الجمعة 2015/07/10

آخر تحديث: 15:15 (بيروت)

الزبداني.. أبعد من نصر حاسم لـ"حزب الله"

الجمعة 2015/07/10
الزبداني.. أبعد من نصر حاسم لـ"حزب الله"
حساب السرايا ما زبط مع حساب القرايا
increase حجم الخط decrease
"حيثما يجب أن نكون.. سنكون"، هو عنوان المرحلة الجديدة في مسيرة "حزب الله" اللبناني، منذ قرر أن يكون تدخله في الوضع السوري علنياً. وفي "يوم القدس" يرابط رجال "المقاومة" على تخوم مدينة الزبداني، فيما يستعد "سيد المقاومة" لإلقاء خطاب "نصر الزبداني المحسوم"، كما روَّجَ له المنشد المستقل علي بركات، وبشكل "عفوي" كعادته، قبيل كل معركة يخوضها الحزب.

يبدو اليوم، أن أمين عام "حزب الله" حسن نصرالله، بات في وضع لا يحسد عليه، فمن كان يُعدُّ لخطاب ناري حماسي بعد نصر سائغ، صار في حيرة من أمره؛ فمدينة الزبداني الصغيرة، التي أنهكها القصف والحصار على مدى ثلاث سنوات، والسهل المحاط بجبال تملؤها حواجز قوات النظام، أهلها لأن تكون ساقطة عسكرياً بيد الحزب، وصيداً مغرياً للسيد حسن، يعلنه في خطاب "يوم القدس". وأسبوع واحد كان كافياً لإعلانها منطقة "محررة" من أهلها، كما اعتقد الحزب، ولكن كما يقول المثل الشعبي في الزبداني "حساب السرايا ما زبط مع حساب القرايا".

وحول ذلك، قال قائد "لواء الفرسان" التابع لـ"أحرار الشام" أبو علي العامري: "لا شك بأن هنالك ترابطاً بين توقيت بدء المعركة وموعد الخطاب، حيث تصور حزب الله أن حسم المعركة سيكون سريعاً، ولكن الواقع يشير إلى أنه تورط في معركة استنزاف ستثقل كاهله بضريبة كبيرة".

مرّت سبعة أيام على بدء المعركة، بحشد عسكري كبير من ميليشيا الحزب وقوات النظام وميليشيات "الدفاع الوطني" وميليشا "نسور الزوبعة" التابعة للحزب "السوري القومي"، مصحوباً بجسر جوي لا ينقطع بين مطار المزة العسكري وسماء الزبداني محملاً بمئات البراميل المتفجرة والألغام البحرية، والقصف المستمر من الحواجز المحيطة بالمدينة، بالمدفعية الثقيلة وصواريخ أرض-أرض من نوع زلزال. وعلى الرغم من إقحام طائرات السوخوي-24 في المعركة، بصواريخها دقيقة الأهداف، هائلة التدمير، فقد فشلت ميليشيا "حزب الله" قائدة هذه العملية، بتحقيق أي تقدم يذكر. المليشيا غرقت وشركاؤها في تخبط أصبح جلياً على صعد متعددة، أساسها الوضع في أرض المعركة؛ فبعد كل محاولة اقتحام تتحول إلى تراجع وانشغال بسحب جثث المقاتلين بعربات الـ"بي أم بي" الطبية، تاركين وراءهم جثث "الأصدقاء" ذات الأهمية المعدومة. تكرر ذلك في محاور قلعة الزهراء والجمعيات والسلطاني والشلاح، إضافة إلى وقوع عناصر ميليشيا الحزب في الكمائن المتكررة لأصحاب الأرض، حيث يُسمح لهم بالتقدم ليجدوا أنفسهم محاصرين. آخر تلك الكمائن ما حدث في محور قلعة الزهراء، الخميس، حيث تم استدراج عناصر الحزب إلى قصر أبو غازي ومن ثم نسف البناء، ما أسفر عن مقتل 8 عناصر.

وصل التخبط وسوء التنسيق بين القوات المُهاجمة، إلى درجة أن "استراحة الرئيس" -قصر رئاسي صيفي شمال شرقي الزبداني تحول منذ بدء الثورة إلى ثكنة عسكرية- تم استهدافها بالخطأ مرتين، ليومين على التوالي؛ مرة بصاروخ "زالزال" من حاجز الجرجانية، ومرة بصاروخ "كورنيت" موجه، من نقطة "آية الكرسي"، وسُمع تبادل الشتائم بين "الأصدقاء" على قبضات اللاسلكي. إضافة إلى رصد حالتي انفجار لراجمتي صواريخ، أثناء الإطلاق؛ واحدة في قلعة الزهراء والأخرى في استراحة مجلس الوزراء، فضلاً عن النيران الصديقة وخصوصاً من البراميل العمياء التي تنهمر في مساحة جغرافية ضيقة، ما يجعل احتمالات الخطأ كبيرة.

وقد ألقى هذا التخبط في ساحة المعركة بظله على الخطاب الإعلامي، وخاصة بعد اكتظاظ صفحات مواقع التواصل الاجتماعي المحسوبة على "حزب الله"، بنعوات "شهداء الدفاع  المقدس" بوتيرة عالية. وبعد أن كان النصر "محسوماً" أصبح الحديث في القنوات غير الرسمية للحزب عن عدم رغبة الحزب في خوض قتال الشوارع في الزبداني، ونيته الاكتفاء بإحكام الطوق. في حين بدأ الحديث عبر هذه القنوات عن سيناريوهات متوقعة، لانسحاب مسلحي المعارضة، وعن تلميح حول مفاوضات غامضة ورد ذكرها في جرائد "الممانعة" المناصرة للحزب. وقد تزامن هذا الطرح مع نشر صفحة "دمشق الآن" المحسوبة على أحد أجهزة الاستخبارات السورية، صورة لورقة "عبور آمن للمسلحين" تعتزم مروحيات النظام إلقاءها على مدينة الزبداني، وذلك في سيناريو كوميدي، لنشر الحدث قبل وقوعه.

وفي السياق ذاته، بث الإعلام الرسمي للنظام تسجيلاً مصوراً لزيارة رئيس هيئة الأركان العامة للجيش والقوات المسلحة العماد على أيوب، بتوجيه من الرئيس بشار الأسد، إلى الزبداني. في حين أكد شهود عيان من بلدة مضايا، أن هذه الزيارة لم تتعدَ منطقة عين هَدلة، الواقعة شرقي مضايا، والتي تمّ قصفها بالبراميل المتفجرة، تزامناً مع الزيارة، رغم أنها تعتبر منطقة مهادنة، وملاذاً للنازحين من الزبداني، وذلك ضمن خطة للضغط على مقاتلي الزبداني. ورقة المدنيين كانت الأكثر إيذاءاً في يد النظام؛ فمنذ بدء الحملة العسكرية، تعاني مناطق النزوح وخصوصاً مضايا، وبلدة بلودان الواقعة تحت سيطرة النظام، حصاراً غذائياً وحظراً للتجول، وسط انتشار غير مبرر لعناصر ميليشيا "حزب الله" في طرقاتها. وتفيد أخر الأنباء، بحشود كبيرة لميليشيا الحزب في محور المعمورة والجرجانية، حيث اتخذت من المدنيين دروعاً بشرية، تحول دون استهدافها من ثوار المدينة، وذلك في محاولة مستميته لإحراز نصر صغير، يُغطي على عدم القدرة على انجاز نصر كبير.

مدير المشفى الميداني الوحيد في الزبداني، عامر برهان، قال لـ"المدن": "هزمنا أم انتصرنا، فنحن منتصرون. لم يعد لدينا ما نخسره، فكل من نحبهم هنا تحت هذا التراب أو فوقه. لا تعنينا تسويفات وتبريرات حسن نصر الله، نحن باقون هنا في الزبداني. الزبداني العين التي قاومت المخرز".  
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها