الجمعة 2015/02/27

آخر تحديث: 13:23 (بيروت)

فَسبَكَة اللغة وتكسيرها: بيضون وعبد اللطيف في "أشكال الوان"

الجمعة 2015/02/27
increase حجم الخط decrease
افتتح منتدى "اللغة العربية اليوم وشبكات التواصل"، أمس، وهو من تنظيم "الجمعية اللبنانية للفنون التشكيلية-أشكال ألوان" (ويستمر حتى السبت 28 شباط)، بندوة أحمد بيضون، حول عربية "فايسبوك"، وتلتها مداخلة عماد عبد اللطيف، التي تناول فيها لغة الجمهور في الفضاء الإلكتروني، من وجهة لسانية بلاغية. بين الإثنين، استراحة قهوة وطعام، وقبلهما، كلمة لمديرة "أشكال ألوان" كريستين طعمة، تحدثت فيها عن المصاعب التي تواجه المدعوين إلى النشاط من خارج لبنان، معتذرة عن تعسر تقديم ندوة "اللغة والعنف في الخطاب الإلكتروني لتنظيم الدولة الإسلامية"، نظراً إلى عدم تمكن حسن أبوهنية من الوصول إلى بيروت لأسباب قاهرة. وبدأ اليوم الأول بما يشبه تركيز إشكالية واستفهامات المنتدى الذي تبث محاضراته عبر قناة "أشكال ألوان" في "يوتيوب" أيضاً، وذلك في سبيل النقاش وتبادل الآراء حول موضوع متشعب وجدير بالإهتمام.

قرأ بيضون مقاطع من ورقته، المكتوبة بأسلوبه الصلب والرشيق، في الآن نفسه، مسترجعاً ما سمّاه، قبل 15 عاماً، "جلاء الفصحى عن مناطق المشافهة". وبانحسار العربية الفصحى من المخاطبة المباشرة، ومن منابرها، السياسية والدينية والتربوية وغيرها، حلّت اللغة المحكية مكانها. وكان الرئيس جمال عبدالناصر قد ظَهّر هذا الضعف، ومتّنه، في توجهه إلى جمهوره بلغةٍ، تجمع بين العامية والفصحى، وهذا ما أسس إلى فصل لغوي جديد في الخطابة العربية، ونتيجته، اعتماد المحكية، والميل بها نحو المكتوب.

على أن "الحق في الكلام"، الذي عمّمه التواصل الإلكتروني، بوسائطه المتعددة، وعلى رأسها "فايسبوك"، مع دمقرطة هذا الحق، عزّز مكانة المحكية وجعلها قريبة من الكتابة، أكثر من الفصحى. وبذلك، أدخلت المحكية معاييرها، التي تتصف بالإنثناء والثني، فضلاً عن دفع مستخدميها، أو المتكلمين بها، إلى الإقتراض، أي استلاف المحكي، العربي أو الأجنبي، للكتابة به. تالياً، وفي هذه الناحية، وبعد التفريع الذي عمد إليه، خلص بيضون إلى "أن ما يحل بلغتنا في الشبكات لا يختصره غزو أجنبي، وليست للشبكات مسؤولية خاصة عنه، ولا يستنفده طغيان للعاميات من غير ثمرة طيبة تجنيها العاميات والفصحى سواءً بسواء".


دخل أحمد بيضون إلى موضوعه من باب اللغة، ومن وصف أحوالها في "فايسبوك"، الذي، على ما هو معلوم، له تأثيره في نقل المكتوب إلى مصوّر. انتهت الندوة بتلقي أسئلة الحاضرين، ثم أغلقت على إستراحة، ومن بعدها، عاد الحاضرون إلى مقاعدهم للإستماع إلى عماد عبد اللطيف، الذي قدم مداخلته بطريقة منهجية، تنطلق من إستفهام عن لغة الجمهور الإلكترونية، الحاضرة في التعليقات على وجه الدقة. وقد حدد عبد اللطيف المناظرة الشهيرة بين عمرو موسى وعبدالمنعم أبو الفتوح، إبان الإنتخابات الرئاسية في مصر، مثالاً على استجابات الجمهور في عالم الإنترنت، التي تتمتع بخصائص معينة، وهي الآنية، وضعف الخضوع للرقابة وإعادة المعالجة، وقابلية تجهيل المصدر وصعوبة التتبع.

وهذه الإستجابات، بحسب عبد اللطيف، لا يمكن أن يُسقط عليها ما سمّاه باسل حاتم "الحجاج بالمسايرة"، لأنها تبدو على عكسها، أي "حجاج مضاد"، خصوصاً أنها مليئة بالشتائم، التي استخدمها جمهور أبو الفتوح أكثر من جمهور موسى. بعد التوقف عند البذاءة، تكلم عبد اللطيف عن شفرة الكتابة في التعليقات، ووجد أنها عامية مكسرة، مكتوبة بطريقة غير صحيحة، وتختلط فيها اللغتان الإنكليزية أو الفرنسية، فضلاً عن العربية المكتوبة بالأحرف والأرقام.


وأنهى صاحب "لماذا يصفق المصريون" مداخلته، بنتائج أولية، تتصل بانتقاله من عنوان إلى آخر، وتحتاج إلى بحث أكثر، أبرزها مراجعة الأفكار بشأن أساليب الحجاج العربي، ومراجعة مفهوم "الإستجابة البلاغية"، والعلاقة بين الإنترنت وخطاب الكراهية، وتقديم نظريات معمقة لظاهرة البذاءة. مع العلم، أن مداخلة عبد اللطيف، انطلقت من مثال واحد، لا يمكن الأخذ به من أجل تأليف نظرية كلية عما يسمى "الفضاء الإفتراضي"، الذي يصبح النظر فيه أكثر دقة، لما تعاين آلياته الداخلية، وكيفية اتصاله بالمستخدم وتأثيرها في مساره، اللغوي أو غيره. بعد انتهاء المداخلة، فتح النقاش، وتبادل الحاضرون مع المداخل استفهاماتهم، التي، على ما يبدو، سيتواصل طرحها، وطرح غيرها، في أيام المنتدى المقبلة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها