة تشبهني، وعلى سبيلها، عشت حياتي، فلا يمكنني أن أكون نظيفة فيها". إذ إنها، ومثلما هو ملاحظ، تكتب من صميم تجاربها، ومن صميم موقعها، أو بالأحرى مواقعها الجنسية، والإجتماعية، والسياسية، التي دافعت عنها بشراسة: "أكتب من جهة القبيحات، للقبيحات، للمسنات، لسائقات الشاحنات، للباردات جنسياً، للواتي تجري مضاجعتهن بطريقة سيئة، للواتي لا تجري مضاجعتهن، للهستيريات، لصاحبات العاهات، لكل اللواتي حصل نفيهن لحساب نموذج المرأة الخادمة. وأبدأ بهذا لكي تكون الأشياء واضحة: لا أعتذر على شيء، ولا أشكو. لن أستبدل مكاني بآخر، فأن أكون فيرجيني ديبانت، هذا شأن أهم من كل الشؤون الأخرى".
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها