الأربعاء 2017/12/13

آخر تحديث: 18:20 (بيروت)

ورقة أوروبية في سوريا.. من يملك الإرادة لاستخدامها؟

الأربعاء 2017/12/13
ورقة أوروبية في سوريا.. من يملك الإرادة لاستخدامها؟
RT ©
increase حجم الخط decrease

تناولت صحيفة "لوموند" الفرنسية زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى قاعدة حميميم الجوية في سوريا، معتبرة أنها كانت لإرسال الرسائل أثناء الاحتفال "بالانتصار على الأراضي السورية إلى جانب الرئيس السوري بشار الأسد".

وتقول الصحيفة في مقالة لهيئة التحرير، نُشرت الأربعاء، إن إشارات تلك الرسالة لا تخطىء، فبوتين انتقل من سوريا، وزار الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ثم حط في تركيا والتقى الرئيس رجب طيب أردوغان. إنه يقول للعالم لا بد من وجود روسيا في الشرق الأوسط بعد اندثار الاتحاد السوفياتي، وطرد المستشارين السوفيات من قبل الرئيس المصري الراحل أنور السادات، الذي انضم لاحقاً إلى المعسكر الغربي.

وتضيف "لوموند"، إن بوتين، في طريقه للفوز بالحرب السورية يريد فرض سلامه، ولكن إعلانه عن انسحاب "جزء كبير" من القوات الروسية المنتشرة في البلاد، يجعل الدول الغربية أكثر تشكيكاً بمصداقيته، خصوصاً وأنه قطع مثل هذا الوعد في مارس/آذار 2016 من دون أن ينفذه. ثم إنه، وباعترافه، سيبقي على قاعدة حميميم الجوية، وهي من ركائز الانتشار الروسي مثل قاعدة طرطوس البحرية.

وترى الصحيفة، أن بوتين يستعيد قوة روسيا، برغم الضعف الذي تشهده البلاد في الداخل، والناتج المحلي الذي انحدر إلى مستويات أكثر من الذي تعاني منه إيطاليا. وتعتبر أنه استمد قوّته من ضعف نظرائه الغربيين؛ أولاً الولايات المتحدة الأميركية التي تعمل باستراتيجية غير منتظمة في المنطقة. وفي المقابل، موسكو تنشط في ليبيا، وتقوي علاقتها مع السعودية وتحافظ على تحالفها مع إيران في نفس الوقت، فضلاً عن دورها الكبير في سوريا، حيث لم يدعم بوتين الأسد فقط، بل واجه الدول الغربية التي دعمت فكرة الإطاحة به، وبذلك طرح رئيس الكرملين نفسه كمدافع عن النظام الدولي واستخدم حجة الدفاع عن سيادة الدول في المقام الأول، كذريعة للحفاظ على الأنظمة القائمة حالياً، بما فيها تلك المتعطشة للدماء.

وتشير الصحيفة إلى أن النجاح الكبير الذي يسعى إليه بوتين في سوريا يقوم على أساس تراكم انتصارات هشة. وتقول "في صيف عام 2013، حقق بوتين نجاحاً أولياً من خلال اقتراحه تفكيك الترسانة الكيمياوية السورية بإشراف الأمم المتحدة. قدم بوتين ذلك المخرج لباراك أوباما، عندما كان متردداً في ضرب نظام يستخدم غاز السارين ضد شعبه، برغم أنه وضع ذلك الخط الأحمر بنفسه وهدد بأنه لن يسمح للأسد بتجاوزه".

وتضيف "في أيلول/سبتمبر 2015، أنقذ التدخل العسكري الروسي، الأول منذ نهاية الحرب الباردة خارج الفضاء السوفياتي السابق، الرئيس السوري بشار الأسد. وبفضل تدخلها، تغيّر الوضع في سوريا تماماً، حيث تم سحق الثوار بذريعة الحرب ضد الإرهاب، في حين كان جهاديو تنظيم الدولة الإسلامية خارج نطاق الأهداف الرئيسية لذلك التدخل".

ومع تراكم كل تلك الانتصارات، تقول "لوموند" إن النجاح ما يزال هشاً، فروسيا تخشى من ركود القضية السورية، وهي بحاجة إلى إيجاد حل دبلوماسي. وبرغم النجاح النسبي الذي تحقق بفضل مناطق "خفض التصعيد"، التي تم التوصل إليها بمساعدة إيران وتركيا، فإن موسكو تكافح بشدة من أجل إطلاق عملية سياسية حقيقية تنهي الأزمة السورية.


وسعت موسكو بالفعل إلى ذلك، من خلال إعلانها عن التحضير لعقد مؤتمر "الشعوب السورية" في سوتشي الروسية، لكن تلك الجهود لم تكتمل، وتم بالفعل تأجيل المؤتمر ثلاث مرات حتى الآن.

وتختم هيئة تحرير "لوموند" بالقول، إن تكلفة إعادة إعمار سوريا تتراوح بين 200 و400 مليار دولار، وهنا لا غنى لروسيا ولسوريا عن رأس المال الغربي، ولاسيما الأوروبي. وبالتالي، فإن قادة الدول الأوروبية يمتلكون ورقة قوية من أجل إحداث نوع من التوازن في القضية السورية، من خلال فرض عملية سياسية تؤدي إلى انتقال حقيقي للسلطة وليس إلى تجديد للنظام القائم كما ترغب موسكو. ولكن هل لديهم الإرادة؟

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها