الخميس 2019/01/31

آخر تحديث: 12:00 (بيروت)

السيسي رد على ماكرون:إعتقالات وتعديلات دستورية

السيسي رد على ماكرون:إعتقالات وتعديلات دستورية
AP ©
increase حجم الخط decrease
"ليس لدي سوى القمع، والقمع فقط". ربما هذا ما كان ينقص الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أن يقوله أمام ضيفه إيمانويل ماكرون، الذي أعطاه درساً حول حقوق الإنسان، وأظهره ضعيفاً لا لسان له ليرد.

الرئيس الفرنسي أعلن أنه طلب من السيسي أن يعمل على تحسين حقوق الإنسان، وأنه تحدث بصراحة عن أن الأمور تجري في اتجاه مخالف بعد القبض على مدونين ومفكرين ووضعهم في السجون. هنا استجمع السيسي قوته ليرد إن الدول لا تبنى بالمدونين، مستعرضاً بعض مشاكل المجتمع المصري ليطلب من الحضور مساعدته في وضع حلول لأزمات البطالة والسكن وفتح فرص في سوق العمل، وهي تصريحات قوبلت بموجة عالية من السخرية على مواقع التواصل الاجتماعي.

عدم امتلاك السيسي سرعة بديهة، أو ربما حجة منطقية، في الرد على ماكرون دفعه للجوء إلى لعبته المفضلة: القمع. فقبل أن يغادر الرئيس الفرنسي القاهرة، دارت عجلة الاعتقال فجأة، لتطال عدداً من النشطاء والصحافيين من كل التيارات.

وزارة الداخلية أعلنت القبض على 54 شخصاً، اتهمتهم بالانتماء للاخوان والانضمام لتنظيم أسماه البيان الرسمي للوزارة تنظيم "اللهم ثورة"! كما ألقت السلطات المصرية القبض على يحيى حسين عبدالهادي المتحدث الرسمي باسم "الحركة المدنية الديموقراطية"، التي ينضوي تحت لوائها عدد من أحزاب المعارضة، كما ألقي القبض على المدون الصحافي أحمد جمال زيادة أثناء مروره من مطار القاهرة عقب عودته من رحلة دراسية في تونس. وطالت الاعتقالات أيضاً عدداً من نشطاء "تيار الكرامة" المحسوب على "الحركة الناصرية"، بينهم الصيدلاني جمال عبدالفتاح البالغ من العمر 74 عاماً، على خلفية مشاركتهم في حفل فني لإحياء ذكرى ثورة 25 يناير.

هذه الحملة تفتح تساؤلات كثيرة، هل عَلم ماكرون بالاعتقالات؟ هل تحدث إلى السيسي حول هذا الموضوع؟ كل المؤشرات تدل على أن الرئيس الفرنسي بلع لسانه، بعكس ما كان يدور الحديث في الإعلام الفرنسي عن أن ماكرون استعاد لسانه أمام السيسي، بعدما صمت كل تلك الفترة عن سلوك النظام المصري في حقوق الإنسان.

لكن على أي حال، يبدو أن السيسي "فرعون لا غنى عنه"، على حد ما عنونت "لو جورنال دو ديمانش"، إذ إن القاهرة كانت بوابة باريس لتسويق طائرة رافال، خصوصاً وأن مصر كانت أول بلد أجنبي اشترى تلك الطائرة من فرنسا.

من ناحية ثانية، وبشكل مفاجىء رفع مجلس النواب المصري جلساته، مقرراً الانعقاد مرة أخرى يوم الأحد المقبل، وهو ما فسره مراقبون للوضع السياسي المصري الراهن بأن عجلة التعديلات الدستورية ستبدأ في الدوران، قريباً، بهدف مد فترة الرئاسة أمام السيسي، بعد انتهاء الولاية الحالية له، والأخيرة نظرياً حسب دستور 2014،

الحديث المتواتر نقلاً عن مصادر مصرية كثيرة أيده السيسي في تصريح له في سبتمبر/أيلول 2015 عقب نحو عام ونصف العام من وصوله للحكم، قال فيه إن الدستور كتب بنوايا حسنة، وإن النوايا الحسنة لا تبني الدول. وأثيرت مسألة تعديل الدستور في أوقات سابقة، قبل أن تهبط الوتيرة مرة أخرى، وهو ما يربطه مراقبون مصريون بإشارات خارجية قوية تلقاها السيسي برفض تعديل الدستور.

رفض تعديل الدستور كان الرسالة الأبرز التي حملها ناشطون حقوقيون مصريون التقاهم ماكرون في اليوم الثالث لزيارته مصر، في مقر السفارة الفرنسية في القاهرة. ووفقاً عضو مركز القاهرة لحقوق الإنسان لمحمد زارع، فإن الاجتماع شهد "تركيزاً" على عدم مباركة المجتمع الدولي لأي تعديلات مقترحة على الدستور تتعلق بمدة الرئاسة. كما شهد اللقاء حديثاً عن حالات الاعتقال التي حدثت أثناء وبعد زيارة السيسي إلى فرنسا في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وتلك التي صاحبت زيارة ماكرون.

على أرض الواقع ينتظر المصريون أوقاتاً صعبة في الأيام المقبلة، فالوعود الاقتصادية للسيسي انهارت أمام واقع الاضطرابات الاقتصادية وتراجع سعر العملة وارتفاع الأسعار، وتدني مستوى الخدمات، كما أن الفترة الرئاسية الثانية للسيسي مر منها عام ونصف العام من دون أن يتحقق أي منجز على الأرض يشير لتحسن الأوضاع، وهو أمر يدركه المصريون كما يدركون أن رغبة السيسي في تعديل الدستور تجعلهم يتخوفون من قفزاته للأمام بحثا عن حل لأزمته التي بدات ملامحها في التشكل، والبحث عن دور يلعبه بعد انتهاء الفترة الرئاسية الثانية.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها