الأحد 2016/08/28

آخر تحديث: 13:54 (بيروت)

هل قصف النظام "الوحدات الكردية" في الحسكة؟

الأحد 2016/08/28
هل قصف النظام "الوحدات الكردية" في الحسكة؟
حلّ مليشيا "الدفاع الوطني" سيدفع عرب الجزيرة إلى تأسيس قوة عسكرية جديدة (انترنت)
increase حجم الخط decrease
قال طيار أميركي شارك في طلعات "التحالف الدولي" لصحيفة "يو اس إيه توداي" الجمعة، إنه في 19 آب/أغسطس، توجهت طائرتان حربيتان من طراز "أف-22" لمطاردة طائرتين من طراز "سو-24" للقوات الجوية السورية كانتا تحلقان فوق مدينة الحسكة. وكانت "وحدات حماية الشعب" الكردية التي يؤازرها مستشارون من القوات الخاصة الأميركية، تقاتل حينها قوات النظام في الحسكة. وأكد الطيار الأميركي أنه كان بمقدورهم إسقاط الطائرتين السوريتين، "إلا أنه لم يصل لهم تقرير من الأرض عن تعرضهم (الوحدات) لهجوم من الطائرتين السوريتين".

ويُفهم من تصريحات الكابتن الأميركي، أن الطيران السوري، لم يكن يستهدف "الوحدات" الكردية، وهذا ما توضح في اليوم الأول من الاشتباكات. إذ أن الطيران السوري استهدف مواقع "الأسايش" التي كانت قد أخليت قبل ساعات من بدء القصف، ليتحول القصف بعد ذلك إلى نقاط الاشتباك في الأحياء العربية. وخلّف طيران النظام أضراراً مادية وبشرية كبيرة في حيي النشوة وغويران، العربيين. وذلك بخلاف مهمة طيران النظام المفترضة باستهداف النقاط العسكرية لـ"الأسايش" التي كانت تقدم الدعم للوحدات في نقاط الاشتباك.

وهذا ما أدركته القوى العربية، إذ دعا "مجلس شيوخ ووجهاء العشائر العربية في محافظة الحسكة"، الخميس،  أبناءهم إلى الانشقاق عن قوات "الأسايش"، الذراع الأمني لحزب "الاتحاد الديموقراطي"، محيلاً سبب الدعوة إلى ما وصفه بالأعمال "الإجرامية" التي ارتكبتها "وحدات حماية الشعب" في الحسكة.

فيما اتهم "التجمع الوطني للشباب العربي" طرفي الصراع، في الأحداث الأخيرة في مدينة الحسكة، بافتعال المعارك بشكل مسرحي. وقال التجمع: " في مشهد متكرر لمواجهات محددة الزمان والمكان والأسباب، يسقط المدنيون، وما يحسب مسبقاً من خسائر عسكرية جانبية، ثم تنتهي باتفاقية يتنازل بموجبها النظام عن جزء من مؤسسات الدولة أو أراضيها لوحدات حماية الشعب". وحذّر "التجمع" في بيان وزعه لوسائل الإعلام، الأربعاء، من أن "إقصاء المكون العربي في الجزيرة سيؤدي إلى دخول المحافظة في دوامة حروب ستجد من يمولها".

وكانت الاشتباكات التي شهدتها مدينة الحسكة قبل حوالي أسبوعين، قد تركزت في الأحياء الجنوبية للمدينة؛ الغويران والنشوة، العربيان، وأدى قصف الطيران والمدفعية إلى خسائر مادية وبشرية، وانتهت الاشتباكات بحلّ مليشيا "الدفاع الوطني" الممثل العسكري للعرب السنّة في المدينة.

ويحاول المكون العربي في الجزيرة، خاصة في مدينة الحسكة، لملمة شتاته الموزع بشكل رئيس بين "داعش" و"الإدارة الذاتية" و"النظام"، للوقوف في وجه التطورات الأخيرة التي تشهدها المنطقة، بعد إطلاق يد "الاتحاد الديموقراطي" في الحسكة. وهو ما كشف تفضيل النظام لـ"الاتحاد الديموقراطي" على القوى العربية في الجزيرة، خاصة وأن الاتفاق بين الطرفين لم يتم إلا بعد السيطرة الكاملة لـ"الاتحاد الديموقراطي" على مناطق نفوذ "الدفاع الوطني" وأسر قاداته.

وحذّر العضو عن "الاتحاد السرياني" في "مجلس سوريا الديموقراطية" ماجد حبو، في حديث متلفز مع قناة "سورويو"، من مغبة الإقصاء الذي تقوم به "الأسايش" تجاه المكونات الأخرى أو تجاه الصحافيين في الجزيرة، وكشف بأن قوات "الأسايش" ليست مرتبطة بـ"الإدارة الذاتية" أو مشروع الفيدرالية، وإنما مرتبطة بشكل مباشر مع حزب "العمال الكردستاني".

ويأتي هذا بالتزامن مع التطورات السريعة التي تشهدها سوريا، والتفاهمات التركية الروسية الأميركية، والتي تسير باتجاه توزع مناطق النفوذ، والتي يمكن أن تؤدي لاحقاً إلى تقسيم جغرافي، خاصة بعد فشل مشروع ربط الكانتونات الكردية الثلاثة، وبالتالي الانكفاء الكردي شرقي الفرات، وذلك من دون أن تبدي أي قوة إقليمية أو دولية معارضتها قيام الكيان الكردي شرقي الفرات، إذ أن المعارضة فقط كانت لتمددها إلى غرب الفرات.

حصر الإقليم الكردي في المناطق الخاضعة تحت سيطرة "الاتحاد الديموقراطي" بين كوباني والجزيرة، يشمل المناطق التي تتواجد فيها المطارات والقواعد العسكرية الأميركية. ما يعني توافقاً دولياً مسبقاً على ذلك، إذ لا توجد قواعد عسكرية أميركية في عفرين، أو في مناطق أخرى غربي الفرات، بالاضافة إلى عدم وجود مستشارين عسكريين أميركيين في تلك المناطق.

كما أن الوجود الأمني والعسكري للنظام في عفرين اختلف عن وجوده في المناطق الكردية الأخرى، واتسم بالتنسيق التام، واستمرت المراكز الأمنية التابعة للنظام في عملها بالتعاون مع قوات "الأسايش". ولعب كلاهما لزرع الخلاف بين الأكراد وكتائب المعارضة هناك، من خلال قصف قوات النظام لمدينة عفرين، واتهام فصائل المعارضة بالقيام بذلك.

وعلى الرغم من تلقي "وحدات الحماية" الكردية دعماً عسكرياً أميركياً، واعتمادها من قبل واشنطن كأبرز قوة في الحرب ضد تنظيم "الدولة"، إلا أن الولايات المتحدة لم تقم لغاية الآن بأية خطوة في اتجاه الاعتراف السياسي بـ"الإدارة الذاتية" أو "فيدرالية-روج آفا"، ولم تقم باعتماد السيناريو الكردي العراقي في إقامة منطقة حظر جوي فوق المناطق الخاضعة لسلطة "الاتحاد الديموقراطي".

ولعل الالتفاف الأميركي على خطوات "الاتحاد الديموقراطي" غربي الفرات، وتبخر الوعود بربط الكانتونات الثلاثة، هو مؤشر على النظرة الأميركية إلى القوة العسكرية لـ"الاتحاد الديموقراطي" والتعامل معها فقط من باب محاربتها لتنظيم "داعش" ضمن سياق زمني معين، وبالتالي توجيه هذه القوة بحسب مسار الحروب الأميركية في المنطقة. و"الاتحاد" هو قوة لم تخرج من مفهوم العصابة، على الرغم من حيازتها أهم مقومات التنظيمين العسكري والمدني، ويمكن فهم إعطائها دوراً أكبر في الحسكة من زاوية امتداد نفوذها إلى معسكرات "العمال الكردستاني" في جبال سنجار في العراق، والاستفادة من ذلك في الحرب ضد "داعش" في العراق.

ومن المستبعد أن يتوقف اعتماد الولايات المتحدة لاحقاً على الوحدات الكردية و"العمال الكردستاني" في معركة الرقة، وهذا ما سيؤجج الصراع العرقي في الجزيرة لما سينتج عنه من ممارسات اقصائية بحق العرب، حتى وإن تم ترقيع العلاقة العربية الكردية بتحالفات عسكرية مؤقتة تحت مسمى "قوات سوريا الديموقراطية". كما أن حلّ مليشيا "الدفاع الوطني" سيدفع عرب الجزيرة إلى تأسيس قوة عسكرية قابلة للتحالف مع شركاء وطنيين أوإقليميين تحمي وجودهم، خاصة بعد شعورهم بالغدر من النظام في أحداث الحسكة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها