الخميس 2016/06/09

آخر تحديث: 15:11 (بيروت)

العراق: إقليم كردي جديد بطابع شيعي

الخميس 2016/06/09
العراق: إقليم كردي جديد بطابع شيعي
كتائب العباس بالقرب من كركوك (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease
دعا محافظ كركوك نجم الدين كريم، في تصريحات لوسائل إعلام كردية، الثلاثاء، إلى جعل محافظة كركوك منطقة إدارية مستقلة عن العراق وإقليم كردستان العراق.

ويعتبر كريم، القيادي في حزب "الاتحاد الوطني الكردستاني" الذي أسسه جلال طالباني، أحد أبرز الشخصيات السياسية الكردية في العراق التي تعمل لاعتماد نظام الكانتونات منذ آب/أغسطس 2014. وتأتي أهميته كونه رجل الاعتماد الأول في إقليم كردستان لدى قائد "فيلق القدس" الإيراني قاسم سليماني، إذ يوكل إلى كريم مهمات التنسيق بين مليشيا "الحشد الشعبي" في العراق وقوات "البيشمركة" الكردية التابعة لـ"الاتحاد الوطني" في محاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" في المناطق المحاذية لمدينة كركوك. كما أن كريم هو رئيس "المعهد الكردي" في واشنطن، الذي أسسته جامعة "الصداقة الكردية الإسرائيلية".

وقال كريم إن الدستور العراقي يمنح جميع المحافظات حق إنشاء إقليم أو الانضمام إلى إقليم قائم، وإن المادة 140 من الدستور تسمح لكركوك باعتبارها من المناطق المتنازع عليها، حق تقرير المصير واختيار النظام الإداري الأنسب لها. وأضاف أن حق تقرير المصير هو بيد سكان كركوك "الأصليين" المسجلين فيها عام 1957 وأن مسألة الاستقلال الإداري تحظى بدعم دولي وبوجه خاص من الولايات المتحدة الأميركية.

تصريحات كريم الذي يعرف لدى الشارع الكردي بالولاء الشيعي على حساب الولاء القومي، جاءت بعد ساعات من اجتماع مجلس محافظة السليمانية انتهى بالاتفاق على المطالبة باعتماد نظام اللامركزية السياسية في إقليم كردستان.

وكان كل من حزبي "الاتحاد الوطني الكردستاني" و"حركة التغيير"، القوتين السياسيتين الأكبر في الإقليم بعد "الديموقراطي الكردستاني" بزعامة مسعود البرزاني، قد وقعا في أيار/مايو، على اتفاق من أهم بنوده تعديل الدستور وانتخاب رئيس للإقليم من البرلمان، وقاما بدعوة "الديموقراطي الكردستاني" لعقد لقاء ثلاثي.

الاتفاق رفضته حكومة إقليم كردستان على لسان رئيسها نيجرفان برزاني، الذي يزور السليمانية منذ الثلاثاء، بهدف حل الخلافات مع "الاتحاد الوطني" و"حركة التغيير". وأكد برزاني أثناء لقائه الصحافيين بعد وصوله للمدينة، أنه لن يلتقي بالطرفين مجتمعين، وإنما بكل طرف على حدة، في حال تقدما بدعوة رسمية.

وكان رئيس حكومة الاقليم قد ألغى منذ 17 نيسان/إبريل اللامركزية الإدارية في الإقليم، في سعي منه لتقوية المركز وقطع الطريق على مساعي "الاتحاد الوطني" و"حركة التغيير" لتحويل الإقليم إلى كانتونات.

هذه التطورات تأتي في وقت يلف فيه الغموض موعد زيارة رئيس إقليم كردستان مسعود برزاني، إلى طهران. وكانت وسائل إعلام ايرانية قد أعلنت قبل حوالي شهر، أن بارزاني سيزور طهران خلال الأسبوع الثالث من أيار/مايو، مشيرة إلى أنه سيلتقي خلالها بعدد من المسؤولين في الحكومة الإيرانية بينهم مستشار "الأمن الوطني الإيراني" علي شمخاني، ورئيس البرلمان علي لاريجاني، لمناقشة العلاقات الثنائية ومسألة مشاركة قوات "البيشمركة" في عملية تحرير الموصل. إلا أن الزيارة تأجلت إلى موعد غير معلن بحسب تصريحات رئيس حكومة إقليم كردستان.

دعوة بارزاني لزيارة طهران كان قد تلقاها من السفير الإيراني لدى العراق حسن دانائي فر، خلال زيارته الأخيرة للإقليم، مطلع أيار/مايو، قبل أن يقوم وفد ايراني رفيع المستوى برئاسة وزير الإطلاعات محمود علوي، بزيارة الإقليم ولقاء برزاني. حينها لم يعلن الطرفان عن المواضيع التي تحدثا عنها الطرفان، واكتفى بيان حكومة الإقليم بالقول عن الزيارة إنها لتعزيز حسن العلاقات.

ويُفسّر الغموض الذي يلف الزيارات الأخيرة للمسؤولين الإيرانيين لإقليم كردستان، ومسألة زيارة رئيس الإقليم لطهران، بأنها ضغط إيراني كي يُقدم بارزاني تنازلات لطهران، ويُغيّر مواقفه السياسية من قضايا المنطقة، خاصة مسألتي قربه من المحور السعودي التركي وعزمه إجراء استفتاء شعبي حول استقلال إقليم كردستان، الأمر الذي ترفضه طهران، وتسعى من خلال حليفيها حزب "الإتحاد الوطني الكردستاني" و"حركة التغيير" إلى إجهاضه.

والعلاقة بين طهران والقوتين السياسيتين البارزتين في السليمانية وكركوك؛ "الاتحاد الوطني" و"حركة التغيير"، تمتاز بطابع مذهبي، إذ أن أهم العوائل الكردية في السليمانية وكركوك وخانقين، من الطالبانية والبرزنجية والجاف، تدعي انتسابها إلى آل البيت. وعلى ذلك، فقد وقفت طهران إلى جانب "الاتحاد الوطني الكردستاني" ضد "الديموقراطي الكردستاني" أثناء الاقتتال الكردي-الكردي منتصف العقد الأخير من القرن الماضي.

ويظهر أن إنشاء إقليم كردي جديد، بطابع شيعي، يضم محافظات السليمانية وكركوك وحلبجة ومناطق من محافظتي ديالى وخانقين، هو هدف لطهران، تُرجحه التطورات الميدانية والتعاون بين قوات "البيشمركة" التابعة لـ"الاتحاد الوطني" و"الحشد الشعبي"، بإشراف مباشر من قيادات "الحرس الثوري" الإيراني. ويتضح ذلك من خلال المساعي لطرد "داعش" من بعض المناطق التي يسيطر عليها في محافظتي خانقين وديالى بهدف ضمهما لاحقاً إلى محافظتي كركوك والسليمانية في ظل الفوضى الإدارية التي يشهدها العراق.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها