الجمعة 2019/01/25

آخر تحديث: 11:30 (بيروت)

في ذكرى 25 يناير.. النظام يهدم أماكن الثورة

في ذكرى 25 يناير.. النظام يهدم أماكن الثورة
Getty
increase حجم الخط decrease
مع حلول الذكرى الثامنة لثورة 25 يناير، التي أطاحت بحكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، أججت أجهزة الأمن المصرية ذكرى الثورة وأعادتها للمشهد مرة أخرى، بعد "حملة إزالات" قامت بها في منطقة نزلة السمان في محيط منطقة الأهرامات الأثرية.

وبدءا من الاثنين الماضي، اعتقلت الأجهزة نحو 30-40 شخصا من أهالي المنطقة أثناء تجمهرهم احتجاجا على إزالة منازلهم ومحلاتهم التجارية، قبل أن تدهمهم الشرطة بالغاز المسيل للدموع، وتشن حملة الاعتقالات، وتخلف عددا من المصابين والجرحى نتيجة المناوشات.

ومؤخرا زادت عمليات استيلاء الحكومة المصرية على أراضي وأملاك المواطنين وإخلاء بعض المناطق وتهجير ساكنيها، بذريعة التطوير وإقامة أنشطة استثمارية وعقارية، بدأت في منطقة مثلث ماسبيرو وجزيرة الوراق في القاهرة، ومنطقة المكس في الإسكندرية، وصولا إلى نزلة السمان في الجيزة.

ويرجع كثيرون من المراقبين المتابعين للحالة المصرية الراهنة، الأمر إلى أسباب عديدة أبرزها، ما يتعلق بـ"محو ذاكرة الشعب" وتجريف ملامح المدن والأحياء وتشويه ذاكرة الجموع، حيث تختزن ذاكرة تلك المناطق أحداثا تتعلق بثورة يناير وما تلاها من مواجهات بين أجهزة الأمن والمتظاهرين، مثل منطقة ماسبيرو المطلة على ميدان التحرير والتي شهدت أحداث-مذبحة ماسبيرو وما خلفته من قتلى أغلبهم كان من الأقباط نتيجة مواجهات بينهم وبين الشرطة العسكرية في أكتوبر/تشرين الأول 2011 .

حملة التجريف ومحو الذاكرة، تتطابق مع ما عمدت إليه محافظة القاهرة عقب وصول السيسي للسلطة عام 2014 بمحو وإزالة كل رسومات "الجرافيتي" في محيط ميدان التحرير وشارع محمد محمود، والتي كانت تمجد الثورة وتخلد ضحاياها، وهو تصرف أرجعته محافظة القاهرة آنذاك إلى أن تلك الرسومات تشوه المنظر الجمالي للمنطقة.

خوف النظام ورعبه من تكرار أحداث ثورة يناير مرة أخرى، كان حاضراً في قراراته الخاصة بإزالة وتهجير سكان بعض المناطق، لضرب وتفكيك شبكة الروابط الاجتماعية المستقرة طوال عقود، لإخلاء كل محيطات الميادين العامة، وتفريغها من روافدها السكانية وتحويلها إلى مناطق استهلاكية ما يفقد هذه المناطق أهميتها الاستراتيجية الناتج عن قربها من المؤسسات الحيوية والحكومية.

وعما جرى في منطقة نزلة السمان، تقول الحكومة المصرية إنها تنفذ حملة لإزالة المباني المخالفة، فيما يرد الأهالي إن منازلهم موجودة في أماكنها منذ نحو 60 عاما، وأنها مقيدة بـ"الضرائب العقارية" الخاصة بتسجيل المنازل وملكياتها، وتتمتع بجميع المرافق كالغاز والكهرباء، وهو ما ينفي عنها صفة المخالفة.

الحملة الحكومية طالت أيضا، بعض البازرات والشركات السياحية، في المنطقة التي تعتمد بالأساس على تقديم الخدمات السياحية لزوار منطقة الأهرامات وأبو الهول ومحيطها.

ما جرى في نزلة السمان أعاد ثورة يناير للأحداث مرة أخرى، وبالأخص موقعة الجمل، التي جرت في فبراير/شباط 2011 بهجوم الخيول والجمال على المعتصمين في ميدان التحرير، بما عرف وقتها بـ"موقعة الجمل"، التي خلفت 11 قتيلا من المتظاهرين ونحو الفين من الجرحى، وشهدت اتهامات تبعتها محاكمات لعدد من رموز الحزب الوطني المنحل، قبل أن تتم تبرئتهم لاحقا، في مايو/آيار 2013، قبل نحو شهر واحد من تظاهرات 30 يونيو.

آنذاك اتهم كثيرون من النشطاء حكومة الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، بجلب أصحاب الخيول والجمال من منطقة نزلة السمان التي تشتهر بتربيتهما، للهجوم على المعتصمين، من أجل فض الميدان وإخلائه من المتظاهرين، وهي الموقعة التي استمرت على مدار يومين كاملين، تحت بصر قوات الجيش التي كان من المفترض بها تأمين الميدان.

من ناحية ثانية يمكن النظر إلى ما يجرى في نزلة السمان، في إطار الشعور بفائض القوة الذي ينتاب النظام المصري بعد نجاحه في سجن وتكميم معارضيه وبسط سيطرته على الأجهزة والتخلص من مناوئيه، وشعوره بعدم الحاجة إلى تأمين حواضن شعبية كانت بطبيعتها منحازة له، وقراره مواجهتها إن احتاج الأمر.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها