الإثنين 2016/05/23

آخر تحديث: 15:27 (بيروت)

حمص في عين النار من جديد

الإثنين 2016/05/23
حمص في عين النار من جديد
ويضجُّ ريف حمص الشمالي، اليوم، بالدعوات لفتح المزيد من الجبهات للضغط على النظام (انترنت)
increase حجم الخط decrease
عادت قوات النظام إلى قصف حي الوعر الحمصي المحاصر، بشكل مستغرب وغير مبرر،  فالحي يعتبر في حالة هدنة، وعلى طريق الحل النهائي.

وفتحت قوات النظام النار عبر رشاشات الشيلكا والأسطوانات وقذائف الدبابات، مساء الأحد، ومن دون سابق إنذار، من أكثر من جبهة على الحي الذي يضم قرابة 100 ألف مدني يعيشون حصاراً مطبقاً منذ أكثر من  ثلاثة شهور. ولم تكن هناك أي مؤشرات لاحتمال عودة الأعمال العسكرية إلى الحي، على الرغم من التحريض على الحي من مؤيدين للنظام في أحياء حمص العلوية، بعد الهجوم الذي قامت به الفصائل الإسلامية على قرية الزارة العلوية منذ حوالى أسبوع.

وكانت المعارضة في الحي قد قطعت شوطاً طويلاً في التفاوض مع النظام، وتمّ الاتفاق على مرحلة أولى تتضمن خروج 300 عنصر مسلح ومن يشاء من السكان نحو مدينة إدلب وريف حمص الشمالي، وفي المقابل سيسمح النظام بعودة الحياة الطبيعية للحي ودخول المواد الغذائية والأدوية وخروج وعودة الأهالي من الحي، وتسوية أمنية لأوضاع من بقي من سكانه، على ألا يتعرض النظام لأي شخص مطلوب من الحي. على أن تتبع المرحلة الأولى مرحلة ثانية تشمل إطلاق سراح معتقلي حمص، وتسوية أوضاعهم، وانهاء وضع المفقودين، وإحالة المتهمين إلى القضاء بدلاً من التوقيف العرفي، وفي المقابل تدخل قوات أمنية تابعة للنظام إلى الحي لتؤمن عودة الحياة لمؤسسات الدولة ودار القضاء. وتم الاتفاق بإشراف الأمم المتحدة وفريق المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، لضمان تطبيق الاتفاق.

النظام وعلى عادته، خرق الاتفاق، ورفض إكمال الهدنة ورفض النقاش في ملف المعتقلين، وطلب تسليم سلاح من بقي من المعارضة المسلحة في الحي.

ويشير الكثيرون إلى أن سبب تمرد النظام على الاتفاق، يعود إلى ضعف "الهيئة المفاوضة" المعارضة، واتهام بعض أعضائها بالعمالة للنظام وعدم شفافيتهم مع سكان الحي، وعدم الاكتراث لمشاكلهم وتحييدهم عن تفاصيل التفاوض. ويتولى أمر التفاوض أعضاء من "المحكمة الشرعية" التي يقودها رجل الدين المتشدد حامد عسكر، الذي يتحكم بمفاصل الحياة في الحي مع قادة الكتائب المسلحة الموالية له.

المواد الأساسية من طحين وبرغل وقمح وأرز اختفت من البيوت منذ ثلاثة شهور، واختفى معها حليب الأطفال والأدوية الضرورية للأمراض المزمنة كالسكر والضغط والقلب وأمراض السرطان، واختفت مضادات الالتهاب والأدوية بكافة أشكالها، وباتت النقاط الطبية في الحي لا تمتلك حقن "سيرنغات" وصارت تستعمل أبر "السيروم" بدلاً عنها. ووصل سعر كيلو الطحين في الحي إلى 2000 ليرة وربطة الخبز إلى 1500 ليرة. وبلغ سعر لتر المازوت إلى 2000 ليرة. ووصل التضخم حداً خطيراً، وقد أشار نشطاء إلى ضرورة عدم تحويل حملات التضامن مع الحي، إلى حملات لجمع تبرعات مالية لأن الأمر سيزيد من حجم التضخم، وسيضخ مزيداً من الأموال في جيوب تجار العملة وتجار الأزمات، وأن يقتصر الأمر على إدخال المساعدات الغذائية إلى الحي.

وقد خرج الأهالي في ظل الحصار الخانق بمظاهرات منددة بـ"الهيئة الشرعية" وطالبوا بعد صلاة الجمعة، من "المحكمة الشرعية" بأن يتم البت في أمر السلاح الموجود في الحي، فإما أن يذهب المقاتلون إلى الجبهات بدلاً عن تواجدهم غير المبرر في الحي وسلوكهم مسالك التشبيح على السكان، وإما أن يتنازل المسلحون عن سلاحهم للأهالي ليقاتلوا بدل انتظارهم الموت المحتم من الجوع، ويلاقوا مصير من مات في حمص المحاصرة أو مضايا والزبداني.

وفي السياق، نفذت مجموعة من النشطاء إضراباً عن الطعام في ريف حمص الشمالي المحرر، وفي بعض المدن المتفرقة حول العالم تضامناً مع حي الوعر وكافة المدن المحاصرة في سوريا، مطالبين بفك الحصار عنها والكف عن استخدام سلاح التجويع ضد المدنيين، آملين أن تجد دعوتهم هذه صدى لدى العالم.

ويضجُّ ريف حمص الشمالي، اليوم، بالدعوات لفتح المزيد من الجبهات للضغط على النظام من جديد بخصوص ملف حي الوعر، غير أن تجربة قرية الزارة و"حرب نفسه" أثبتت أن النظام غير معني بأية ضغوط.

وقد يتطور الوضع في الريف الشمالي خلال الأيام القادمة في ظل التصعيد العسكري، الذي صار يسبق بدء أي عملية سياسية. وينتظر السوريون صيفاً شديد العنف كما تظهر الإشارات القادمة من حلب وداريا ودوما وإدلب، ولن يكون حال الريف الشمالي الحمصي بعيداً عن هذه الحملات العسكرية التصعيدية الخطيرة وغير المسبوقة لتعزيز موقف النظام في المفاوضات السياسية وفي الجبهات على الأرض.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها