الإثنين 2016/08/29

آخر تحديث: 16:23 (بيروت)

هل تصل سفن السيسي إلى ولاية رئاسية ثانية؟

هل تصل سفن السيسي إلى ولاية رئاسية ثانية؟
توازنات قوى المؤسسات على الأرض، ورغبات الرعاة الإقليميين لنظام السيسي قد تحسمان الجدل حول ترشحه للانتخابات (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease

في آخر ظهور إعلامي، خلال حديث مع رؤساء تحرير الصحف المصرية "الأهرام، والأخبار، والجمهورية" 22 أغسطس/آب، ورداً على سؤال حول إمكان ترشحه ثانية للانتخابات الرئاسية، أجب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي "لا يمكن أبداً ألا أتجاوب مع إرادة المصريين. أنا رهن إرادة الشعب المصري، ولو كانت إرادة المصريين هى أن أخوض انتخابات الرئاسة مرة أخرى، سأفعل ذلك".

بعد كلام السيسي بيومين، أجرى الصحافي المقرب من الأجهزة الأمنية أحمد موسى، على حسابه في "تويتر" استفتاءً حول هذا الموضوع، وجاءت النتيجة برفض أكثر من 81 في المئة من المصوتين البالغ عددهم 19 ألفاً، ترشح السيسي لولاية رئاسية ثانية.


لا يمكن اعتبار التصويت على "تويتر" نتيجة نهائية وحاسمة، إلا أنها أتت كمؤشر لقياس الانهيار الحاد في شعبية السيسي، الذي وصل للرئاسة في يونيو/حزيران 2014، بنسبة تجاوزت 96 في المئة من الأصوات.


في بواكير ظهوره الإعلامي عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي، وفي حديثه لعدد من ضباط الجيش والشرطة، في 18 سبتمبر/أيلول 2013، قال السيسي، الذي كان وزيراً للدفاع آنذاك: "مالناش طمع غير إننا نشوف بلدنا قد الدنيا، بيتقال إن ده حكم عسكر، لا والله مش حكم عسكر، ولا فيه أي رغبة وإرادة لحكم مصر، أقسم بالله، شرف إننا نحمي إرادة الناس أعز عندنا وعندي شخصياً من شرف حكم مصر، أقسم بالله على ذلك، وأنا عضو في الحكومة لا أزيد عن ذلك ولا أرغب في أكثر من ذلك".


على الرغم من نفيه الدائم لطمعه بالرئاسة، إلا أن حلم السيسي بالوصول إليها كان مستولياً على تفكيره، وفق ما جاء في تسريب صوتي له في حواره الصحافي في جريدة "الأخبار" المصرية سبتمبر/ أيلول 2013، حين قال "رأيت في منامي يتقال لي فيه هانديك اللي ما أديناهوش لحد، ومنام آخر مع السادات فقلتله أنا عارف إني ها أبقى رئيس الجمهورية".


في 28 مارس/آذار 2014 أعلن المشير عبدالفتاح السيسي استقالته من منصبه كوزير للدفاع، تمهيدا لتقديم أوراق اعتماده كمرشح لرئاسة الجمهورية، في خطاب تليفزيوني بالزي "العسكري القتالي"، وأكد خلاله على حق الشعب في التعرف على المستقبل كما يتصوره، من خلال برنامجه الانتخابي و"رؤيته الواضحة الساعية لإقامة دولة مصرية ديموقراطية حديثة، ومواجهة التحديات الامنية والاقتصادية شديدة الصعوبة التي تعصف بمصر".


مبكراً، سجّلت دولة الإمارات، الرافعة السياسية الأهم، والداعم المالي الأكبر للسيسي ونظامه حالياً، موقفها الرافض ترشيح السيسي لرئاسة الجمهورية على لسان حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في حديث مع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، وقال إنه "من الأفضل أن يبقى السيسي وزيرا للدفاع، وقائدا للجيش، بدلا من خوض انتخابات الرئاسة".


وصل السيسي "مرشح الدولة" للرئاسة، على الرغم من ترشحه بلا برنامج انتخابي وفقاً لما أعلنه هو في 19 مايو/ آيار 2014، أثناء لقائه بالفنانين في إطار لقاءاته التحضيرية للانتخابات، حيث قال "أنا كنت منشغلاً طوال الفترة الماضية بتقوية الجيش حتى يصبح من أقوى جيوش العالم، وكل من حولي ضغطوا علي حتى أترشح للانتخابات، ودلوقتى جايين تطالبوني ببرنامج؟ أنا معنديش برنامج".


ومثلما سجّلت الإمارات مبكراً رفضها لقرار السيسي بالترشح، عادت من جديد إلى تسجيل رفض إعادة ترشح السيسي، وهذا الموقف جاء على لسان مستشار ولي العهد سابقاً عبدالخالق عبدالله، الذي أعلن أنه "ربما حان الوقت لأن يسمع الرئيس السيسي النصيحة الحريصة من عواصم خليجية معنية بالاستقرار في مصر، بعدم الترشح للانتخابات 2018".


للموقف الإماراتي ما يبرره، فبغض النظر عن الدعم المالي والسياسي الذي تقدمه للسيسي، إلا أنها احتضنت المرشح الرئاسي السابق أحمد شفيق، آخر رئيس وزراء للرئيس السابق مبارك، المقيم في الإمارات منذ خروجه من مصر قبل 4 أعوام، كما يتداول على نطاق واسع رعايتها المالية للعديد من المشاريع الإعلامية التابعة له.


يمثل شفيق واجهة وعنواناً لكتلة "الحزب الوطني" على الأرض، ودوائره المعتمدة بالأساس على التكتلات العائلية والقبلية، ووجهاء المناطق والعُمد، بعد أن تسبب فشل السيسي وعدم كفاءته وقلة خبرته بممارسة العمل السياسي، واعتماده المتزايد على المؤسسة العسكرية، في الانفصال والتنافس بين كتلة "الحزب الوطني"، وكتلة السيسي، المعتمد على دعم الأجهزة بدون ظهير شعبي منظم، يقدر على الحشد والتجييش.


من المؤكد أن قرار السيسي "الترشح/عدم الترشح" للانتخابات الرئاسية المقبلة في 2018 لن يمر بالسهولة التي مر بها في 2014، والشعبية الجارفة للرجل في ذلك الوقت مكنته من تجاوز الاعتراضات الإقليمية، وبعض الأصوات الداخلية التي رأت في وصوله للحكم في تلك الأجواء المضطربة والشكوك حول قدرته على النجاح، شرخاً في صورة الجيش، وترسيخاً لمسألة قيادته انقلاباً عسكرياً، لن تتوفر له حالياً. كما أن اعتماده المتزايد على المساعدات المالية الخليجية، في مقابل فشل مستمر على الأرض، يمثلان دافعاً إلى التفكير في تبعات ذلك القرار.


لا ينحصر الخلاف بين كتلة "الوطني"، وكتلة السيسي فقط، فالمستشار السابق للرئيس المؤقت عدلي منصور، عصام حجي، أصدر مبادرة "الفريق الرئاسي 2018" كـ"مبادرة مصرية سلمية مفتوحة لمحاربة الفقر، والجهل، والمرض، لتحقيق طموحات المصريين في أن تصبح مصر دولة مدنية ذات اقتصاد قوي تستطيع من خلاله أن تحفظ كرامة الجميع". وبذلك، تتسع دائرة التنافس بين الأطراف، خصوصاً وأن ضعف السيسي يمثّل إغراءً للكثيرين، إما على منافسته، أو على الأقل استنزافه ومقايضته.


مبادرة حجي التي استهدفت "طرح البديل" بالتنسيق مع جميع أطراف القوى المدنية القائمة حالياً في مصر، للتوافق على مهام الفريق الرئاسي المتفق عليه، لخوض انتخابات الرئاسة في أقل من عامين حتى 2018 ، كما سيتم أيضاً ترشيح تشكيل وزاري معلن مرافق للفريق الرئاسي كجزء من المبادرة، لتصحيح المسار الذي طالبت به ثورة 25 يناير/كانون الثاني، قبل أن تبدأ حملات "النهش والتشويه" الإعلامي لحجي ومبادرته.


توازنات قوى المؤسسات على الأرض، ورغبات الرعاة الإقليميين لنظام السيسي قد تحسمان الجدل حول ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة لولاية ثانية، في حين أن التفاعلات على الأرض والغضب الشعبي المتصاعد من زيادة الأسعار وفواتير الخدمات وخفض الدعم واختفاء بعض الأدوية المهمة من المستشفيات، وتراجع الحالة الأمنية بالتوازي مع زيادة بطش الأمن، قد يصح معها التساؤل: هل يستطيع السيسي تسكين كل هذا الغضب، بالترغيب والترهيب واستكمال مدته الرئاسية الأولى؟ أم أن المصريين سينفجرون غضباً في وجه السيسي ونظامه؟

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها