الأربعاء 2017/02/15

آخر تحديث: 16:45 (بيروت)

مصر: الخشية من التوزير

الأربعاء 2017/02/15
مصر: الخشية من التوزير
كثرة الاعتذارات عن قبول المنصب الوزاري، كانت أحد الأسباب القوية لتأجيلاته المتكررة (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease
على الرغم من إقرار التعديل الوزاري الثالث في عهد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، رسمياً مساء الثلاثاء، بعد موافقة "مجلس النواب" المصري عليه، وبعد العديد من التأجيلات المتتالية، إلا أن المخاض العسير للتعديل قبل خروجه للنور، سجل العديد من الظواهر التي تعد من النوادر في السياسة المصرية.

كثرة الاعتذارات عن قبول المنصب الوزاري، كانت أحد الأسباب القوية لتأجيلاته المتكررة، بالإضافة إلى اعتراض الجهات الأمنية والرقابية على سِير بعض المرشحين للمنصب. وفي تصريحات لوكالة الانباء المصرية الرسمية عقب موافقة "مجلس النواب" على التعديلات الوزارية قال رئيس الوزراء شريف إسماعيل، إن نسبة الاعتذارات عن تولي المنصب الوزاري "بلغت 16 من بين 50 مرشحاً" إلتقاهم، ما يعني أن نسبة المعتذرين بلغت 32 في المئة تقريباً.

ربما تعد كثرة الاعتذارات أحد مكاسب ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، والتي أفقدت المنصب الوزاري بريقه، وجعلته على كف عفريت، بالنظر إلى عدد الوزراء الذين حوكموا أمام القضاء، وقضوا فترة عقوبة في السجن، وكذلك سهولة تضحية النظام بأحد أفراده لصالح المجموع العام. وهو ما تكرر حتى في عهد السيسي، بخروج أركان النظام الأقوياء، وزيري العدل الأسبقين؛ محفوظ صابر، وأحمد الزند، لتصريحات لهما، مثلت استفزازاً صريحا للرأي العام. صابر حين قال إن أبناء عمال النظافة لا يصلحون لتولي منصب القضاء، والزند بتصريحه الشهير عن استطاعته حبس النبي. ورغم اعتذار الوزيرين، إلا أن النظام قرر الإطاحة بهما لتهدئة الرأي العام، بالإضافة لأسباب أخرى، تتعلق بتوازنات القوى داخل النظام.

صراعات الأجنحة كانت أيضاً سبباً في القبض على وزير الزراعة صلاح هلال، بعد استقالته، بطريقة اعتبرت مهينة عقب خروجه من الوزارة. حينها تمّ توقيف هلال في ميدان التحرير من قبل ضباط "الرقابة الإدارية"، التي يعمل بها مصطفى، نجل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي. وهي الصورة التي حضرت بقوة في أذهان المعتذرين عن المنصب، خوف وقوعهم ضحايا لصراعات الأجنحة، وتحملهم  خسارة معركة ليسوا طرفاً فيها في الأساس.

وعلى الرغم من مهاجمة السيسي للرئيس الأسبق حسني مبارك، في لقاء مع عدد من شباب الإعلاميين في 3 ديسمبر/كانون الأول 2014، بقوله: "لا يوجد شخص منصف وموضوعي يستطيع القول إن نظام مبارك كان جيداً أو يرضى عنه، وكان أولى بالرئيس الأسبق أن يرحل منذ خمسة عشر عاماً ماضية طالما لم يستطع التغلب على التحديات". إلا أن السيسي لم يمتنع عن الاستعانة برجال مبارك في الوزارة، بعد الاستعانة بهم في قوائم الانتخابات النيابية الماضية.

ومثلت عودة علي مصيلحي، وزيراً للتموين، خلفا للوزير علي مصيلحي الذي خرج من الوزارة، ويحمل نفس الاسم، مفاجأة، إذ شغل علي مصيلحي وزارة التموين ست سنوات كآخر وزير تموين لعهد مبارك، قبل أن تطيح به ثورة 25 يناير، ليختفي عن المشهد، ويعود مرة أخرى من بوابة حزب "الحركة الوطنية" المدعوم من رئيس الوزراء السابق أحمد شفيق، قبل أن يبدّل ولاءه داخل البرلمان، ويتولى منصب رئيس "اللجنة الاقتصادية"، ليستقيل منها بعد اختياره للوزارة.

ووفق ما صرح به مصيلحي للمحررين البرلمانيين، فإن جهة "سيادية" طالبته بالاستقالة من رئاسة لجنة الشؤون الاقتصادية لمجلس النواب، لترشحه لمنصب وزاري ضمن التعديلات.
وللمفارقة فإن علي مصيلحي الجديد، أتى أيضا من خلفية عسكرية، كعلي مصيلحي القديم، إذ تخرج الوزير المعاد توزيره من "الكلية الفنية العسكرية"، وعمل بها أكثر من عقدين، شغل خلالهما العديد من المناصب، أبرزها رئيس قسم الحاسب الآلي.

اتفاقية تيران وصنافير التي وقعتها الحكومة المصرية مع السعودية، كانت قد تسببت في جدل سياسي وغضب شعبي واسع النطاق، ضد النظام المصري، تخللها تظاهرات واعتقالات. وصدر بعدها حكم قضائي نهائي برفض الاتفاقية وتوثيق مصرية الجزيرتين الاستراتيجيتين في البحر الأحمر، ما تسبب في الإطاحة بوزير الشؤون القانونية ومجلس النواب، مجدي العجاتي.

العجاتي بحسب ما قال لوسائل الإعلام المصرية لم يعتذر عن منصبه، وإنما أخطر من قبل رئيس الوزراء، شريف اسماعيل، بعدم استمراره في منصبه. وهو تغيير لم يكن مفاجئا بالنظر إلى أن العجاتي القادم من "القضاء الإداري"، كان منوطاً به السيطرة والتفاهم مع "مجلس الدولة"، الذي يغرد خارج النسق الحكومي حالياً، على العديد من الأحكام القضائية المخالفة لتوجهات النظام، وعلى رأسها بالإضافة لقضية تيران وصنافير، العديد من الاحكام بإبطال قرارات التحفظ على أموال الإخوان.

فيما حسم في اللحظات الأخيرة بقاء وزير الخارجية، سامح شكري، الذي كان مرشحا بقوة للخروج من التشكيل الوزاري، قبل أن تحسم اتصالات اللحظات الأخيرة بقاءه في المنصب، خصوصا بعد التسريبات التي أذاعتها قناة "مكملين" المحسوبة على الإخوان، لمحادثات هاتفية منسوبة لشكري. وضمن شكري بقاءه بعد إصرار بعض الجهات حتى لا يحسب خروجه كنصر للإخوان، واعترافاً من النظام بصحة التسريبات.

ويعد بقاء وزير الاوقاف في منصبه، مؤشراً قوياً على النية في التصعيد بين النظام وشيخ الأزهر أحمد الطيب، الذي طالب مراراً بالإطاحة بجمعة، وكان مرشحاً في التعديل قبل الأخير في سبتمبر/أيلول 2015، إلا أنه ضمن منصبه بضغوط أمنية، وهو ما يزيد التوقعات أن تتصاعد حدة الخلافات بين الأزهر والرئاسة ممثلة في وزير الأوقاف.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها