الأربعاء 2017/11/01

آخر تحديث: 12:15 (بيروت)

كارين وهبة: "قف..عطلة!" في ديار آفلة

الأربعاء 2017/11/01
كارين وهبة: "قف..عطلة!" في ديار آفلة
تنهي كارين وهبة كتابها بصورة بانورامية لخليج جونيه.
increase حجم الخط decrease
لم تضع كارين وهبة اسمها على غلاف كتابها، "قف...عطلة سعيدة!" (مع مشاركة نصية لكل من وضاح شرارة، وإيلا-باري دايفيز، وهشام عواد، وشربل الهبر، ونديم تابت، والصادر عن sharjah art foundation)، بل وقعت به تقديمها له فقط. تركت دفتيه لصُور ورسوم دعائية، موضوعها المنتجعات البحرية على شواطئ المتن الشمالي وكسروان، قبل أن تغدو، مع تقلبات الزمن وأهوال المكان، مهجورةً ومحطمةً ومردومة. 

تهب إزالة الاسم، أو بالأحرى تغييبه، طابعاً محدداً للكتاب، بتصويراته المتنوعة. بحيث يصير بمثابة دليل لتلك المنتجعات، وهو ليس من تنسيق أصحابها، بل من إنتاج وتوزيع وهبة، التي كانت من زوارها، ومن المقيمين فيها طوال طفولتها ومراهقتها. إذ ترشد القارئ، وهو نفسه المشاهد، إلى أرجاء من ذاكرتها، وحين تُرجعه إليها، تتيح له للتوقف في ديارها الآفلة، مثلما تسمح له أن يطّلع على تظهيرها الإعلاني، الذي غالباً ما يكون مبايناً لما كانت عليه، ولما هي عليه الآن، لا سيما أن غايته جذب السياح، محليين أو أجانب.



من الممكن اعتبار مجمل الصور والرسوم في الكتاب، وثيقة بصرية، عن مآل المنتجعات البحرية، العامرة سابقاً والموحشة حاضراً. لكن، عندما تحققها وتقدمها وهبة على طريقتها، تجعلها أكثر من هذا. تحولها من وثيقة إلى "مَطرح"، بما هو مسكن اللا-أحد، وبما هو بعيد عن آهِليه قبل أن يهملوه، لدواعي النزاع والشظف. مثلما أن وهبة، وعدا عن تجميعها بعض الصور والرسوم، التقطت بعضها الثاني، وبدت فيها وحيدةً، أو بصحبة رفاقها. وظهورها، هنا، ينقسم بين استرجاعها لتصويرات قديمة، حيث كانت لا تزال طفلة، وأخذها لأخرى على نحو بعينه: تتحرك فيها، بمفردها أو مع أصدقائها، عائدةً إلى ديارها، ومندمجةً في دنياها بتمثيل سكانها. فتجلس مع صديقة في حديقة أحد المنتجعات، وتحمل كل منهما، مجلةً ورقية قديمة، أو تنظر إلى الشاطئ في حين مواجهتها له من وراء حاجز جداري. ولا تقتصر علامة العودة والإندماج على الحركة في التصويرات، بل تتعداها إلى الطرز اللوني للأخيرة، إذ يبدو بالياً، كما لو أن تصويراته التُقطت بعدسة سائح في وقت استجمامه السالف.

على أن كاميرا وهبة، وفي عدد كبير من التقاطاتها، تبدي عمران ديارها. فمرةً، تبينه ضخماً، ومرةً ضامراً. كما تركز على عناوينه وأسمائه، مثل "هوليداي بيتش" "اوتيل الشاطئ الأزرق"، "الشاطئ الأخضر"، "حالات سور مير"، "صفرا مارينا"، إلخ. وفي الوقت نفسه، تثبت كاميرتها على علاقة هذا العمران بالبحر، لا سيما من خلال تصاميمه التي تفضي به إلى المياه الزرقاء، كالسلم اللولبي، أو المسابح الفارغة بحد ذاتها، خصوصاً أن بلاطها يحيل إلى مياه البحر البعيدة.



بالتالي، ليس رجوع وهبة إلى ديارها بقصد السكن فيها بعد إغلاقها على هندستها. بل بحثاً عن مدى، كانت المنتجعات تسهّل بلوغه، لكنها، وبعدما أقفرت، ما عادت توطئة له. وهذا لا يعني أنها أصبحت عائقاً أمام الوصول إليه، لكنها تطرح نفسها كجزء مُعطِّل منه، وسمة عطلتها الأساس هي الخلاء.

تنهي كارين وهبة كتابها بصورة بانورامية لخليج جونيه. فبعدما تنقلت في منتجعات ديارها، وتعقبت ملامحها، ودخلت إلى عمرانها، ها هي تنصرف منها، مصوِّرةً إياها كتضريس كلّي، يجمع الجبل والمدينة والبحر. وهي بهذا، تقارن بين خليج جونيه الحاضر وخليج جونيه الماضي الذي افتتحت كتابها بصورته. لكنها أيضاً، تستكمل آخر فصول الدليل، بحيث تختتم رحلتها في دواخل ديارها، بإبرازها قاطبةً، من خلال الذهاب في مداها. فيخيل للقارئ-المشاهد، أنها، ومن البحر، تصوّر ذلك الخليج، ومن البحر، ترمي عليه نظرة أخيرة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها